أكد وزير الخارجية الفلسطيني رياض المالكي، اليوم الإثنين، أن مؤتمر باريس للسلام في الشرق الأوسط الذي أنهى أعماله أمس الأحد، "ترك لنا وثيقة تحتوي على ثلاثة عناصر رئيسة، تحتاج كل منها أسلوبا خاصا في المتابعة، مما يجعل الفترة القادمة مرحلة للعمل على ترجمة عناصر البيان في كيفية الاستفادة منها إلى أبعد الحدود لصالح القضية الفلسطينية، والبناء عليها في تطوير آليات عمل جديدة خلال العام الجاري 2017".
وقال المالكي، في تصريحات له، إن "العنصر الأول مرتبط بمبدأ حل الدولتين على اعتبار أنه العنوان الرئيس الجامع لموقف الإجماع الدولي، مما يعني أنه لا بد من اتخاذ خطوات عملية لتثبيت هذا المبدأ، حيث وضح البيان هذه الخطوات بشكل أساس، إذ ستقوم وزارة الخارجية الفلسطينية بمتابعة تنفيذ هذه الخطوات بالتنسيق مع الخارجية الفرنسية، وكيفية وضع آليات عملية لتحقيق ذلك".
ووفق المالكي، فإن العنصر الثاني مرتبط بخطوات عملية تعزز هيكلية دولة فلسطين، وتوفر المناخات الإيجابية لتشعب العلاقات خارج الإطار الرسمي ضمن مؤسسات المجتمع المدني، وفي الوضع الاستثنائي التميزي الذي يعرضه الاتحاد الأوروبي لكل من فلسطين وإسرائيل في حال الاستفادة من فرصة تحقيق السلام.
ولفت الوزير الفلسطيني إلى أن العنصر الثاني يحدد أيضا ماهية الخطوات الواجب اتخاذها في هذا الإطار.
ويرى الوزير المالكي أن المهم في هذا العنصر هو وجود ثلاث دول أوروبية تحملت مسؤولية متابعة وتنفيذ هذه القضايا الثلاث بدلا من طرفي الصراع، والأدوار التي قامت بها كل من ألمانيا والنرويج والسويد ستتواصل خلال هذه الفترة في مسعى لتحفيز البعد السياسي في محور الصراع الفلسطيني ـــ الإسرائيلي.
أما العنصر الثالث، فقال الوزير المالكي: لهذا العنصر علاقة بآليات المتابعة المرتبطة بالمؤتمر، وهي بدورها تنسجم مع التطلعات الفلسطينية في إطارها العام أكثر منه في الإطار التفصيلي، ما يستوجب التفصيل في ما نص عليه البيان، حيث دعا الجانبين (إلى تأكيد التزامهما بحل الدولتين من خلال النأي بأنفسهم عن الأصوات الرافضة لهذا الحل)، خاصة أن هناك أصواتا عديدة داخل الحكومة الإسرائيلية تجاهر برفض حل الدولتين، مما يضع كامل التركيبة الحكومية الإسرائيلية أمام التزام حيال هذا البند تحديدا، كما يدعو البيان كلا الجانبين إلى (إبداء التزام حقيقي بحل الدولتين من خلال السياسات والأفعال، والامتناع عن أي خطوات أحادية الجانب تقوض نتائج المفاوضات على قضايا الحل النهائي، بما فيها القدس والحدود والأمن واللاجئين...).
وأضاف الوزير المالكي، أن كل متابع لما تقوم به إسرائيل من أفعال على الأرض يتبين له أن السياسات والأفعال الإسرائيلية أحادية الجانب تستهدف وبشكل مقصود تقويض نتائج المفاوضات في كافة قضايا الحل النهائي المذكورة.
كما رحب بيان باريس بـ (أفق التعاون بين الرباعية الدولية وأعضاء الجامعة العربية وأي طرف ذي علاقة لدفع أهداف هذا الإعلان إلى الأمام)، وقال المالكي "مما يعني ضرورة توسيع الرباعية الدولية والتعاون ضمن إطار جديد للمتابعة الدولية من أجل تنفيذ ما جاء في بيان مؤتمر باريس".
