وكشف نائب رئيس الوزراء التركي، بكير بوزداغ، عدداً من التهم التي يواجهها النواب منها؛ 216 قضية بدعم الإرهاب والتي توجه بمعظمها إلى نواب "الشعوب الديمقراطي" لمواقفهم المؤيدة لحزب "العمال الكردستاني" الذي تصنّفه تركيا منظمة إرهابية، و201 قضية بتهمة التشهير، و11 تهمة اعتداء، و38 مخالفات وظيفية، و6 تهم بالخداع، و18 تهمة بالتهديد، و11 تهمة انتهاك خصوصية. ويضاف إليها 55 تهمة بارتكاب جرائم أو التشجيع عليها، و54 بنشر الكراهية والعداء، و119 بمخالفة قانون التظاهر، و11 مخالفة لقانون الانتخابات، و3 مخالفات لقانون النظام للأحزاب السياسية، و13 تهمة بالافتراء، وغيرها.
ولم يشارك في التصويت ثلاثة من نواب "العدالة والتنمية"، وهم كل من رئيس مجلس النواب التركي، إسماعيل كهرمان ونائبَيه، و7 من نواب "الشعوب الديمقراطي"، و4 من نواب "الشعب الجمهوري"، بينما شارك جميع نواب "الحركة القومية". ووافق 350 نائباً على المادة الأولى من التعديل، في حين رفضها 148 نائباً، وامتنع خمسة عن التصويت. ووضع 25 نائباً أوراقاً بيضاء، وبالتالي شارك 530 نائباً في التصويت من أصل 550. أما المادة الثانية، وافق عليها 357 نائباً، ورفضها 149، بينما وضع 17 منهم أوراقاً بيضاء، وامتنع ستة نواب عن التصويت، وبالتالي شارك في التصويت 529.
وعلى الرغم من تأكيد جميع الأحزاب البرلمانية باستثناء "الشعوب الديمقراطي" أنها ستصوّت لصالح تمرير التعديلات الدستورية، يبدو أن نواب "الشعب الجمهوري" هم من سيحددون مصير هذه التعديلات، إذ تشير نتائج جولة التصويت الأولى إلى قيام نسبة كبيرة من نواب "الشعب الجمهوري" برفض التعديلات. وبما أن نواب "الشعوب الديمقراطي" لا يتجاوز عددهم 59 نائباً، فإن باقي الأصوات الرافضة (150 صوتاً) كانت من "الشعب الجمهوري". في حين بدت غالبية النواب الذين امتنعوا عن التصويت أو صوتوا بأوراق فارغة من "العدالة والتنمية" الذين يعارضون هذه التعديلات أو ممن يتأثرون بها.
ولا يبدو أن نتائج التصويت الثاني، يوم الجمعة المقبل، ستكون مختلفة عن نتائج أول من أمس. ويستبعد مراقبون أن تحوز التعديلات المقترحة أكثر من 367 لتجنب الاستفتاء الشعبي، بل غالباً ما ستحوز موافقة 330 إلى 367 عضواً في البرلمان. ويعني هذا الأمر أن الحسم يعود لرئاسة الجمهورية، إما بإعادته إلى البرلمان لمناقشته أو تحويله إلى الاستفتاء الشعبي، ويبدو أن الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان أكثر ميلاً للخيار الثاني، وفقاً لمراقبين.
وعلى الرغم من أن "الشعوب الديمقراطي" تقدم بعد الانتخابات البرلمانية الأولى، في يونيو/حزيران الماضي، بطلب لمجلس النواب لرفع الحصانة عن جميع نوابه، عاد ورفض هذه التعديلات عندما تحركت الحكومة لإقرارها. واتهم النائب عن "الشعوب الديمقراطي"، مدحت سنجار، منذ يومين، الحكومة بالعمل على انقلاب ضد المؤسسات الدستورية، قائلاً: "إن القضية الحقيقية لا تكمن في رفع الحصانة. فهذه التعديلات مخالفة للدستور، ورفع الحصانة كان الأسلوب المفضّل لأنظمة الانقلابات العسكرية"، في إشارة إلى رفع الحصانة في التسعينيات عن نواب الجناح السياسي لـ"العمال الكردستاني" ومحاكمتهم.
وتم نزع الحصانة عن 40 نائباً في تاريخ الجمهورية التركية، كان أولها عام 1928، عندما رُفعت الحصانة عن النائب، علي جناني بيك، بتهمة الفساد. وهناك عدد من النواب تم رفع الحصانة عنهم لأسباب لها علاقة بالموقف السياسي، وبالذات النواب اليساريين والإسلاميين، ومنهم الكاتب المعروف، النائب عن حزب العمال التركي اليساري، جيتين ألتان، الذي رفعت الحصانة عنه في الستينيات، بتهمة "الترويج للفكر الشيوعي". كما رُفعت الحصانة عن النائب عن حزب الرفاه الإسلامي، حسن مزارجي، لشتمه مؤسس الجمهورية التركية، مصطفى كمال أتاتورك، وسُجن، وتعرّض للتعذيب إلى أن فقد عقله.
ومنذ تأسيس حزب "العمال الكردستاني" في نهاية السبعينيات، تعرّض 7 من نواب "الشعوب الديمقراطي" لرفع الحصانة عنهم عام 1994، بتهمة الخيانة والدعوة إلى تقسيم الجمهورية التركية، وهم؛ النائب السابق خطيب دجلة، ورئيس بلدية ماردين الحالي، أحمد تورك، والنائب أورهان دوغان (متوفي)، والنائب محمود ألماك، ورئيس بلدية أغر الحالي، سري ساكك (نائب لمرة أخرى بعد رفع الحصانة عنه)، وليلى زانا (انتُخبت مرة ثانية بعد رفع الحصانة عنها). وعُرفت قضية زانا بـ"حادثة القسم" عندما أصرّت على القسم باللغة الكردية، لتتم محاكمة هؤلاء جميعهم، وسجنهم لمدة عشر سنوات، بينما تمت محاكمة العديد من نواب "الديمقراطي" بعد عدم تمكنهم من الحفاظ على مقاعدهم البرلمانية والنجاح في الانتخابات بتهم عديدة أهمها؛ الترويج للإرهاب، في إشارة إلى "العمال الكردستاني".