وتقول مصادر الدفاع المدني في دركوش لـ"العربي الجديد" إن فرق الدفاع المدني هرعت بعد الظهر إلى منطقتي الكورنيش والحريري الواقعتين وسط البلدة، حيث سقط صاروخان على مناطق سكنية مكتظة بالمدنيين ما خلف عشرات القتلى والجرحى. وتشير مصادر "العربي الجديد" إلى أن ضحايا الغارات على دركوش كانوا في غالبيتهم من النازحين إلى البلدة من مختلف مناطق ريف إدلب وحلب التي تعرضت في وقت سابق لقصف عنيف أدى لتهجير السكان.
في حلب، وبعد سلسلة من الهجمات المتكررة لقوات المعارضة التي وصلتها مؤازرات عدة، تمكنت من استعادة نقاط تقدمت إليها قوات النظام في هجومها الأخير، وأهمها كتلة جامع الملاح التي تبعد أقل من 1400 متر عن طريق الكاستيلو، ما جعل قوات النظام قادرة على قطع هذا الطريق بنيران المدافع الرشاشة التي نصبتها على هذا الموقع المرتفع والحاكم للطريق الاستراتيجي.
وتواصلت الاشتباكات بين المعارضة وقوات النظام المدعومة بمليشيات أجنبية في منطقة الملاح بريف حلب الشمالي، في إطار محاولات المعارضة استعادة المواقع التي خسرتها في المنطقة، وذلك وسط كثافة ملحوظة في الغارات الجوية من جانب طائرات النظام والطائرات الروسية بالتزامن مع قصف صاروخي ومدفعي. ويقول ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي إن القصف الجوي استهدف منطقة الملاح وبلدة كفر حمرة شمالي حلب التي سقط فيها قتلى وجرحى. فيما ألقيت براميل متفجرة على منطقة خان طومان بريف حلب الجنوبي. كما قصفت الطائرات عن طريق الخطأ مواقع لقوات النظام على جبهة الملاح، وفق هؤلاء الناشطين.
كما تتعرض فصائل المعارضة في المنطقة لضغط عسكري متزامن من قوات "سورية الديمقراطية" ذات الغالبية الكردية، والتي شنّت، أمس الجمعة، هجوماً واسعاً، حاولت من خلاله التقدم والسيطرة على مواقع للمعارضة في طريق الكاستيلو من جهة حي الشيخ مقصود، شمالي مدينة حلب. ودارت اشتباكات عنيفة بين الجانبين على أطراف الحي أسفرت عن سقوط قتلى وجرحى في صفوف المهاجمين، وفق ما أعلنت المعارضة السورية.
ويعتبر طريق الكاستيلو المنفذ الأخير الواصل بين مدينة حلب وريفها الشمالي، وإذا تواصل قطعه لفترة طويلة فإن ذلك يضع مدينة حلب تحت الحصار، على غرار حمص من قبل، والغوطة الشرقية. ويقول الناشط عمر الحلبي لـ"العربي الجديد" إن "طريق الكاستيلو مغلق الآن، وانعدمت الحركة عليه بسبب استهدافه بالنيران الأرضية والطائرات الحربية، وإن شوهدت حركة بسيطة خلال الليل". ويوضح أن جميع الفصائل أرسلت تعزيزات، في محاولة لاستعادة المواقع التي سيطرت عليها قوات النظام، لكن لم يحدث أي اختراق كبير حتى الآن، بسبب كثافة الغارات الجوية التي لم تنقطع حتى خلال الليل.
غير أن المحلل العسكري العميد أحمد رحال يقول، لـ"العربي الجديد"، إن مقاتلي المعارضة حققوا تقدماً، أمس الجمعة، واستعادوا نقطة جديدة من قوات النظام التي لم يتبقّ بيدها سوى نقطة واحدة وهي كتلة جامع الملاح. ويوضح رحال أن فصائل المعارضة حققت تقدماً آخر في جنوب المدينة بعدما فتحت معركة الراموسة، الأمر الذي يمكنها من فتح طريق إمداد إضافي لحلب، يمر عبر خان طومان، والخالدية، والراموسة، والشيخ سعد، وهو ما يؤثر في الوقت نفسه على إمدادات النظام الآتية من خناصر. ويؤكد الحلبي أنّ فصائل المعارضة شنت هجوماً على طريق الراموسة في المحور الجنوبي لحلب، ما أدى إلى قطع الطريق لبعض الوقت.
