رجح مراقبون خليجيون في الدوحة أن يكون الظهور الإعلامي للأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، عبد اللطيف الزياني، اليوم الثلاثاء، بعد اختفائه قرابة خمسة أشهر، وخروجه بتصريح يتيم عن الأزمة الخليجية، خص به قناة "العربية" السعودية، تمهيداً لتصعيد جديد في الأزمة الخليجية، يخرج هذه المرة من بوابة مجلس التعاون.
وذكّرت مصادر دبلوماسية خليجية بتصريحات وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، قبل نحو عشرة أيام، والتي تحدث فيها عن خطوات قادمة ستتخذها دول الحصار ضد قطر بعد التشاور.
ولم تستبعد هذه المصادر أن تلجأ دول الحصار لإيجاد ذريعة لإضفاء صبغة قانونية على تجميد مجلس التعاون الخليجي، أو تعليق عضوية قطر في مجلس التعاون الخليجي، رغم أن النظام الداخلي لمجلس التعاون الخليجي لا يتيح لها ذلك، فالقرارات تتخذ في مجلس التعاون الخليجي بالإجماع حسب النظام الداخلي.
والملفت أن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإمارتي، أنور قرقاش، سارع في تغريدة على حسابه الرسمي في "تويتر"، فور تصريحات الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي، إلى تبرير مواقف الزياني، قائلا إن "استهداف الزياني منطق من يتهرب من مسؤوليته، وهدفه وأد المجلس"، في محاولة استباقية لتحميل قطر مسؤولية الشلل الحاصل في مجلس التعاون الخليجي.
والزياني الذي استنكر ما وصفها بـ"الهجمة الإعلامية غير المسؤولة التي تقوم بها بعض وسائل الإعلام القطرية تجاه مجلس التعاون والأمانة العامة لمجلس التعاون، ممثلة في أمينها العام"، وقال إنها "حملة ظالمة تجاوزت كل الأعراف والقيم والمهنية الإعلامية"، لم يتطرق إلى جريمة اختراق وكالة الأنباء القطرية في مايو/ أيار الماضي، والتي ثبت أن الإمارات تقف وراءها، وفق تصريحات مسؤولين قطريين، أو إلى الفبركات التي بثتها ولا زالت تبثها وسائل إعلام دول الحصار ضد قطر، والتحريض الذي تمارسه هذه الدول، وتدخلها في الشأن الداخلي لقطر، والذي وصل إلى حد تحريض القبائل ضد حكومة بلادها.
كما من الملفت أن تصريحات الزياني، الذي غُيّب تماما عن مشهد الأزمة الخليجية، جاءت بعد يوم واحد من تصريحات العاهل البحريني، حمد بن عيسى آل خليفة، الذي أمر بفرض تأشيرات دخول على المواطنين القطريين الراغبين بالسفر إلى البحرين، وهو ما يتناقض مع أهداف مجلس التعاون الخليجي، إضافة إلى تصريحات وزير خارجيته، خالد بن أحمد آل خليفة، والتي اعترف فيها بحصار قطر، وطالب بتجميد عضويتها في مجلس التعاون الخليجي، معلناً أن بلاده لن تحضر القمة الخليجية المقبلة، إنْ استمرت قطر على مواقفها. وهو ما فسره متابعون خليجيون بأنه يمهّد للإعلان عن تجميد مجلس التعاون الخليجي، أو على الأقل استحالة عقد القمة الخليجية التي كان انعقادها مزمعا في الكويت في شهر ديسمبر/ كانون الأول المقبل.
وقد سعى الزياني لتبرير موقفه وغيابه كأمين عام لمجلس التعاون الخليجي طوال الأزمة، معتبرا في تصريحاته أن "مسؤولية حل الأزمة الخليجية وإنهاء تداعياتها بيد قادة دول المجلس، وليس من مسؤوليات وواجبات الأمين العام الذي يتلقى وينفذ قرارات وتوجيهات وأوامر المجلس الأعلى والمجلس الوزاري فقط، ملتزماً بما ينص عليه النظام الأساسي لمجلس التعاون".
لكنه تغافل عن أن النظام الأساسي لمجلس التعاون يتحدث في المادة الخامسة عشرة ضمن اختصاصات الأمانة العامة عن "الاقتراح على رئيس المجلس الوزاري الدعوة لعقد دورة استثنائية للمجلس الوزاري إذا دعت الحاجة إلى ذلك"، والأزمة الخليجية المستمرة منذ خمسة أشهر، والحصار الذي تفرضه ثلاث من دول المجلس على دولة عضو مؤسس فيه، وهي قطر، هي من الأمور التي تستدعي إقامة مثل هذه الدورة، بحسب المراقبين.
كما أن المادة الحادية عشرة تتحدث عن انعقاد المجلس الوزاري لدول الخليج مرة كل ثلاثة أشهر، ويجوز له عقد دورات استثنائية بناء على دعوة أي من الأعضاء وتأييد عضو آخر، فضلا عن أن النظام الأساسي يتحدث في المادة العاشرة عن "هيئة تسوية النزاعات" التي كان بإمكان الأمين العام أن يقترح تفعيلها لتسوية الأزمة الخليجية.