وفي حين تسير إسبانيا على سكة لا تُعرف وجهتها حتى الآن، توقّفت صحيفة "ذي إندبندنت" البريطانية عند الأحداث المتسارعة في كتالونيا، وعرضت، في تقرير، مجموعة من الأسئلة التي يُرتقب أن تحمل الإجابات عنها إشارات حول مصير البلد الأوروبي.
كيف ردّت مدريد؟
بعد ساعات قليلة من إعلان برلمان كتالونيا الاستقلال، وافق مجلس الشيوخ الإسباني على الصلاحيات التي تسمح لإسبانيا بفرض حكم مباشر على المنطقة المنشقّة.
وأقال رئيس الوزراء ماريانو راخوي حكومة كاتالونيا، بمن في ذلك رئيس الإقليم كارليس بويغديمونت ونائبه أوريول جونكويراس، معلناً تولّي السيطرة المباشرة على الإقليم.
وبذلك ستتولّى وزارات الحكومة المركزية في مدريد مباشرة سلطات الإدارة الكتالونية، إلى حين إجراء انتخابات إقليمية في 21 ديسمبر/ كانون الأول.
وكانت وزارة الاقتصاد قد زادت بالفعل مقدار سيطرتها على الشؤون المالية لكتالونيا، للحؤول دون استخدام أموال الدولة في مساعي محاولة الانفصال، وبدأت تموّل مباشرة الخدمات الأساسية في الإقليم.
وبموجب الاقتراح الجديد، ستتخذ مدريد الرقابة المالية الكاملة على كتالونيا، وسط احتمالات توجّه بعض المؤيدين لانفصال الإقليم إلى التوقّف عن دفع ضرائبهم للخزانة الإسبانية.
إذاً كتالونيا ليست مستقلّة بعد؟
الإجابة عن هذا السؤال تعتمد في نهاية المطاف على خيارات الجانبين، وإلى أي مدى سيذهبان بعيداً فيها.
من المؤكد تقريباً أنّه ستكون هناك مقاومة في كتالونيا لأيّ تحرّك من مدريد لفرض حكمها على الإقليم، كذلك من المرجّح أن تظهر مجدّداً الصدامات العنيفة التي هزّت الإقليم في وقت سابق هذا الشهر، لكنّه من غير الواضح ما إذا كانت الانتخابات الإقليمية المفاجئة ستحلّ الأزمة.
وقد أظهر استطلاع للرأي، أجرته صحيفة "إل بيريوديكو"، الأحد الماضي، أنّ إجراء انتخابات مبكرة قد تكون لها نتائج مماثلة للاقتراع الأخير في عام 2015، عندما شكّل ائتلاف من الأحزاب المؤيدة للانفصال حكومة أقلية.
غير أنّ استطلاعات رأي أخرى أظهرت أنّ كتالونيا تنقسم بالتساوي تقريباً بين المؤيّدين والرافضين للاستقلال.
ماذا عن الاتحاد الأوروبي؟
بدا موقف الاتحاد الأوروبي مبهماً إلى حد ما، في ردوده على الأوضاع الأخيرة، إلا أنّه كرّر باستمرار دعمه الدستور الإسباني الذي يساند بشكل فعال حكومة مدريد، ولكن بدون أن يظهر الاتحاد كنصير متحمس بشكل مفرط.
لم تعرض المفوضية الأوروبية وساطة في الأزمة، كما اقترح بعض المراقبين. وتعليقاً على إعلان كتالونيا الاستقلال، قال دونالد توسك رئيس المجلس الأوروبي "لم يتغيّر شيء".
ودان رئيس الهيئة التشريعية للاتحاد الأوروبي تصويت البرلمان الكتالوني الذي نتج عنه تأييد إعلان الاستقلال، قائلاً إنّه لن يتم الاعتراف به في الاتحاد. وقال رئيس البرلمان الأوروبي أنطونيو تاياني إنّ خطوة البرلمان الكتالوني "تشكّل خرقاً لسيادة القانون". وأضاف "لا أحد في الاتحاد الأوروبي سيعترف بهذا الإعلان".
