يعتقد وزير الشؤون السياسية والبرلمانية الأردني، موسى المعايطة، أن نتائج قانون الانتخاب الذي يعتمد نظام القوائم النسبية، والذي يطبق للمرة الأولى في الانتخابات النيابية المقررة في 20 سبتمبر/أيلول الجاري، لن تظهر مباشرة في المجلس المقبل، مشدداً على أن القانون خطوة على طريق تشكيل حكومات برلمانية تبقى مرهونة بوجود حياة حزبية قوية تشكل أغلبية برلمانية. المعايطة، وفي مقابلة مع "العربي الجديد"، يتوقع ضعف المشاركة الحزبية في الانتخابات المقبلة، لكنه يعبر عن قناعته بأن المشاركة ستتطور في المرات اللاحقة عندما يؤمن الفاعلون في العمل بضرورة العمل الجماعي، كاشفاً عن توجه حكومي بعد عملية الاقتراع، يقوم على اللقاء مع الأحزاب الفاعلة الممثلة في البرلمان.
بلغت نسبة المرشحين الحزبيين في الانتخابات النيابية 18 بالمائة من مجموع المرشحين، أليست نسبة متواضعة في ظل قانون النسبية الذي يحفز المشاركة الحزبية؟
واضح أن نسبة مشاركة الأحزاب في هذه الانتخابات أكثر من أي انتخابات سابقة. لكنها نسبة غير كافية وغير مرضية، وذلك يعود إلى أن قانون القوائم النسبية يطبق للمرة الأولى بعد قرابة 25 سنة من سيطرة قانون "الصوت الواحد" الذي أثّر على فعالية الأحزاب الانتخابية. أعتقد أن المشاركة الحزبية في المرات المقبلة ستكون أفضل. وتأثير ونتائج هذا القانون سنراها مباشرة بعد الانتخابات، عندما سيبحث الفاعلون بالعمل السياسي، ممن يملكون الطموح، عن تنظيم أنفسهم في عمل جماعي من خلال أحزاب سياسية قائمة أو تأسيس أحزاب جديدة. لم يحدث ذلك الآن مع التجربة الأولى للقانون لأسباب كثيرة من بينها عدم قناعتهم بأن الأحزاب تمثل رافعة لتحقيق طموحهم السياسي. هذه القضية لن تتكون بين يوم وليلة، هي متعلقة بثقافة مجتمع لم يستقر فيها العمل الحزبي بشكل أصيل، لكنها حتماً ستحدث وإن كان بشكل بطيء.
هل يحفز قانون الانتخاب على تغيير طويل الأمد باتجاه إنتاج ثقافة حزبية أصيلة؟
القانون عامل مهم، وليس الوحيد. الهدف المطلوب هو الانتقال بالثقافة من العمل الفردي إلى العمل الجماعي. حينها يمكن الوصول إلى حياة حزبية يكون لها دور فاعل في البرلمانات. إذا لم يصل المجتمع إلى قناعة بأن الحزب مؤسسة تنظيمية تعمل بشكل جماعي، لن يحدث شيئاً. على الناس الذين ينتقدون البرلمانات أن يدركوا أنهم من يختارون أعضاءها، وعليهم أن يفهموا أن العمل لا يزال فرديا. فالذنب ليس ذنب النائب بقدر الأسلوب. العمل الجماعي يمنح النائب قوة أكبر داخل البرلمان.
منذ الكشف عن مسودة قانون الانتخاب، وحتى بعد إقراره، سجلت أحزاب العديد من التحفظات على القانون من بينها عدم تضمينه عتبة حسم. هل لتلك التحفظات انعكاس على نسبة المشاركة الحزبية؟
عتبة الحسم توضع لمساعدة الأحزاب الكبيرة. في وضع مثل الأردن كل الأحزاب ليست متجذرة، وهنا أستغرب مطالبتهم بأمر ضد مصلحتهم. في العالم، توضع العتبة من أجل خدمة الأحزاب القوية. لدينا كثير من الأحزاب التي لا تزال في البداية وتأثيرها في الشارع لا يزال ضعيفاً. وعدم وجود نسبة حسم هي مساعدة للأحزاب حتى تتطور، وليست عائقاً أمام مشاركتهم. في المستقبل، لو تطورت الأحزاب من الممكن أن يصار إلى وضع عتبة حسم. في المحصلة، هذا القانون "صديق للأحزاب" وأنظمة الانتخاب معروفة في العالم. جميع الدول التي عملت من أجل تكوين حياة حزبية بدأت بالنسبية.