وطريق الراموسة هو الشريان الوحيد المغذّي لقوات النظام في الأحياء الغربية من حلب، إذ يعدّ امتداداً للطريق الواصل من منطقة خناصر وحتى مناطق سيطرة النظام في ريف حلب الجنوبي الشرقي. ويؤكد رحال أن تقدم قوات النظام على هذه الجبهة جاء إثر حملة جوية شرسة شارك فيها طيران النظام والطيران الروسي، وشملت 300 غارة جوية خلال 18 ساعة، إذ أغارت 93 طائرة عسكرية روسية وسورية على مدينة حلب خلال اليوم الثاني من أيام عيد الفطر وحده.
ويمتد طريق الكاستيلو الحيوي من دوار الجندول في مدخل حلب الشمالي باتجاه منطقة الشقيف الصناعية التي تسيطر عليها المعارضة، وصولاً إلى منطقة الليرمون التي تسيطر عليها المعارضة أيضاً، ومن ثم بلدة حريتان شمال حلب، ومنها إلى باقي مناطق سيطرة المعارضة في أرياف حلب الشمالية والغربية، وفي ريف إدلب الشمالي. ويبلغ طول الطريق نحو ثلاثة عشر كيلومتراً، وتسعى قوات النظام للسيطرة عليه منذ أشهر عدة. وظل الطريق يشهد حركة نشطة خلال النهار خصوصاً بالنسبة للشاحنات التي تنقل البضائع، بينما تشرف حواجز المعارضة على الطريق أمنياً.
ودخل طريق الكاستيلو، أخيراً، في حسابات الصراع العسكري بين الأطراف المتحاربة في حلب، ما جعله عرضة للاستهداف تارة، والتهديد بالقطع وحصار المدينة تارة أخرى. وبدأت الطائرات الروسية، منذ 25 يونيو/ حزيران الماضي، حملة قصف عنيف وغير مسبوق على مناطق سيطرة المعارضة في ضواحي الملاح وحندرات شمال حلب، وفي بلدات ومدن كفرحمرة، وحريتان، وحيان، وعندان، وبيانون، ومعارة الارتيق، وأورم الكبرى. وشمل القصف استخدام القنابل، والصواريخ الفراغية، بالإضافة إلى استخدام أسلحة محرمة دولياً، وفي مقدمتها القنابل العنقودية والفوسفورية. وهدفت هذه العمليات التي تعد استكمالاً لهجوم واسع نفذته قوات النظام في فبراير/ شباط الماضي، إلى قطع طريق الكاستيلو ومحاصرة الأحياء الشرقية للمدينة بالكامل، بعدما حققت، بدعم روسي، اختراقاً في جنوب حلب بداية فبراير/ شباط.
من جهة أخرى، يرى مراقبون أنه حتى لو تمكنت قوات النظام من إحكام سيطرتها على طريق الكاستيلو، فإنه يمكن للمدينة الصمود لأشهر وسنوات، لأن المعارضة تسيطر على ثلثي مدينة حلب ولديها مخزونات كبيرة من الأسلحة، وكذلك من المواد الغذائية. فيما بادر المجلس المحلي في مدينة حلب، في وقت سابق، إلى زراعة المساحات الفارغة في أحياء المدينة، خوفاً من حصار قد يطاولها. كما أن المعارضة في أرياف المدينة، وفقاً للمراقبين، تتمتع بوضع عسكري جيد على الرغم من الغارات الجوية اليومية التي تستهدفها يومياً، خصوصاً في الريفين الجنوبي والشمالي، وهي لن تترك النظام يواصل حصاره على المدينة، وستخوض معه معارك استنزاف يومية، خصوصاً في الريف الجنوبي، مشيرين إلى أن هذا التحرك بدأ فعلاً من خلال فتح معركة الراموسة.