رغم أن كثيرين اعتقدوا أن مهمة رئيس الحكومة المغربية المكلف، عبد الإله بنكيران، في مشاورات تشكيل فريقه الحكومي، ستكون أكثر يُسرا بعد الأزمة التي خلقتها تصريحات حليفه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، بشأن حدود موريتانيا، غير أن العكس هو الذي حصل.
يواجه بنكيران الآن "مأزقا سياسيا" مع حزب الاستقلال الذي رمى الكرة في ملعب رئيس الحكومة، بعد أن تراجع شباط إلى الوراء، وأعلن أنه لا يرغب في أي منصب وزاري، كما ترك تدبير المفاوضات مع بنكيران إلى لجنة من ثلاثة قياديين، وحزب الأحرار الذي لا زال يشترط زعيمه عزيز أخنوش استبعاد حزب الاستقلال من الحكومة المرتقبة.
ولقطع الطريق أمام زعيم حزب "الأحرار" الذي كان متمسكا بشرط إبعاد حزب الاستقلال، أكد المجلس الوطني للأخير على تمسكه بالمشاركة في الحكومة بواقع جديد يتمثل في تواري شباط عن الواجهة، بعدما أثارت تصريحاته زوبعة سياسية تدخل بسببها العاهل المغربي، الملك محمد السادس، لطمأنة الرئيس الموريتاني، محمد ولد عبد العزيز.
وذكر مصدر مقرب من مسار مشاورات رئيس الحكومة، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن "بنكيران من المرتقب أن يلتقي، اليوم أو غدا، بعزيز أخنوش، بقصد الحسم في موقفه من المشاركة في الحكومة في خضم المستجدات التي طرأت على مسار المفاوضات التي تجاوزت مدتها حتى الآن ثمانين يوما".
وبحسب المصدر ذاته، فإن "بنكيران سيحمل معه في لقاء أخنوش موقف حزب الاستقلال الجديد، وهو رغبته في أن يكون ضمن الأغلبية الحكومية، مع رفض شباط أي منصب وزراي"، متوقعا أن "يحسم اللقاء الجديد بنسبة كبيرة ملامح الحكومة المنتظرة".
ويعلق أستاذ العلوم السياسية بجامعة فاس، الدكتور أحمد مفيد، على هذه المستجدات السياسية بالقول، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "ما وقع من أحداث خلال الأيام القليلة الماضية، وخصوصا التصريحات التي أدلى بها شباط، ستؤدي إلى إضعاف حظوظ مشاركة حزب الاستقلال بالحكومة، رغم ما ورد في بلاغ مجلسه الوطني الذي أكد على التشبث بالمشاركة في الحكومة، ورغم تصريح أمينه العام بمساندة بنكيران سواء في الحكومة أو خارجها".
وأوضح مفيد أن "تصريحات الأمين العام لحزب الاستقلال أدت إلى تقوية موقف المعارضين لدخوله للحكومة، ولكن في الوقت نفسه ألقى بلاغ المجلس الوطني لحزب الاستقلال المسؤولية على عاتق بنكيران، ولهذا فمهمة بنكيران في المشاورات لن تكون سهلة وسيكون مطالبا بالحسم في الاختيار".
واسترسل مفيد أن "هذا الموقف قد يؤدي أيضا إلى إضعاف رئيس الحكومة لأنه مطالب بضرورة التسريع بالإعلان عن تشكيلة الحكومة، خصوصا بعدما استقبل المستشارين الملكيين عبد اللطيف المنوني وعمر القباج، اللذين أبلغاه بطلب الملك وانتظارات الشعب المغربي بالإسراع بمسار تشكيل الحكومة".