وجاء ذلك بعد سيطرة "قسد" على البلدة شمال نهر الفرات، فضلاً عن أجزاء من قرية البصيرة والمناطق المحيطة بها، ليصبح الفرات مجدداً هو الخط الفاصل بين الطرفين.
وأعلنت "قسد"، على موقعها الرسمي، أن مقاتليها تصدّوا لهجماتٍ متزامنة من جانب "داعش" وقوات النظام في ريف دير الزور. وأوضحت أن "داعش" شن، مساء أمس، هجوماً على مواقعها في مركز جفرة (محطة القطار)، لكن مقاتليها صدّوا الهجوم وقتلوا تسعة من عناصر "داعش".
وبحسب الموقع، فقد شنّت قوات النظام في التوقيت نفسه تقريباً هجوماً بالأسلحة الثقيلة على مواقع "قسد" في قرية جبيلة شمال غرب دير الزور، حيث ما زالت الاشتباكات مستمرة بين الجانبين.
ويسعى النظام السوري و"قسد" إلى السيطرة على آخر معاقل تنظيم "داعش" في دير الزور، إضافة إلى حقول النفط، عبر عمليتين عسكريتين متزامنتين على مواقع التنظيم.
في الأثناء، أطلق تنظيم "داعش" هجوماً واسعاً على قوات النظام ومليشياته في محيط مدينة الميادين، بينما يستمرّ عناصره في إقامة السواتر والمتاريس في مداخل مدينة البوكمال، إضافة إلى تفخيخ البادية والطرق الرئيسية باتجاه المدينة، وذلك بعد أن أعلنت قوات النظام والمليشيات المساندة عمليات عسكرية نحو مدينة البوكمال، جنوبي محافظة دير الزور، إثر سيطرتها أمس الثلاثاء، على مدينة العشارة شرقي دير الزور.
وذكرت صحيفة "الوطن" المقربة من النظام أن "الجيش السوري وحلفاءه يبدؤون التمهيد الناري والجوي نحو مدينة البوكمال بريف دير الزور".
من جهتها، أعلنت وكالة "أعماق" التابعة لتنظيم "داعش"، صباح اليوم الأربعاء، مقتل 22 عنصراً من قوات النظام وتدمير جرافة باشتباكات في حي الصناعة شرق دير الزور، فيما عرض التنظيم صوراً لأسلحة ومعدات استولى عليها من قوات النظام في محيط مدينة الميادين شرق دير الزور، وهي عربة BMB ودبابة T72، إضافة لصور تبين تدمير التنظيم دبابة للنظام قرب محطة T2 في البادية الشامية، شرق حمص.
وفي ريف حماة الشرقي، قال النظام إن سلاحه الجوي استهدف رتلاً تابعاً لـ"هيئة تحرير الشام" مؤلفاً من 8 عربات قاطرة محملة بدبابات وأسلحة ثقيلة في قرية البويدر شمال ناحية السعن بريف حماة الشرقي، كان متجهاً نحو حشد تجهّز له الهيئة لمهاجمة قوات الجيش على طريق خناصر، فيما استهدفت رمايات المدفعية بلدة اللطامنة بريف حماة الشمالي.
وكانت قوات النظام قد فتحت محوراً عسكرياً جديداً ضد "هيئة تحرير الشام" في ريف حماة الشرقي، حيث تدور اشتباكات بين الجانبين على أطراف قرية جب أبيض بريف حماة الشرقي، بعد تجاوز قوات النظام المناطق التي يُسيطر عليها تنظيم "داعش" مؤخراً من دون مقاومة أو اعتراض من عناصر التنظيم.
وقال ناشطون إن "هيئة تحرير الشام" صدّت محاولة تقدم أخرى لقوات النظام باتجاه قرية أبو ميال القريبة، ودمرت مدفعاً وعربة "بي أم بي" لقوات النظام، ما أدى إلى مقتل عناصر من الأخيرة.
وبالتزامن، قالت وسائل إعلام "تحرير الشام" إن عناصر من تنظيم "داعش" حاولوا التسلّل إلى نقاط سيطرتها عند أطراف قرية المشيرفة شمال بلدة الشيخ هلال، ما أدى إلى مقتل عددٍ من عناصر التنظيم إثر وقوعهم بكمين نصبه عناصر الهيئة.
وتشهد المنطقة معارك متواصلة بين الأطراف الثلاثة، إذ استعادت "الهيئة" الأحد الماضي، السيطرة على قرى عدة كان التنظيم قد تقدّم إليها في وقت سابق، بينما قُتل عناصر لـ"تحرير الشام" في اليوم نفسه بغارات لطائرات يرجح أنها للنظام، إذ تسفر هذه الغارات غالباً عن سقوط ضحايا بين المدنيين.
من جهتها، قالت مواقع موالية للنظام السوري إن عملية عسكرية بدأت انطلاقًا من محور أثريا - وادي العذيب، للسيطرة على ريف حماة الشمالي الشرقي، مشيرة إلى أن "الجيش حقق تقدماً شمال غربي أثريا بنحو عشرة كيلومترات"، بالتزامن مع غارات جوية مكثّفة من الطيران الحربي الروسي على مناطق الرهجان والحمدانية والجنينة وزغبر.
