كيف ستؤثر المصالحة على صفقة الأسرى بين "حماس" وإسرائيل؟

14 أكتوبر 2017
أكدت "حماس" عدم تقديم معلومات بشأن الأسرى الإسرائيليين(مجدي فتحي/Getty)
+ الخط -

يعد تزامن الزيارة التي قام بها وفد أمني إسرائيلي رفيع المستوى إلى القاهرة، في الوقت الذي كانت تعقد فيه لقاءات بين ممثلي حركتي "فتح" و"حماس" برعاية الاستخبارات المصرية، مؤشراً على محاولة تل أبيب التأثير على نتائج الجهود الهادفة لتحقيق المصالحة الفلسطينية الداخلية. وعلى الرغم من أن خارطة المصالح الإسرائيلية في قطاع غزة، التي ستتأثر بمآلات المصالحة، تضم الكثير من المركبات، ضمنها مستقبل الأوضاع الأمنية في القطاع وسلاح المقاومة، فإن ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى حركة "حماس" يعد أكثر الملفات إلحاحاً بالنسبة إلى القيادة الإسرائيلية في الوقت الحالي. فقد أفضت الأنشطة الاحتجاجية التي تنظمها عائلات الجنود الأسرى أخيراً إلى إحراج الائتلاف الحاكم الذي يقوده بنيامين نتنياهو.

وما قلص هامش المناورة المتاح أمام نتنياهو حقيقة أنه لا يبدي حماساً لقبول مطالب بعض عائلات الجنود الأسرى بتشديد ظروف اعتقال أسرى "حماس" في سجون الاحتلال، من أجل الضغط على الحركة لإبداء مرونة بشأن شروط صفقة التبادل العتيدة، إذ تحذر المحافل الأمنية الإسرائيلية من أن الاستجابة لهذه المطالب قد تفضي إلى إشعال الأوضاع الأمنية الهشة في الضفة الغربية. وفي المقابل، فإن "حماس" أوضحت أنه لا يوجد هناك ثمة رابط بين المصالحة وملف الأسرى، إلى جانب تأكيد الحركة أنها لن تقدم أية معلومات بشأن الأسرى الإسرائيليين قبل قيام إسرائيل بإطلاق سراح جميع الأسرى الفلسطينيين الذين أطلق سراحهم عام 2011 ضمن صفقة "وفاء الأحرار"، وأعادت إسرائيل اعتقالهم في صيف 2014، في أعقاب قيام الجهاز العسكري لحركة "حماس" باختطاف ثلاثة من المستوطنين وقتلهم.


لكن على الرغم من موقف "حماس" الواضح، فإن الإعلان عن التوصل إلى اتفاق المصالحة سيغير الظروف التي تتواصل فيها الجهود الهادفة لإنجاز صفقة تبادل جديدة. فالإعلان عن التوصل لاتفاق المصالحة يعني أن السلطة الفلسطينية باتت صاحبة الولاية القانونية والسياسية في قطاع غزة، بغض النظر عن طابع الحكومة الفلسطينية التي ستتشكل بعد بدء تطبيق اتفاق المصالحة وبمعزل عن الهوية الحزبية والتنظيمية للقوى المشاركة فيها. وسيترتب على الواقع الجديد أن تصبح السلطة الفلسطينية طرفاً أصيلاً في الجهود الهادفة إلى التوصل لصفقة التبادل الجديدة.

وعلى الرغم من أنه يمكن الافتراض أن السلطة، التي تسيطر عليها حركة "فتح"، لن تضغط لخفض سقف مطالب "حماس" في أية صفقة تبادل جديدة، على اعتبار أن قضية الأسرى تعد أهم محاور الإجماع لدى الفلسطينيين، إلا أن الواقع السياسي الجديد سيوسع من هامش المناورة المتاح أمام إسرائيل وسيعزز قدرتها على ممارسة الضغط على الجانب الفلسطيني لإبداء مرونة في الشروط التي يطرحها لإنجاز الصفقة. فقد اشترط وزير التعليم وعضو المجلس الوزاري المصغر لشؤون الأمن الإسرائيلي، نفتالي بينت، الإفراج عن الجنود الأسرى كشرط لاعتراف تل أبيب بنتائج جهود المصالحة. ويمكن أن تتجه إسرائيل لتهديد السلطة بفرض عقوبات عليها، وذلك لدفعها للضغط على حركة "حماس" لإبداء مرونة تسمح بإغلاق ملف الأسرى. لكن من المستبعد أن تقدم إسرائيل بالفعل على فرض عقوبات اقتصادية على السلطة من أجل إجبارها على الضغط على "حماس" لإبداء مرونة بشأن شروط إنجاز صفقة التبادل الجديدة، إذ إن الكثير من قادة الجيش في تل أبيب يجاهرون بالقول إن تحسين الأوضاع الاقتصادية في مناطق السلطة يعد مصلحة أمنية إسرائيلية، على اعتبار أن الدفع نحو تدهور الأوضاع المعيشية في هذه المناطق يزيد من فرص اندلاع موجة عمليات مقاومة، فردية وتنظيمية.

من ناحية ثانية، فإنه لن يكون من مصلحة إسرائيل الإقدام على أية خطوة عملية يمكن أن تفضي إلى عدم تحسين الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة. وتدرك محافل التقدير الاستراتيجي في تل أبيب أن بقاء الأوضاع المعيشية على حالها في غزة يعني توفير الظروف أمام اندلاع مواجهة جديدة مع حركة "حماس"، في حين أن الحدود الجنوبية لإسرائيل تعيش فترة هدوء لم تعرفها منذ اندلاع الانتفاضة الأولى أواخر العام 1987. من هنا، فان هناك أساساً للاعتقاد بأنه في حال أظهر الفلسطينيون موقفاً موحداً وصارماً من شروط إنجاز صفقة التبادل الجديدة فإن قدرة إسرائيل على المناورة ستكون محدودة.