أكد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، اليوم الأربعاء، أنّ بلاده ستلغي الاتفاقية التي وقّعتها مع الاتحاد الأوروبي في مارس/آذار الماضي؛ في حال لم يلتزم الاتحاد بإلغاء تأشيرة الدخول للمواطنين الأتراك إلى دول الاتحاد في أكتوبر/تشرين الأول القادم، موجّها انتقادات شديدة لمسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد، فيدريكا موغيريني، بسبب تصريحاتها المتعلقة بالمحاولة الانقلابية الفاشلة التي حصلت في تركيا، منتصف يوليو/تموز الماضي.
وفي الحوار الذي أجراه، مساء أمس، مع قناة "راي نيوز 24" الإيطالية؛ انتقد أردوغان تصريحات موغيريني حول "ضرورة الحفاظ على سيادة القانون في تركيا"، قائلاً: "عندما تقع هجمات إرهابية في بلجيكا أو باريس ويقتل من جرائها 5 أو 10 أشخاص؛ ترى الجميع يهرعون إلى هناك، أليس كذلك؟".
وتابع: "أما تركيا؛ فقد شهدت انقلابًا عسكريًا ضد الديمقراطية استشهد على إثره 238 شخصًا؛ لكن، للأسف، لم يأت إلينا حتى الآن أي من مسؤولي الاتحاد أو المجلس الأوروبي. فليأتوا ليروا ما الذي حل بالبرلمان".
وأضاف: "أتساءل كيف ستكون ردة فعل موغيريني فيما لو تعرض برلمان بلادلها إيطاليا للقصف؟"، داعياً المسؤولة الإيطاليّة إلى أن تضع نفسها مكان المسؤولين والشعب في تركيا، قبل أن "تدلي بمثل هذه التصريحات"، مضيفاً: "كان حريًا بالسيدة موغيريني قبل كل شيء، ألا تتحدث من خارج تركيّا، قبل أن تزورها وتطّلع على الوضع عن كثب".
كما انتقد أردوغان المواقف الغربية قائلاً: "هل الغرب يقف فعلًا إلى جانب الديمقراطية؟ أنا، واستنادًا إلى تصريحاتهم، أرى أنهم يقفون إلى جانب الانقلاب"، لافتًا إلى أنّ رئيس المجلس الأوروبي، دونالد توسك، سيجري خلال الأيام المقبلة زيارة إلى تركيا.
وذكَّر أردوغان بمنع السلطات الألمانية، السبت الماضي، تواصله مع متظاهرين مندّدين بمحاولة الانقلاب في مدينة "كولن" الألمانية عبر دائرة تلفزيونية مغلقة، قائلًا: "لقد وضعت السلطات هناك مجموعة من الصعوبات أمام اللجنة المنظمة لتلك التظاهرة، التي سيّرت لتأييد الديمقراطية ونبذ العنف، في الوقت الذي سمحت فيه بتظاهرة لتنظيم حزب العمال الكردستاني (بي كي كي)، المصنّف أوروبيًا كتنظيم إرهابي.
وتساءل: "المحكمة العليا في تلك المقاطعة منعت رئيس جمهورية تركيا من إلقاء خطاب أمام ذلك الحشد، كيف يمكن للمسؤولين الألمان، أو القضاء الألماني، اللذين يدّعيان أنهما سلطات في دولة قانون ديمقراطية؛ أن يوضحوا أسباب ذلك الإجراء؟".
وشبّه أردوغان حركة الخدمة بزعامة فتح الله غولن، أو تنظيم "الكيان الموازي"، كما تطلق عليه الحكومة التركية؛ بأحد المحافل الماسونية المتّهمة بالتغلغل في الدولة الإيطالية، وارتكاب جرائم جنائيّة، قائلاً "إن الذين يتحدثون حول هذا التنظيم لا يعرفون طبيعته بعد؛ هذا التنظيم، الذي يستتر بالدين، يشبه محفل (بي 2) في إيطاليا".
وفيما يتعلق بعقوبة الإعدام؛ أجاب أردوغان على سؤال عدم احتمال عدم دخول تركيا في الاتحاد الأوروبي إذا أعادت تلك العقوبة بالقول: "ثمّة كثير من الدول لا تزال تعمل بعقوبة الإعدام خارج الاتحاد الأوروبي، مثل الولايات المتحدة الأميركية، واليابان، والصين، والهند، وإيران، وباكستان، والمملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، والكويت".
وأوضح أنّ "تركيا حاليّاً لا تعمل بعقوبة الإعدام؛ وما قلناه نحن بأن تلك العقوبة قد تطبق فيما لو جاء طلب من الشعب بضرورة تطبيقها، واستطلاعات الرأي التي أجرتها بعض الشركات تشير إلى أن 75 في المائة من الشعب تؤيد تطبيق تلك العقوبة".
وردًا على سؤاله فيما لو كانت شعوب البلدان التي تطبق عقوبة الإعدام تحظى بحياة سعيدة؛ قال: "أعتقد أن أميركا أكثر أمانًا من إيطاليا، ومستوى المعيشة في اليابان أفضل من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي".
وحول إعادة زعيم تنظيم الكيان الموازي، فتح الله غولن، إلى تركيا، قال أردوغان: "أرسلنا إلى الولايات المتحدة ملفات إلكترونية حول القضية، وهناك ملفات تم إرسالها قبل محاولة الانقلاب وبعدها، وعقب أن ينجز القضاء بعض الملفات المتعلقة بالمسألة؛ سيذهب وزير الخارجية، مولود جاويش أوغلو، ووزير العدل، بكر بوزداغ، على رأس وفد إلى أميركا ليشرحوا لهم الموضوع بالأدلة والوثائق والمقاطع المسجلة".
وأعرب الرئيس التركي عن أمله في أن تتّخذ الولايات المتحدة خطوةً إيجابية تجاه تركيا من خلال تسليم غولن، ليمثل أمام العدالة التركية، مشيراً إلى أنه في حال عدم تسليمها غولن إلى تركيا؛ فإن العلاقات القائمة بين البلدين على أسس محدّدة ستستمر، غير أنّ هذا القرار "سيتسبّب في جرح كبير لتركيا"، على حدّ وصفه.