استخدمت روسيا مجدداً حق النقض "الفيتو" ضد قرار دولي تقدمت به الولايات المتحدة ودول غربية أخرى، يمدد لعمل آلية التحقيق المشتركة بين الأمم المتحدة ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية، للتحقيق في استخدام الأسلحة الكيميائية بسورية.
ونصت المسودة على التمديد لعمل الآلية 12 شهراً إضافياً مع إمكانية التجديد، وصوتت 11 دولة لصالح القرار وعارضته دولتان، إحداهما روسيا، وامتنعت كل من الصين ومصر عن التصويت تأييداً للقرار.
وكانت روسيا قد تقدمت بمشروع قرار خاص بها حول الموضوع، لكنها قامت بسحبه قبل بدء التصويت بدقائق. وقد شهدت الجلسة جدلًا بين ممثل روسيا، فلاديمير سافرونكوف، وممثلة الولايات المتحدة، نيكي هالي، حول ترتيب التصويت وعلى أي مسودة يجب التصويت أولًا.
وطلب الممثل الروسي أن يتم التصويت على المسودة الروسية بعد التصويت على المسودة الأميركية، مخاطبًا رئيس مجلس الأمن، إيطاليا لهذا الشهر، باتخاذ قرار حول الموضوع، فدعم هذا الأخير وجهة النظر الأميركية. ثم طالب المندوب الروسي أن يباشر المجلس التصويت على الموضوع، فدعمت أغلب الدول الطلب الأميركي. وبعدها سحب المندوب الروسي مشروع القرار من التصويت.
وقالت السفيرة الأميركية للأمم المتحدة، بعد التصويت على القرار:"إن استخدام روسيا حق الفيتو ضد تجديد عمل الآلية يدل على أن روسيا تقبل باستخدام الأسلحة الكيميائية في سورية وتعمل على قتل لجنة التحقيق".
وتهدف مسودة القرار الروسية التي تم سحبها، بحسب السفير الروسي للأمم المتحدة، إلى "العمل بشكل أفضل من أجل تصحيح المشاكل المنهجية في طريقة عمل الآلية". وطالبت المسودة الروسية بتمديد عمل الآلية لستة أشهر إضافية على أن يشمل إرسال الآلية لفريق خاص بها يأخذ عينات من عين المكان. وهذا هو الفيتو العاشر لروسيا في ما يخص قرارات تتعلق بسورية.
وكانت روسيا قد رفضت ما نص عليه تقرير اللجنة الأخير الصادر الشهر الماضي، الذي خلص إلى أن النظام السوري مسؤول عن هجوم الرابع من إبريل/نيسان في بلدة خان شيخون، حيث استخدم غاز السارين مما أدى إلى مقتل العشرات.
وتعليقاً على الادعاءات الروسية كان رئيس آلية التحقيق المشتركة، إدموند موليه، قد نفى، في وقت سابق من الشهر، أن يكون للسياسة أي دور في النتائج التي خلصت إليها آلية التحقيق والتي تشير إلى مسؤولية النظام السوري عن الهجوم الواقع على خان شيخون.
وأشار في هذا السياق إلى أن عينات من غاز السارين عثر عليها في حفرة في المنطقة تسبب بها هجوم بقنبلة عالية السرعة أطلقت من مروحية، موضحاً أن التركيبة الكيميائية للمادة لها نفس علامات المخزون الكيميائي في سورية، والذي من المفترض أن يكون النظام قد تخلص من أغلبه.
وفي خطوة مفاجئة تبنى ممثل بوليفيا لمجلس الأمن مشروع القرار الروسي. وطالب بطرحه للتصويت مجددا. وجاء الطلب البوليفي، خلال النقاش الذي أعقب التصويت على مسودة القرار الأميركية. وانعقد مجلس الأمن مجددا للتصويت على القرار الروسي الذي تبنته بوليفيا، دولة غير دائمة العضوية في المجلس، وطرحته للتصويت مجددا باسمها. وفشل مجلس الأمن بتبني القرار الروسي/البوليفي/ الصيني. ولم تحتج أي من الدول دائمة العضوية لاستخدام حق النقض (الفيتو) لأن القرار لم يحصل على تأييد تسع دول من أصل 15 دولة عضواً في مجلس الأمن. وحصل القرار على تأييد أربع دول ومعارضة سبع وامتناع أربع من ضمنها مصر.
ويأتي الإصرار الروسي عبر تبني بوليفيا لمشروع القرار وطرحه مجددا للتصويت والنقاش الذي سبقه، لإحراج الولايات المتحدة والدول الغربية لاعتراضها على مشروع القرار الروسي ورفع المسؤولية عنها، بعدما استخدمت حق النقض ضد القرار الأميركي لتجديد عمل الآلية.
مصر تمتنع مجدداً
وكرر مندوب مصر بمجلس الأمن مواقف نظامها السياسي، الرافض لإصدار قرارات إدانة أممية ضد النظام السوري، إذ امتنع عن التصويت، إلى جانب الصين.
وكانت مصر قد اتخذت موقفاً مشابهاً تجاه الملف السوري، بعد امتناعها عن التصويت، أمس الأربعاء، على مشروع قرار سعودي يُدين نظام الرئيس السوري، بشار الأسد، في انتهاكات حقوق الإنسان، والذي انحازت إليه دول الولايات المتحدة، وفرنسا، وألمانيا، وقطر.
وتعد هذه المرة الثانية التي تنحاز فيها القاهرة للموقف الروسي ضد الرياض في مجلس الأمن، إذ صوتت في أكتوبر/تشرين الأول من العام الماضي، لصالح مشروع قرار روسي، ما أثار استياء المندوب السعودي في الأمم المتحدة، عبد الله المُعلمي، وقوله آنذاك: "كان مؤلماً أن يكون الموقف السنغالي والماليزي أقرب من الموقف العربي (المصري)".