اقــرأ أيضاً
أكد الملك عبدالله الثاني، في أكثر من مناسبة أن هدف الإصلاح الوصول إلى حكومات برلمانية تشكلها الأغلبية النيابية. هل يمكن لقانون الانتخاب أن يساهم في تحقيق هذا الهدف؟
نتائج هذا القانون لن نراها مباشرة في المجلس المقبل. القانون خطوة على الطريق، لا أعتقد بإمكانية تشكيل حكومات برلمانية في المجلس الجديد أو حتى الذي يليه. نحن نضع القوانين من أجل الوصول إلى الهدف الذي لا يزال يحتاج إلى وقت. بدون وجود أحزاب وتكتلات سياسية في البرلمان، تشكل أغلبية نيابية، لا يمكن الحديث عن حكومة برلمانية، والأمر مرهون بتطور العمل الحزبي. نتمنى أن نصل إليها بسرعة.
تنعكس المواقف المتباينة للأحزاب الأردنية من القضايا الخارجية بشكل كبير على علاقاتها وتحالفاتها الداخلية. هل استمرار هذه الحالة أمر صحي؟
في الأردن، كانت الأحزاب، لا سيما تلك التي تمتلك توجهات إيديولوجية قومية أو يسارية، تختلف دائماً على القضايا الخارجية أكثر من القضايا الداخلية، وهو أمر لا يزال قائماً. وهذا شيء سلبي خصوصاً عندما تنعكس خلافاتها الخارجية على تحالفاتها تجاه القضايا الداخلية التي يوجد توافق كبير عليها. هناك بالضرورة موقف لكل حزب من كل القضايا الخارجية، لكن الأصل أن يوجد ما يوحدها في القضايا الداخلية وأن يتوافقوا على حد أدنى تجاه القضايا المشتركة داخلياً.
بالنظر إلى الشعارات الانتخابية التي تركز في غالبيتها على قضايا خدمية وليست سياسية، هل يمكن اعتبارها مؤشراً على شكل المجلس المقبل؟
الشعارات المرفوعة مرتبطة بشكل كبير بالواقع الداخلي، حتى ما يعتبره البعض شعارات خدمية كتحسين معيشة المواطنين ومحاربة البطالة تحمل مضامين سياسية مهمة. اللافت هو تراجع الشعارات السياسية الكبيرة المتصلة بالقضايا الوطنية والقومية. مثلاً الحديث عن القضية الفلسطينية كقضية، وإنْ كان حاضراً في الدعاية الانتخابية، فهو متراجع عما كان عليه في الماضي. في كثير من الدول كأميركا، العامل الداخلي يحدد مستقبل المرشحين أكثر من السياسية الخارجية. وقد يكون تعظيم الأولوية الداخلية في الشعارات لهذه الانتخابات ناتج عن حالة الإحباط التي خلفها الوضع الإقليمي.
في انتخابات سابقة كانت هناك أصوات مرتفعة تدعو للمقاطعة، قياساً بما هو اليوم. هل هذا مؤشر على تراجع أسباب المقاطعة؟
في الأساس أنا ضد المقاطعة. أسميها "حرد سياسي". الرجل السياسي دوره يتمثل بتغيير الواقع ولا يمكنه تحقيق ذلك إذا توقف عن العمل. من جرّب المقاطعة في المرات الماضية خسر. في النهاية يكون هناك برلمان منتخب، ويناقش القوانين ويراقب عمل الحكومة. والذي يبقى خارج البرلمان لن يكون له دور. لا يوجد أي مبرر سياسي للمقاطعة وكل القوى أعلنت مشاركتها، لكن يوجد استنكاف عن المشاركة لدى بعض الفئات الاجتماعية لأسباب متعددة، قد يكون لها علاقة بأداء مجلس النواب.
