لم يشفع للمدينة التي تعتبر حاضنة الثورة السورية، وتكاد تكون أهم وآخر قلاع الثورة في حلب بعد سيطرة النظام وروسيا على المدينة، كونها النقطة الرابعة من المناطق التي شملها اتفاق خفض التصعيد، ضمن اتفاقات أستانة.
وعلم "العربي الجديد" أن "وفد قوى الثورة العسكري إلى أستانة" أرسل مذكرة إلى الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي حول مجزرة الأتارب، طالبهما فيها بتحمل المسؤولية كونهما معنيين بمحادثات أستانة ومراقبين لها، مشيرا إلى أن الضامن الروسي هو من قام بالقصف.
وبحسب ما أفادت به مصادر لـ"العربي الجديد"، فإن الطائرة الحربية ألقت أربعة صواريخ دفعة واحدة على السوق المكتظ بالمدنيين، تبعتها بغارتين كل غارة بصواريخ شديدة الانفجار، ما يشير إلى نية إحداث مجزرة كبيرة بحق المدنيين، لأسباب مجهولة، خاصة أن الأتارب مدينة خالية من الفصائل العسكرية، وتقع ضمن مناطق خفض التوتر.
رئيس اللجنة الإعلامية لوفد قوى الثورة العسكري إلى أستانة، أيمن العاسمي، يرى أن "التحالف الدولي بقيادة واشنطن يعلم جيدا من هو المجرم الذي نفذ الغارة على الأتارب ويمتنع عن كشفه، مثلما يفعل دائما".
وأكّد العاسمي لـ"العربي الجديد"، "أن الهدف من المجزرة هو إثارة الحاضنة الشعبية الثورية على المعارضة السورية، ومدينة الأتارب لا يوجد فيها أي مقر عسكري لأي فصيل كان، وهي واقعة ضمن مناطق خفض التوتر المتفق عليها في أستانة".
وفي حين رأى سوريون أن الغارة جاءت بسبب دخول وجهاء مدينة الأتارب متمثلين بـ"مجلس مدينة الأتارب الثوري" في عملية حل الخلاف الحاصل بين فصيل "حركة نور الدين الزنكي" و"هيئة تحرير الشام"، قال العاسمي "لا أعتقد أن ذلك هو السبب، لأن روسيا تمارس هوايتها في القتل بسبب عدم وجود رادع حقيقي دولي لها، وتهدف إلى تحقيق شرخ بين المعارضة والشعب السوري الثائر، يحقق لها أهدافها التي تسعى إليها".
ويلاحظ أن هذه المجزرة جاءت قبيل إعلان موعد اجتماعات المعارضة السورية في الرياض من أجل تحديد وفد المعارضة المفاوض في جنيف المقبل، حيث تجتمع منصتي موسكو والقاهرة، مع كتلة "الائتلاف الوطني" وكتلة "هيئة التنسيق الوطنية" ومجموعة من المستقلين في الرياض خلال الفترة ما بين 22-24 من الشهر الجاري.
كما وتحاول موسكو أن تعقد اجتماعا في مدينة سوتشي الروسية تحت مسمى "مؤتمر الحوار الوطني" والذي قوبل بالرفض من قبل "الهيئة العليا للمفاوضات" و"الائتلاف السوري" و"وفد قوى الثورة العسكري إلى أستانة"، وتحفظت عليه تركيا، الأمر الذي دفع روسيا إلى تأجيله دون تحديد موعد.
واتهمت المعارضة السورية الرافضة لمؤتمر سوتشي روسيا بمحاولة إنقاذ النظام السوري من عملية الانتقال السياسي في البلاد، والالتفاف على القرارات الدولية ومخرجات جنيف من خلال فرض رؤيتها للحل في سورية عبر عقد مؤتمر سوتشي.
وفي الوقت الذي امتنعت فيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، عن كشف تسجيلات الرادار الموجودة لدى الولايات المتحدة بخصوص الغارات، لمعرفة منفذها سواء أكانت روسيا أو النظام السوري، اتهم الائتلاف السوري روسيا بالوقوف وراء المجزرة وحملها المسؤولية الكاملة.
بدورها، ذكرت وكالة "الأناضول" نقلاً عن المتحدث باسم البنتاغون لشؤون الشرق الأوسط، إريك باهون، قوله "لا نعرف من نفذ الغارات، ولا توجد لدينا معلومات بهذا الصدد، ومن ثم لا يمكننا الإشارة بأصابع الاتهام لروسيا أو النظام السوري"، مضيفا: "في هذه الحادثة لن نشارك تلك المعلومات".