وأكد المالكي أنه لكون الأطراف المشاركة قد عبرت عن استعدادها لمتابعة التقدم (أو عدم التقدم) والالتقاء مرة أخرى قبل نهاية هذا العام، فإن هذا المؤتمر الذي انعقد يوم أمس، ليس اجتماعا لمرة واحدة وإنما هو وفر آلية دولية للمتابعة تحتوي على ثلاثة مستويات، أولها التزام فرنسا كدولة راعية بمتابعة مخرجات هذا المؤتمر، والبناء عليها، والثاني هو التعاون المفترض أن يحصل بين الرباعية الدولية وأطراف الجامعة العربية أو أي طرف آخر ذي علاقة ضمن مفهوم لجنة المتابعة الدولية، وثالثا استعداد كامل للدول والمنظمات الدولية التي شاركت للعودة إلى اللقاء من جديد قبل نهاية هذا العام.
وأكد الوزير المالكي على وجود عمل كبير قد بدأ، يستدعي متابعة فلسطينية حثيثة لهذه العناصر الثلاثة، ولهذه المستويات الثلاثة، وذلك خلال العام الحالي 2017.
من جهته، استهجن أمين سر اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير الفلسطينية صائب عريقات في تصريح له، "تحفظ كل من بريطانيا وأستراليا على البيان الختامي لمؤتمر باريس للسلام"، مبدياً أسفه حول المبررات التي ساقتاها للتنصل من التوقيع على البيان الذي شكل إجماعاً دولياً داعماً لتحقيق السلام والتأكيد على القانون الدولي وحل الدولتين وإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطين.
وذكّر عريقات بمواقف إسرائيل الرافضة لقبول أي دعوة دولية من أجل السلام وقال: إن "هذه التحفظات غير منطقية، وجميع دول العالم باتت متيقنة من رفض إسرائيل، السلطة القائمة بالاحتلال، للدعوات الدولية واللقاءات الرسمية لإحياء العملية السياسية، في الوقت الذي استغلت فيه العملية التفاوضية للاستفراد بالشعب الفلسطيني وسرقة المزيد من الأرض والموارد ومواصلة استيطانها غير الشرعي وخروقاتها الممنهجة للقانون الدولي".
وشدد القيادي الفلسطيني على أن جهود تحقيق السلام والتأكيد على الشرعية الدولية لا يرتبطان بزمن محدد، وأن الشعب الفلسطيني لا يسعه الانتظار أكثر، وأن إجماع وإصرار الإرادة الدولية على إنجازه أصبح مطلباً دولياً وليس فلسطينياً فحسب، مشيراً إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها فرنسا ودول العالم منذ أعوام من أجل دفع العملية السياسية إلى الأمام بالاستناد إلى القانون الدولي.
وأضاف: المخاطر الحقيقية على حل الدولتين تكمن في هذه المواقف التي تشجع إسرائيل وتمنحها الحصانة لمواصلة احتلالها، وتكريس سياساتها الاستعمارية على الأرض.
ودعا عريقات كلاً من بريطانيا وأستراليا إلى الاضطلاع بمسؤولياتهما التاريخية السياسية والقانونية والاعتراف بدولة فلسطين، وقال: "كنا نتطلع أن تقوم بريطانيا تحديداً بلعب دور متوازن وعادل، وأن تكون جزءاً رئيسيا وفاعلاً من المنظومة الدولية الرافضة للاحتلال والاستيطان، وأن تصوب مواقفها نحو رفع الحصانة عن إسرائيل ومحاسبتها ودعم المبادرات الفلسطينية والدولية، لا سيما أن شعبنا الذي تعرض لظلم تاريخي مجحف يقف اليوم على أبواب إحياء الذكرى المئوية لوعد بلفور المشؤوم، ولذلك ندعوها إلى تصحيح هذا الخطأ، والاعتراف بدولة فلسطين باعتباره أحد شروط حماية حل الدولتين التي تنادي بتحقيقه".