في الأردن 50 حزباً مرخصاً، و32 حزباً تحت الترخيص. كيف ستكون علاقة الحكومة مع الأحزاب بعد الانتخابات؟
أي حكومة لن تستطيع أن تجتمع بجميع الأحزاب القائمة. الحكومة ستجتمع مستقبلاً بالأحزاب البرلمانية. التوجه أن الحكومة ستتعامل مع الأحزاب المؤثرة وهي تلك الموجودة في البرلمان، دون التقليل من قيمة ودور أي حزب.
اقــرأ أيضاً
بلغت نسبة المرشحين الحزبيين في الانتخابات النيابية 18 بالمائة من مجموع المرشحين، أليست نسبة متواضعة في ظل قانون النسبية الذي يحفز المشاركة الحزبية؟
واضح أن نسبة مشاركة الأحزاب في هذه الانتخابات أكثر من أي انتخابات سابقة. لكنها نسبة غير كافية وغير مرضية، وذلك يعود إلى أن قانون القوائم النسبية يطبق للمرة الأولى بعد قرابة 25 سنة من سيطرة قانون "الصوت الواحد" الذي أثّر على فعالية الأحزاب الانتخابية. أعتقد أن المشاركة الحزبية في المرات المقبلة ستكون أفضل. وتأثير ونتائج هذا القانون سنراها مباشرة بعد الانتخابات، عندما سيبحث الفاعلون بالعمل السياسي، ممن يملكون الطموح، عن تنظيم أنفسهم في عمل جماعي من خلال أحزاب سياسية قائمة أو تأسيس أحزاب جديدة. لم يحدث ذلك الآن مع التجربة الأولى للقانون لأسباب كثيرة من بينها عدم قناعتهم بأن الأحزاب تمثل رافعة لتحقيق طموحهم السياسي. هذه القضية لن تتكون بين يوم وليلة، هي متعلقة بثقافة مجتمع لم يستقر فيها العمل الحزبي بشكل أصيل، لكنها حتماً ستحدث وإن كان بشكل بطيء.
القانون عامل مهم، وليس الوحيد. الهدف المطلوب هو الانتقال بالثقافة من العمل الفردي إلى العمل الجماعي. حينها يمكن الوصول إلى حياة حزبية يكون لها دور فاعل في البرلمانات. إذا لم يصل المجتمع إلى قناعة بأن الحزب مؤسسة تنظيمية تعمل بشكل جماعي، لن يحدث شيئاً. على الناس الذين ينتقدون البرلمانات أن يدركوا أنهم من يختارون أعضاءها، وعليهم أن يفهموا أن العمل لا يزال فرديا. فالذنب ليس ذنب النائب بقدر الأسلوب. العمل الجماعي يمنح النائب قوة أكبر داخل البرلمان.
منذ الكشف عن مسودة قانون الانتخاب، وحتى بعد إقراره، سجلت أحزاب العديد من التحفظات على القانون من بينها عدم تضمينه عتبة حسم. هل لتلك التحفظات انعكاس على نسبة المشاركة الحزبية؟
عتبة الحسم توضع لمساعدة الأحزاب الكبيرة. في وضع مثل الأردن كل الأحزاب ليست متجذرة، وهنا أستغرب مطالبتهم بأمر ضد مصلحتهم. في العالم، توضع العتبة من أجل خدمة الأحزاب القوية. لدينا كثير من الأحزاب التي لا تزال في البداية وتأثيرها في الشارع لا يزال ضعيفاً. وعدم وجود نسبة حسم هي مساعدة للأحزاب حتى تتطور، وليست عائقاً أمام مشاركتهم. في المستقبل، لو تطورت الأحزاب من الممكن أن يصار إلى وضع عتبة حسم. في المحصلة، هذا القانون "صديق للأحزاب" وأنظمة الانتخاب معروفة في العالم. جميع الدول التي عملت من أجل تكوين حياة حزبية بدأت بالنسبية.
