كردستان بعد الطالباني: "الاتحاد" مهدد بالتفكك وفرصة للبارزاني للتوسع

بغداد

براء الشمري

avata
براء الشمري
06 أكتوبر 2017
AA0369C3-8F11-4AFD-A0DA-2F8454ACB7C4
+ الخط -
تُلقي وفاة الرئيس العراقي السابق جلال الطالباني، الثلاثاء الماضي، بشكل محتم بظلالها على الخارطة السياسية في إقليم كردستان العراق، سواء كان على مستوى حزبه "الاتحاد الوطني الكردستاني"، أو مع أنداده وأبرزهم مسعود البارزاني الذي يترأس الإقليم ويتزعم "الحزب الديمقراطي الكردستاني".

ملامح التغيير في "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي تزعمه الطالباني حتى وفاته، وإن كانت بحسب مراقبين، ستختلف كثيراً بعد رحيل الطالباني، إلا أنها بدأت منذ عام 2009، حين انشق القيادي في الحزب نوشيروان مصطفى ليشكّل حركة "التغيير" التي اشتركت في الانتخابات البرلمانية التي أجريت عام 2010 واستقطبت نسبة كبيرة من جماهير "الاتحاد الوطني الكردستاني".
الخلافات داخل الحزب لم تنته بانشقاق حركة "التغيير"، بل استمرت وتفاقمت بشكل كبير بعد تدهور الحالة الصحية للطالباني، ووصلت لمرحلة الذروة العام الماضي بإعلان القيادي في "الاتحاد الوطني" برهم صالح (نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق)، تشكيل كيان سياسي مستقل داخل الحزب، سماه "مركز القرار"، إثر خلافات عميقة مع القيادية في الحزب، هيرو خان، وهي زوجة جلال الطالباني.

وفي هذا الشأن، قالت عضو البرلمان العراقي عن "الاتحاد الوطني الكردستاني"، آلا الطالباني، وهي من أقارب الرئيس الراحل، إن سبب الخطوة التي أقدم عليها برهم صالح تعود للخلاف في الأفكار بشأن إدارة الحزب، معبّرة عن أسفها لحدوث ذلك في وقت كان فيه زعيم الحزب جلال الطالباني يعاني المرض. وأوضحت أن "الاتحاد الوطني الكردستاني" لديه قيادة، وهيرو خان زوجة الطالباني، من بين أطراف هذه القيادة، منتقدة التشكيل الجديد الذي سماه برهم صالح "مركز القرار"، وقالت إنه لا يحق لأي أحد أن يقول إنه صاحب القرار، لأن القرار جماعي داخل قيادة الحزب.

أما السياسي الكردي المستقل، عضو البرلمان العراقي السابق، محمود عثمان، فينظر للأمور بعد الطالباني بعين من التفاؤل، إذ أكد لـ"العربي الجديد"، أن الرئيس العراقي الراحل كان غائباً عن التدخّل في الأمور السياسية منذ خمس سنوات، لكنه أوضح في الوقت ذاته أن للطالباني رمزية لا يمكن إنكارها. واعتبر أن غياب الطالباني سيدفع الأكراد للتفكير بمستقبلهم بجدية أكبر، مضيفاً: "في تصوري ستكون لوفاة الطالباني آثار جيدة، لأن مثل هذه الأحداث غالباً ما تؤثر بالإيجاب".


لكن أستاذ العلوم السياسية في جامعة بغداد، حسان العيداني، يختلف مع القراءة المتفائلة لمستقبل كردستان بعد وفاة الطالباني، إذ توقع في حديث لـ"العربي الجديد"، تفكك "الاتحاد الوطني الكردستاني" بعد وفاة الطالباني الذي كان عامل وحدة بداخله حتى وفاته. وأشار إلى وجود معسكرين متنافرين داخل الحزب، أحدهما يقوده كوسرت رسول ويحاول التمرد على القيادات التقليدية لـ"الاتحاد"، والآخر يضم عائلة جلال الطالباني كزوجته هيرو خان والنائبة آلا الطالباني، وهذا التيار المحافظ يسعى للحفاظ على وحدة الحزب وحمايته من التصدعات والانشقاقات.