وذكرت مصادر مقربة من "تحرير الشام" أن معلومات وردت عن بدء قوات النظام عملية عسكرية باتجاه مطار أبو الظهور جنوبي إدلب، مشيرة إلى سيطرة قوات النظام على قريتين بمساعدة من تنظيم "داعش".
وفي جنوب البلاد، قُتل ستة عناصر من "جيش خالد بن الوليد"، المبايع لتنظيم "داعش"، وأُصيب العشرات مساء أمس، جراء اشتباكات مع فصائل المعارضة في منطقة حوض اليرموك غرب درعا.
وحسب مصادر محلية، فقد اندلعت اشتباكات من جرّاء قصف مدفعي وصاروخي مكثف على مواقع الشركة الليبية والنادي وأطراف قرية المزيرعة وتل عشترة الخاضعة لسيطرة "جيش خالد" في قرية جلين، بريف درعا الغربي.
قوات النظام تهاجم عين ترما
إلى ذلك، شنّت قوات النظام، ظهر اليوم، هجوماً واسعاً على أطراف بلدة عين ترما في ريف دمشق، بالتزامن مع قصف عنيف مدفعي وصاروخي طاول مجمل قرى وبلدات الغوطة الشرقية.
وقالت مصادر محلية إن اشتباكات عنيفة تدور بين عناصر فيلق الرحمن، الموجودين في المنطقة، وقوات النظام المدعومة بعناصر من الفرقة الرابعة وعناصر المليشيات، من دون أن تتمكّن الأخيرة من إحراز أي تقدّم حتى الآن.
وقالت مصادر النظام إنه تم استهداف "مواقع وتحصينات الجماعات المسلحة في محور جوبر عين ترما بصواريخ أرض - أرض والمدفعية". وطاول القصف الأحياء السكنية في بلدات عين ترما وحرستا والنشابية ودوما.
وتعيش قرى وبلدات الغوطة أوضاعاً إنسانيةً صعبة نتيجة الحصار الذي تفرضه قوات النظام على المنطقة منذ عام 2013، ما أسفر عن ارتفاع كبير في أسعار المواد الغذائية، فيما تقول المعارضة السورية إن الروس فشلوا في ضمان ألا تعتدي قوات النظام على هذه المناطق المشمولة باتفاق "خفض التصعيد".
وفي سياق متصل، أجلى "الهلال الأحمر" في الغوطة الشرقية حالة إنسانية مرضية لشاب من مدينة دوما عبر طريق معبر مخيم الوافدين.
وقال الهلال الأحمر إن الشاب يعاني من "متلازمة داون"، وسلّم لعائلته مساء أمس بعد فراقه عنهم مدة سبعة أشهر، إذ كان يعيش وحيداً في الغوطة الشرقية.
في السياق ذاته، قالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف" إن عدد الاطفال الذين يعانون من سوء التغذية في الغوطة الشرقية بريف دمشق التي تحاصرها قوات نظام النظام يصل إلى 1200 حالة.
وقالت جولييت توما، مديرة الإعلام في المكتب الإقليمي لليونيسف، إن هذا الرقم جاء نتيجة مسح أُجري في إحدى عيادات الغوطة الشرقية شمل نحو 9.000 طفل. وأضافت في تصريحات صحافية أن هناك تقارير وصلت إلى المنظمة عن وفاة طفلين مؤخرًا في الغوطة الشرقية التي يقدر عدد سكانها بـ400 ألف شخص.
وكانت مصادر طبية قد أفادت في وقتٍ سابقٍ أن أكثر من 25% من أطفال الغوطة الشرقية، يعانون من نقص تغذية شديد، نتيجة الحصار الخانق على المنطقة.
وشددت قوات النظام مؤخراً الحصار على الغوطة الشرقية على الرغم من اتفاقات "خفض التصعيد" التي أبرمتها روسيا مع الفصائل العاملة في المنطقة، والتي اشترطت رفع الحصار عن المنطقة.
من جهتها، قالت الشبكة السورية لحقوق الإنسان إن الحصار المفروض على الغوطة الشرقية منذ خمس سنوات تسبب في وفاة 397 مدنياً، بينهم 206 أطفال و67 سيدة بسبب الجوع ونقص الدواء.
ولفت التقرير الذي صدر بعنوان: "حصار غوطة دمشق الشرقية شكل من أشكال العقوبات الجماعية "، إلى أن معظم الوفيات كانت بين الفئات الهشة، كالأطفال الرضع، وكبار السن، والمرضى، وجرحى أصيبوا في عمليات القصف المتكرر، ولم يجدوا العلاج.
وأوضح التقرير أن النظام بدأ حصاره الجزئي منذ عام 2012، وما لبث في عام 2013 أن توسّع وأصبح حصاراً كاملا.
وفي 18 فبراير/ شباط الماضي، شنَّت قوات النظام حملة عسكرية واسعة على الأحياء الشرقية لمدينة دمشق، وسيطرت بشكل شبه كامل على الأنفاق التي تصل الغوطة الشرقية مع هذين الحيَّين، كما أغلقت معبر الوافدين نهاية مارس/ آذار الماضي، ما أفضى إلى شح في المواد الغذائية وارتفاع أسعارها بشكل كبير.