أكد الملك عبدالله الثاني، في أكثر من مناسبة أن هدف الإصلاح الوصول إلى حكومات برلمانية تشكلها الأغلبية النيابية. هل يمكن لقانون الانتخاب أن يساهم في تحقيق هذا الهدف؟
نتائج هذا القانون لن نراها مباشرة في المجلس المقبل. القانون خطوة على الطريق، لا أعتقد بإمكانية تشكيل حكومات برلمانية في المجلس الجديد أو حتى الذي يليه. نحن نضع القوانين من أجل الوصول إلى الهدف الذي لا يزال يحتاج إلى وقت. بدون وجود أحزاب وتكتلات سياسية في البرلمان، تشكل أغلبية نيابية، لا يمكن الحديث عن حكومة برلمانية، والأمر مرهون بتطور العمل الحزبي. نتمنى أن نصل إليها بسرعة.
تنعكس المواقف المتباينة للأحزاب الأردنية من القضايا الخارجية بشكل كبير على علاقاتها وتحالفاتها الداخلية. هل استمرار هذه الحالة أمر صحي؟
في الأردن، كانت الأحزاب، لا سيما تلك التي تمتلك توجهات إيديولوجية قومية أو يسارية، تختلف دائماً على القضايا الخارجية أكثر من القضايا الداخلية، وهو أمر لا يزال قائماً. وهذا شيء سلبي خصوصاً عندما تنعكس خلافاتها الخارجية على تحالفاتها تجاه القضايا الداخلية التي يوجد توافق كبير عليها. هناك بالضرورة موقف لكل حزب من كل القضايا الخارجية، لكن الأصل أن يوجد ما يوحدها في القضايا الداخلية وأن يتوافقوا على حد أدنى تجاه القضايا المشتركة داخلياً.
بالنظر إلى الشعارات الانتخابية التي تركز في غالبيتها على قضايا خدمية وليست سياسية، هل يمكن اعتبارها مؤشراً على شكل المجلس المقبل؟
الشعارات المرفوعة مرتبطة بشكل كبير بالواقع الداخلي، حتى ما يعتبره البعض شعارات خدمية كتحسين معيشة المواطنين ومحاربة البطالة تحمل مضامين سياسية مهمة. اللافت هو تراجع الشعارات السياسية الكبيرة المتصلة بالقضايا الوطنية والقومية. مثلاً الحديث عن القضية الفلسطينية كقضية، وإنْ كان حاضراً في الدعاية الانتخابية، فهو متراجع عما كان عليه في الماضي. في كثير من الدول كأميركا، العامل الداخلي يحدد مستقبل المرشحين أكثر من السياسية الخارجية. وقد يكون تعظيم الأولوية الداخلية في الشعارات لهذه الانتخابات ناتج عن حالة الإحباط التي خلفها الوضع الإقليمي.
في الأساس أنا ضد المقاطعة. أسميها "حرد سياسي". الرجل السياسي دوره يتمثل بتغيير الواقع ولا يمكنه تحقيق ذلك إذا توقف عن العمل. من جرّب المقاطعة في المرات الماضية خسر. في النهاية يكون هناك برلمان منتخب، ويناقش القوانين ويراقب عمل الحكومة. والذي يبقى خارج البرلمان لن يكون له دور. لا يوجد أي مبرر سياسي للمقاطعة وكل القوى أعلنت مشاركتها، لكن يوجد استنكاف عن المشاركة لدى بعض الفئات الاجتماعية لأسباب متعددة، قد يكون لها علاقة بأداء مجلس النواب.
في الأردن 50 حزباً مرخصاً، و32 حزباً تحت الترخيص. كيف ستكون علاقة الحكومة مع الأحزاب بعد الانتخابات؟
أي حكومة لن تستطيع أن تجتمع بجميع الأحزاب القائمة. الحكومة ستجتمع مستقبلاً بالأحزاب البرلمانية. التوجه أن الحكومة ستتعامل مع الأحزاب المؤثرة وهي تلك الموجودة في البرلمان، دون التقليل من قيمة ودور أي حزب.