وأضاف أن "الخارطة السياسية ستتغير بمجملها بعد الطالباني"، مرجحاً أن يسعى مسعود البارزاني للتمدد أكثر في محافظة السليمانية التي يسيطر عليها "الاتحاد الوطني الكردستاني"، مؤكداً أن الرئيس العراقي الراحل كان نداً وحيداً للبارزاني حتى بعد مرضه كونهما من قيادات الرعيل الأول المتبقية. وتوقع أن تستغل حركة "التغيير" اختلاف المزاج السياسي بعد وفاة الطالباني والصراع داخل حزبه من أجل الحصول على مكاسب سياسية في السليمانية على حساب "الاتحاد الوطني الكردستاني" الذي يصعب الحفاظ على تماسكه بعد وفاة الطالباني التي قد تجر إقليم كردستان إلى منزلقات خطيرة، وفق قوله.

الأمر نفسه أكده سياسي كردي لصحيفة "فايننشال تايمز"، إذ قال إن معاناة أكراد العراق ستزداد شراسة بعد وفاة الطالباني. ونقلت الصحيفة عن أحد أصدقاء الرئيس العراقي الراحل تأكيده أن الطالباني كان على استعداد للحوار الدائم مع جميع الأطراف. وبحسب الصحيفة ذاتها، فإن محللاً سياسياً كان يعرف الطالباني قال إن "وفاته في هذا التوقيت تمثّل ضربة معنوية للأكراد".
وفي الوقت الذي أُعلن فيه عن وفاة الطالباني، قالت حركة "التغيير" إنها اختارت مرشحها لرئاسة إقليم كردستان خلفاً لمسعود البارزاني المنتهية ولايته، ما يشير بوضوح إلى أن الشراكة في الإقليم لم تعد حكراً على حزبي البارزاني والطالباني.

التنافس المحموم بين حزب البارزاني وحركة "التغيير" على التركة السياسية لجلال الطالباني، لا يبدو سهلاً، بحسب الخبير في الشأن السياسي الكردي الدكتور عبد الله الجاف، الذي قال لـ"العربي الجديد"، إن لكل من الطرفين أوراقه. ولفت إلى أن "مسعود البارزاني استغل عدم قبول جلال الطالباني بمنح ولديه قوباد وبافل مناصب مهمة في الاتحاد الوطني الكردستاني والدولة العراقية التي كان رئيسها، ليستميلهما"، مشيراً إلى أن "البارزاني منح قوباد الطالباني منصب نائب رئيس حكومة إقليم كردستان بعد مرض والده، في خطوة وصفت حينها بأنها محاولة للالتفاف على الاتحاد الوطني الكردستاني".
وأكد أن "حركة التغيير هي الأخرى لا يمكن أن تقف مكتوفة الأيدي بعد رحيل الطالباني"، موضحاً أن "كل الوقائع تشير إلى أن الاتحاد الوطني الكردستاني لن يكون بخير وقد يؤدي تفككه إلى إعادة رسم الخريطة السياسية في إقليم كردستان، لا سيما أن الإقليم يتحضّر لإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية، فيما يستعد العراق لإجراء الانتخابات البرلمانية في إبريل/ نيسان من العام المقبل".


ذات صلة

الصورة
أسلحة للعراق الجيش العراقي خلال مراسم بقاعدة عين الأسد، 29 فبراير 2024 (أحمد الربيعي/فرانس برس)

سياسة

كشفت مصادر عراقية لـ"العربي الجديد"، وجود ضغوط إسرائيلية على دول أوروبية وآسيوية لعرقلة بيع أسلحة للعراق وأنظمةة دفاع جوي.
الصورة

سياسة

أعلنت وزارة الدفاع التركية، ليل أمس الأربعاء، قتل العديد من مسلحي حزب العمال الكردستاني وتدمير 32 موقعاً لهم شمالي العراق.
الصورة
تظاهرة في بغداد ضد العدوان على غزة ولبنان، 11 أكتوبر 2024 (أحمد الربيعي/ فرانس برس)

منوعات

اقتحم المئات من أنصار فصائل عراقية مسلحة مكتب قناة MBC في بغداد، وحطموا محتوياته، احتجاجاً على عرضها تقريراً وصف قيادات المقاومة بـ"الإرهابيين".
الصورة
زعيم مليشيا "أنصار الله الأوفياء" حيدر الغراوي (إكس)

سياسة

أدرجت وزارة الخارجية الأميركية حركة "أنصار الله الأوفياء" العراقية وزعيمها حيدر الغراوي، على قائمة المنظمات والشخصيات الإرهابية.