سقطت الصواريخ على حلب مرة جديدة، من طائرات البعث أو حلفائه الروس أو التحالف الدولي لمواجهة "داعش". ولم يعد مصدر هذه الصواريخ مهماً على اعتبار أنّ المشهد بات متكرراً وتورّط تلك المقاتلات، المتعددة الجنسية والعنوان، بقتل المدنيين أصبح موثقاً. والتوثيق الأهم يمكن أن يكون لبعض مواقف المسؤولين الدوليين، في الشرق والغرب، الذين يكشفون أنّ تمويل الحرب في سورية سيستمرّ. فأكد مساعد الرئيس الأميركي، منسق البيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والخليج روبرت مالي، أنّ بلاده "مستعدة لاتخاذ خطوات تؤدي لإطالة أمد النزاع في سورية، في حال فشل التعاون القائم مع روسيا من أجل تحقيق أهداف مشتركة"، مع تأكيد المسؤول نفسه على "وجود أسباب كثيرة تبعث الشك في إمكانية نجاح هذه المساعي".
جاء كلام مالي في مقابلة نشرتها مجلة "فورين بوليسي" قبل أيام، ليؤكد الواقع المؤكد القائل إنّ لا حدود زمنية للنزاع في سورية، ولا رغبات واضحة لإيقاف تمويل ذلك الصراع أو حصره وإبعاده عن المدنيين. لا بل إنّ حديث مولي يقول أكثر من ذلك: قد تتحوّل المساعي الدولية من محاولة التوصل إلى حل إلى مساع جدية لـ"إطالة أمد النزاع". لتستمرّ بذلك المأساة السورية تحت عناوين "المقاومة والممانعة" من جهة و"مواجهة الإرهاب" من جهة أخرى. في حين باتت الشعارات الأساسية لثورة الشعب السوري، التي على أساسها انطلق حراك درعا ودمشق وإدلب وحلب، في أدراج التوثيق أيضاً بدءاً من "الحرية" إلى "الديمقراطية" والتخلّص من حكم الحزب والواحد واستبداد البعث.
ويوضح كل ذلك أنّ مشهد الطفل عمران دقنيش لن يكون الأخير، تماماً كما لم تكن صورة الطفل عيلان الكردي هي الأخيرة. وتماماً أيضاً، كما لم تكن صورة الطفل حمزة الخطيب هي الأولى، لطفل سوري معذّب ويدفع الأثمان عن أمة بكاملها.