هل ستعترف الدول الأخرى بإعلان الاستقلال؟
بريطانيا كانت قد أعلنت مسبقاً أنّها لن تعترف بدولة كتالونيا الجديدة المعلنة، ويتوقع، بحسب "ذي إندبندنت"، أن تحذو حذوها الدول الأخرى التي تشهد حركات انفصالية داخلية، وتخشى أن يشكّل إعلان الاستقلال سابقة يمكن تقليدها.
ومن جهتها، ألمانيا وفرنسا وقبرص هي من بين الدول الأوربية الأخرى التي أوضحت بشكل صريح، أنّها تدعم الوحدة الإسبانية، كذلك عبّرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، عن موقف مماثل.
ماذا عن الشرطة والتهديد باللجوء للقوة؟
دعت الجماعات الانفصالية الرئيسية في كتالونيا إلى عصيان مدني واسع النطاق، وأصدرت تعليمات لموظفي الخدمة المدنية بعدم إطاعة أوامر مدريد، والرد عبر المقاومة السلمية. ومن غير الواضح ما إذا كانت ستتم الاستجابة لهذه الدعوات.
في المقابل، قالت الحكومة الإسبانية إنّها لا تعتزم تنفيذ اعتقالات، ولكن من غير الواضح كيف ستتصرّف في حال رفض موظفو الإدارة الحاليون في كتالونيا مغادرة مكاتبهم.
ويخشى عدد متزايد من المحللين من أن يؤدي ذلك إلى مواجهات مباشرة، في حال حاولت الشرطة الوطنية التدخل، لا سيما أنّ الشرطة استخدمت تكتيكات ثقيلة لإحباط مواجهات كهذه أثناء استفتاء التصويت الأولي على الانفصال.
إحدى المشاكل الرئيسية المتعلّقة ببسط مدريد حكمها المباشر، يرتبط بقوات الشرطة في كتالونيا المعروفة بـ"موسوس دسكوادرا".
وبينما قال راخوي إنّه ستتم إقالة قائد "موسوس دسكوادرا" قالت مجموعة من شرطة كتالونيا تؤيد الاستقلال إنّها لن تتبع تعليمات الحكومة المركزية، ولن تستخدم القوة لنزع الوزراء والنواب من السلطة.
وقال عدد من الضباط في شرطة كتالونيا، لـ"رويترز"، إنّهم يعتقدون أنّ القوة التي يشكّل قوامها 17 ألف شخص، انقسمت بين الذين يريدون الاستقلال وأولئك الذين يعارضونه.
ويتعيّن على"موسوس دسكوادرا"، والتي يخضع قائدها للتحقيق في تهم "التحريض"، أن تتصرّف بناء على أوامر مباشرة من قادتها الجدد، وقد يتم في حال الضرورة استبدال ضباطها بآخرين من الشرطة الوطنية.
هل يمكن للحكومة الإسبانية معاقبة زعماء كتالونيا؟
جوردي سانشيز وجوردي كويكسارت، قائدا أكبر حركتين شعبيتين مؤيدتين للانفصال، هما مسبقاً رهن الاعتقال من قبل السلطات الإسبانية، وبالفعل تم الزج بهما في السجن.
وقال متحدث باسم المدعي العام الإسباني إنّ المكتب سيسعى لسوق اتهامات بـ"التمرّد والتحريض" ضدّ أولئك المسؤولين عن إجراء التصويت باستفتاء الانفصال.
ويبحث المدعي العام حالياً ما إذا كان ينبغي حصر الاتهامات بالحكومة الكتالونية، بمن في ذلك الرئيس بويغديمونت ونائب الرئيس جونكويراس، أو أنّها يجب أن تشمل أيضاً أعضاء مجلس إدارة البرلمان والنواب.