أنهى المبعوث الأممي إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، زيارة إلى العاصمة صنعاء استمرت يومين، نجح خلالها بتجاوز حذر للشروط والعقبات التي وضعها الانقلابيون على آلية اللقاءات، وسط أنباء لم يتم تأكيدها رسمياً، عن انتزاعه موافقة من جماعة أنصار الله (الحوثيين) وحلفائها في حزب المؤتمر، الذي يترأسه الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، على المشاركة في اجتماع مقرر للجنة التنسيق والتهدئة في الأردن، يسبق إعادة تفعيل الهدنة، بالتزامن مع تقدم نوعي لقوات الشرعية في الساحل الغربي لمحافظة تعز، جنوبي اليمن.
وأكد ولد الشيخ، في تصريحات صحافية لدى مغادرته صنعاء، أمس الإثنين، أنه بحث مع قيادات للحوثيين وحزب المؤتمر وقف الأعمال القتالية. وأشار إلى أنه عقد لقاءً، وصفه بـ"الودي"، مع وزير الخارجية في حكومة الانقلابيين، هشام شرف، جرى خلاله الحديث عن "نقاط هامة"، ومناقشة "خارطة الطريق" التي تقترحها الأمم المتحدة لحل سلمي في البلاد، بالإضافة إلى قيامه بتسليم شرف رسائل إلى الحوثيين وحزب المؤتمر، لكن ولد الشيخ شدد على أن اللقاء مع شرف تم على أساس اعتباره قيادياً في حزب المؤتمر، وأكد أن الأمم المتحدة لا تعترف سوى بالحكومة الشرعية التي يترأسها أحمد عبيد بن دغر.
من جانبها، أفادت وكالة الأنباء اليمنية، بنسختها التي يسيطر الحوثيون عليها، بأن لقاء شرف بولد الشيخ أكد على دعم ما يسمى بـ"المجلس السياسي الأعلى"، و"حكومة الإنقاذ الوطني"، للوفد المفاوض (عن الانقلابيين)، وأنهما "يمدان يد السلام بما يضمن وقف نزيف الدم اليمني"، ودعم الجهود التي تسعى لإيقاف ما وصفته بـ"العدوان"، وإعادة فتح مطار صنعاء الدولي والعودة إلى الحياة الطبيعية الآمنة في البلاد، والتوجه إلى إعادة بناء اليمن على كافة الأصعدة، المجتمعية والاقتصادية والأمنية والبنية التحتية، بما يساهم في استتباب الأمن على مستوى الجمهورية اليمنية ودول الجوار. وكان المبعوث الأممي، الذي وصل إلى صنعاء أول من أمس، رفض، وفقاً لمصادر سياسية يمنية مطلعة تحدثت لـ"العربي الجديد"، اللقاء بأي من أعضاء "المجلس السياسي" أو ما يسمى بـ"حكومة الإنقاذ"، بصفتهم الحكومية، باعتبارها غير شرعية وجاءت عبر اتفاق أحادي الجانب بين طرفي الانقلاب، قبل أن تتم تسوية الموقف بفرض المبعوث الأممي شروطه، باللقاء بالوفد المفاوض الممثل عن الجماعة وحزب صالح. وفي المقابل، عقد لقاء مع وزير الخارجية في حكومة الانقلابيين، وأصر على أن اللقاء به يأتي من منطلق أنه قيادي في حزب المؤتمر، فيما تناولت وسائل إعلام الحوثيين وحلفائهم لقاء شرف بوصفه "وزيراً للخارجية".
وفيما أفادت أنباء غير رسمية عن أن الحوثيين وحزب صالح وافقا على إرسال ممثليهما للمشاركة باجتماعات مقررة للجنة التنسيق والتهدئة في الأردن، امتنعت مصادر مقربة من وفد الانقلابيين، تواصلت معها "العربي الجديد"، عن تأكيد أو نفي هذه المعلومات على الفور، في الوقت الذي تعد فيه جهود إقناع طرفي الانقلاب بالمشاركة في هذه اللجنة على رأس قائمة أولويات زيارة المبعوث الأممي إلى صنعاء، ومن شأنها أن تمثل اختراقاً محدوداً نحو إعادة تفعيل الهدنة إذا ما أرسل الانقلابيون ممثليهم للمشاركة في اجتماع فني من المقرر أن تستضيفه العاصمة الأردنية عمّان، ويشمل دورة تدريبية للأعضاء الممثلين عن الطرفين، كخطوة تسبق التوجه إلى ظهران الجنوب السعودية للإشراف على إعادة تفعيل اتفاق وقف إطلاق النار. وكانت لجنة التنسيق والتهدئة تألفت من ممثلين عن الحكومة والانقلابيين ومشرفين أممين وفقاً لاتفاق 10 إبريل/ نيسان 2016 الخاص بوقف الأعمال القتالية، والذي بدأ معه سريان هدنة هشة انهارت تدريجياً منذ مطلع يوليو/ تموز الماضي، عقب تعذر استمرار اجتماعات لجنة التنسيق والتهدئة، التي أعلن المبعوث الأممي، في 30 يونيو/ حزيران، انتقالها من الكويت إلى ظهران الجنوب السعودية. وبسبب رفض الانقلابيين إرسال ممثليهم، عاد التصعيد العسكري منذ أشهر. وتعتبر الحكومة، المدعومة من التحالف، موافقة الانقلابيين على المشاركة في اجتماعات لجنة التهدئة في السعودية، شرطاً أساسياً لإنجاح أي هدنة جديدة، وهو الأمر الذي كان على رأس نقاشات المبعوث الأممي خلال جولته في المنطقة.
ومن المقرر أن يقدم ولد الشيخ أحمد، في 25 يناير/ كانون الثاني الحالي، إحاطة إلى مجلس الأمن الدولي، الذي يعقد جلسة خاصة حول التطورات في اليمن، إذ سيطلع المبعوث الأممي أعضاء المجلس على آخر المستجدات في البلاد ونتائج جولته في المنطقة، التي شملت السعودية وقطر وعُمان والأردن ومصر ومدينة عدن (للقاء الرئيس عبدربه منصور هادي)، وأخيراً صنعاء للقاء بوفد الانقلابيين. وجاءت التطورات السياسية في صنعاء، بالتزامن مع تقدم نوعي حققته قوات الشرعية المدعومة بمقاتلات التحالف، والتي تخوض معارك ضارية، منذ أكثر من أسبوعين، في الساحل الغربي لمحافظة تعز، قرب باب المندب. وأعلنت، أمس الإثنين، أنها تمكنت من السيطرة على مدينة المخا الساحلية بشكل كامل، لتكون ثاني أهم محطة تتقدم فيها قوات الشرعية، بعد أن سيطرت الأسبوع الماضي على غالبية مناطق ذوباب القريبة من مضيق باب المندب. وتعد معارك الساحل الغربي لتعز الأعنف أخيراً، وتصاعدت مع بدء قوات يمنية موالية للشرعية، ومدعومة من التحالف، بالتقدم من جهة الجنوب ومنطقة باب المندب للسيطرة على مناطق ساحلية قرب الممر الدولي، للحد من تهديد الانقلابيين لسيطرة التحالف والملاحة في باب المندب. وتقول مصادر الشرعية إن العملية في الساحل الغربي ستتواصل باتجاه محافظة الحديدة الحيوية، والتي تعد المرفأ التجاري الأهم في البلاد.