وتزامن تصعيد بانون ضد قادة الحزب الجمهوري، وخصوصًا الأعضاء المخضرمين في الكونغرس، كزعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ، ميتش ماكونيل، ورئيس لجنة العلاقات الخارجية، السيناتور بوب كوركر، مع تفاقم الخلافات بين الرئيس والكونغرس، وسط حروب كلامية مع رموز الإستبلشمنت الجمهوري، آخرها تبادل الاتهامات بين ترامب وكوركر الذي قال إن البيت الأبيض تحوّل إلى "دار حضانة"، مشككًا في أهلية الرئيس الذهنية لإدارة البلاد، ومعتبرًا أنه يقود الولايات المتحدة إلى "حرب عالمية ثالثة".
وعلى غير العادة التي اتبعها في الأشهر الثمانية التي قضاها في البيت الأبيض، والبقاء خلف الكواليس بعيدًا عن الأضواء، تكرر في الأسابيع القليلة الماضية ظهور بانون في وسائل الإعلام الأميركية، وفي عدد من المناسبات الحزبية والمهرجانات الانتخابية، ومنها المؤتمر السنوي لناخبي التيار المحافظ في الحزب الجمهوري، الذي ينعقد لأول مرة في العاصمة واشنطن. فالمدير السابق للحملة الانتخابية لترامب، ورمز اليمين القومي الأميركي، أخذ على عاتقه دعم أجندة ترامب من خارج البيت الأبيض ودوائر القرار في واشنطن، وتعبئة المحافظين في الحزب الجمهوري من أجل خوض معركة كسر عظم خلال الانتخابات التمهيدية للحزب ضد الطبقة السياسية التقليدية التي تسيطر عليه.
وقد سجل بانون أول انتصارٍ في رصيده السياسي بعد إبعاده عن واشنطن، بفوز المرشح الذي دعمه في الانتخابات التمهيدية للحزب الجمهوري التي أجريت، قبل أسبوعين، لاختيار ممثل الحزب في الانتخابات الفرعية لملء مقعد شاغر في مجلس الشيوخ عن ولاية ألاباما.
وفي خطاب إعلان استئناف الحرب على الإستبلشمنت، استعان بانون لوصف ما يجري في واشنطن بمسرحية شكسبير "يوليوس قيصر"، متهمًا زعيم الأغلبية الجمهورية في مجلس الشيوخ بـ"خيانة الرئيس"، وعرقلة أجندته السياسية في الكونغرس. وقال إن الوقت حان لإزاحة الجيل القديم من قيادة الحزب. كما هاجم بانون السيناتور الجمهوري كوركر الذي سبق وقرر عدم الترشح لولاية جديدة في الكونغرس، بسبب الحملة ضده داخل الحزب من قبل أنصار بانون.
وبدت خطوات بانون التصعيدية ضد الإستبلشمنت، والإطلاق المبكر لمعركة الانتخابات التمهيدية، متسقة مع محاولات ترامب الدخول في المعركة، وتعبئة المحافظين في الحزب الجمهوري ضد قيادة الحزب وأعضاء الكونغرس، والاستعانة بالقرارات الرئاسية لحفظ ماء الوجه، وإرضاء القاعدة الانتخابية من خلال محاولة إلغاء "أوباما كير"، وعدم التصديق على الاتفاق النووي مع إيران. أي رمي كرة النار في ملعب الكونغرس من أجل إحراج الغالبية الجمهورية، وابتزازها انتخابيًا في حال لم تلبّ مطالب الرئيس وتمرر أجندته.