رحّب رؤساء لجان ونواب في البرلمان المصري، بالزيارة الأولى لوزير الخارجية سامح شكري إلى القدس المحتلة منذ تسع سنوات، مؤيدين خطوات التطبيع التي تنتهجها حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي مع الكيان الصهيوني، ومهاجمين في الوقت ذاته فصائل المقاومة الفلسطينية.
ووصل شكري، صباح اليوم الأحد، إلى القدس المحتلة، في أول زيارة من نوعها لوزير مصري، بعد ثورة 25 يناير 2011، والتقى خلالها برئيس الوزراء اﻹسرائيلي، بنيامين نتنياهو، العائد لتوه من رحلة أفريقية، تضمنت عدداً من بلاد منابع النيل.
وقال رئيس لجنة الشؤون العربية في مجلس النواب المصري، سعد الجمال، إن: "زيارة وزير الخارجية سامح شكري إلى القدس المحتلة ما هي إلا تفعيل لنداء الرئيس عبد الفتاح السيسي لإحياء عملية السلام بناء على قيام الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية، اتصالا بالمبادرتين الفرنسية والعربية لتحقيق السلام مقابل الأرض، والعودة إلى حدود 1967".
وأضاف الجمال، في تصريحات لمحرري البرلمان، الأحد، أن مجلس النواب يرحب بالزيارة، ويؤيد الحوار الجاد، لأنه سيؤدي إلى "انعدام وجود فصائل المقاومة الفلسطينية، التي ظهرت من أجل تقرير المصير، وتحرير الأرض منذ عام 1948، إلا أن بعضها انحرف عن أهدافه، واستخدم العنف كأداة لتمزيق الأوطان"، على حد وصفه.
وتابع الجمال، وهو رئيس ائتلاف الأغلبية المسمى "دعم مصر"، أن من أهداف مبادرة السيسي حول السلام الدافئ "حل مشكلة الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية، ووقف بناء المستوطنات"، معتبرا أن تحقيق السلام في الشرق الأوسط "سيعمل على تحقيق السلام العالمي، والوصول إلى الأمن والاستقرار في المنطقة العربية".
بدوره، قال رئيس لجنة الدفاع والأمن القومي، كمال عامر، إن مصر تربطها بإسرائيل اتفاقية سلام منذ عام 1978، والفترة الأخيرة تشهد حالة من بناء ثقة بين البلدين، مضيفا "من الطبيعي وفقا للاتفاقية بين البلدين أن تكون هناك زيارات متبادلة للتنسيق الدبلوماسي في العديد من القضايا المشتركة"، حسب قوله.
وأشار عامر، وهو مدير سابق للمخابرات الحربية، إلى أن الزيارة تأتي تنفيذا لتوجيهات الرئيس السيسي، لإحياء عملية السلام، باعتبارها الشغل الشاغل لمصر، مدافعا عن حق إسرائيل في الخروج من عزلتها، بكونها دولة مؤثرة في المنطقة، من خلال زيارات متعددة وطدت علاقاتها بدول أفريقيا.
وزعم عامر أن سعي إسرائيل لتحقيق أهدافها الأمنية والاقتصادية في أفريقيا، ومد خطوط المياه إليها "لن يؤثر إطلاقا على مصر"، نافيا أن تكون الزيارات الإسرائيلية المتكررة إلى أفريقيا "الهدف منها ضرب مصر في عمقها الأفريقي"، لأن ما يحكم علاقات الدول هو المصلحة، وكل دولة تسعى إلى تحقيق مصالحها كما ترى.
وأيد حديث الأخير، عضو لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان، الباحث عماد جاد، قائلا إن زيارة وزير الخارجية إلى إسرائيل "لا تُصدر أي أزمة إلى مجلس النواب، الذي يؤيد أهدافها، ومن أهمها توسيع أطر العلاقات المتبادلة، خاصة عقب الزيارة الناجحة لرئيس الوزراء الإسرائيلي لعدد من الدول الأفريقية مؤخرا".
وأضاف جاد، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه "لا مجال للحديث عن التطبيع في ظل الوقت الراهن، وخطر الإرهاب الذي يحيط بمصر من كل جانب"، مشيرا إلى أن العلاقات المصرية الإسرائيلية تمر بأفضل حالاتها، وهناك تعاون في مجالات شتى منها: التبادل الأمني، واستيراد الغاز، والبذور الزراعية.
إلى ذلك، قالت النائبة أنيسة حسونة، إن لجنة العلاقات الخارجية طلبت حضور وزير الخارجية إلى اجتماعها تحت القبة، الأسبوع المقبل، لبحث ملفات هامة، أبرزها: كواليس زيارة القدس المحتلة، وأهدافها، والتصعيد الإيطالي بوقف توريد قطع الغيار العسكرية إلى القاهرة، على خلفية قضية مقتل الطالب جوليو ريجيني.
إلا أن النائب مصطفى بكري، أفاد بأن "البرلمان تفاجأ بزيارة وزير الخارجية إلى إسرائيل، وأنه كان يتوجب على الحكومة إخطار مجلس النواب بموعدها، وتفاصيل الأجندة المطروحة"، مستدركا أن الزيارة الخاطفة وراءها "متابعة تطورات زيارة نتنياهو إلى دول حوض النيل، وتفعيل المبادرة المصرية بشأن حل القضية الفلسطينية".
وكانت الخارجية المصرية قد أعلنت، في بيان لها، أن الزيارة "تستهدف توجيه دفعة لعملية السلام الفلسطينية الإسرائيلية، والتوصل إلى حلّ شامل وعادل، يحقق إنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة، والسلام والأمن لإسرائيل، إضافة إلى مناقشة عدد من الملفات المتعلقة بالجوانب السياسية في العلاقات الثنائية، والأوضاع الإقليمية".
الجدير بالذكر، أن مجلس النواب أسقط عضوية الإعلامي توفيق عكاشة، بالمخالفة لنصوص اللائحة المنظمة والدستور، مطلع مارس الماضي، استنادا إلى تطبيعه مع الكيان الصهيوني، واستضافته السفير الإسرائيلى في منزله، وعلت آنذاك أصوات النواب الرافضين للتطبيع تحت القبة، واختفت أصواتهم تزامنا مع زيارة وزير الخارجية.