عرض وزير الخارجية المصري، سامح شكري، الأزمةَ التي تمر بها الحكومة المصرية بسبب فشل مفاوضات سد النهضة الإثيوبي، على نظيره الأميركي ريكس تيلرسون، في محاولة لإيجاد حل لتلك الأزمة.
وقال المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المصرية، أحمد أبو زيد، إن الوزير سامح شكري تلقّى بعد ظهر اليوم اتصالاً من ريكس تيلرسون وزير خارجية الولايات المتحدة الأميركية، تناول مختلف جوانب العلاقات الثنائية والتطورات الجارية في المنطقة.
وكشف أبو زيد، عن أن الوزير شكري أحاط تيلرسون بالتطورات الخاصة بملف سد النهضة، والتعثر الذي يعتري المسار الفني الخاص بإعداد الدراسات، التي من شأنها أن تحدد الآثار المُحتملة للسد على دولتي المصب وكيفية تجنبها، وهو ما يبعث على القلق الشديد في ظل الاعتماد الكامل لمصر على مياه النيل كمصدر وحيد للمياه.
وقد دار نقاش بين الوزيرين في هذا الموضوع، جرى التأكيد خلاله على أهمية الالتزام الكامل من جميع الأطراف باتفاق إعلان المبادئ الموقّع بين مصر والسودان وإثيوبيا.
وقال متحدث الخارجية المصرية إنه قد تم التأكيد خلال الاتصال على حرص الجانبين على توجيه دفعة قوية للعلاقة الاستراتيجية بين البلدين، وأن تتم ترجمة ذلك بشكل عملي يعكسه حجم التعاون والمشروعات المشتركة التي تحقق مصلحة الشعبين المصري والأميركي، وأهمية تفهّم كل طرف لطبيعة التحديات التي تواجه الطرف الآخر، لا سيما التحديات الأمنية والاقتصادية التي تواجهها مصر وما تتطلبه من دعم من جانب شركائها، وفي مقدمتهم الولايات المتحدة.
وأثار إعلان وزارة الري المصرية فشل المباحثات مع إثيوبيا والسودان حول سد النهضة الإثيوبي ردود فعل واسعة، سواء في الدوائر الرسمية أو السياسية، فقد عبّر رئيس أركان حرب القوات المسلحة السابق، الفريق سامي عنان، عن غضبه من ذلك الإعلان، وقال إن "الحكومة فشلت فشلاً ذريعاً في إدارة ملف سد النهضة.. فشل يصل إلى حد الخطيئة، بدأ منذ أن وقّعت مصر على إعلان الخرطوم الثلاثي في مارس/ آذار 2015.. مؤتمر حسن النوايا، ورفع الأيدي".
وأضاف عنان، في بيان نشره على صفحته على "فيسبوك"، أن "العلاقات الدولية لا تُدار بحُسن النوايا ولكن بالمصالح، ويجب محاسبة كل مَن أوصلنا إلى هذا الوضع الكارثي المهين، وقيام مؤسسات الدولة وأجهزتها بدراسة كافة الحلول المتاحة لإصلاح هذا الموقف السيئ للحفاظ على حقوق مصر التاريخية في مياه النيل، ويجب إعلام الشعب بكافة الأمور والمستجدات بشفافية كاملة، وعلى الدولة أن تعلن أن كل الخيارات متاحة للدفاع عن الأمن القومي لمصر وحقوقها التاريخية في مياه النيل".
وكان رئيس الوزراء المصري، شريف إسماعيل، قد استعرض الأربعاء الماضي التقرير الذي تلقّاه من وزير الري، حول الجولة الأخيرة للجنة الفنية الثلاثية المعنية بسد النهضة، مع أعضاء حكومته في اجتماعهم. كذلك عرض وزير الخارجية سامح شكري تقريراً حول الأبعاد السياسية ذات الصلة بالموضوع، وذلك بعد الإعلان المصري عن فشل المفاوضات بين مصر والسودان وإثيوبيا.
واستعرض الوزير شكري أيضاً مع الوزراء السبل القانونية التي من الممكن أن تتحرك خلالها مصر، والتي يحكمها اتفاق إعلان المبادئ الثلاثي الذي وقّعه الرئيس السيسي بالخرطوم مع قادة السودان وإثيوبيا، وهو أول اعتراف رسمي مصري بسد النهضة الإثيوبي.
وقد حذّر العديد من خبراء المياه والقانون الدولي المصريين وقتذاك من خطورة توقيع السيسي على ذلك الإعلان، الذي قالوا إنه يؤثر سلباً على موقف مصر القانوني في موضوع السد.
وفي سياق آخر قال المتحدث باسم الخارجية إن حديث وزيري خارجية مصر والولايات المتحدة اليوم تناول بشكل مفصّل تطورات الأوضاع في المنطقة، لا سيما التوتر الحالي الناجم عن الأزمة اللبنانية وتداعياتها، والتدخلات الإيرانية لزعزعة استقرار عدد من الدول العربية، والأزمة اليمنية بتداعياتها الأمنية والإنسانية، فضلاً عن الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب. وقد حرص تيلرسون على الاستماع إلى تقييم سامح شكري لنتائج جولته العربية الأخيرة.
واختتم المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية تصريحاته، مشيراً إلى أن الوزيرين تناولا أيضاً أبعاد قرار الإدارة الأميركية الخاص بعدم تجديد الترخيص الممنوح لمكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن، وتداعياته المحتملة، إذ أكد الوزير شكري أهمية الإبقاء على قنوات الاتصال المفتوحة بين السلطة الفلسطينية والإدارة الأميركية، من أجل تهيئة المناخ الملائم لإعادة استئناف عملية السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين.
في السياق نفسه، التزمت وزارتا الخارجية والري المصريتان الصمت تجاه تصريحات لوزير الموارد المائية والري والكهرباء السوداني، معتز موسى، قال فيها إن السودان وإثيوبيا "قدما مقترحات بنّاءة وموضوعية" بخصوص قضية سد النهضة الإثيوبي إلى مصر، ولكنها تحفّظت عليها.
وأوضح موسى أن بلاده وإثيوبيا تحفّظا على بعض النقاط الجوهرية الواردة في التقرير الاستشاري الاستهلالي لدراسة الآثار الاقتصادية والاجتماعية والبيئية لسد النهضة الإثيوبي.
وقال موسى في تصريحات نشرتها وكالة السودان للأنباء، اليوم الأحد، "على رأس هذه النقاط ماهية بيانات خط الأساس الذي تنطلق منه أي دراسات لتشغيل السد، الشيء الذي تحفّظ عليه الجانب المصري".
وكشف الوزير أن السودان وإثيوبيا قدما "مقترحات بنّاءة وموضوعية ومدعومة بالاتفاقيات القائمة، ودفعا بمقترحات لطلب توضيحات من المكتب الاستشاري لدفع المفاوضات قُدماً، الأمر الذي تحفّظت عليه مصر أيضاً، لافتاً إلى أن الجانب المصري أبلغ المجتمعين بأنه في حاجة للتشاور مع قيادة بلاده".
وأضاف موسى قائلاً: "نحن بانتظار إفادة الجانب المصري"، مؤكداً التزام السودان بالمسار المهني والعلمي، باعتباره سبيلاً أساسياً لحل كافة التباينات في الرؤى والمواقف.
وجدّد موسى تمسُّك السودان باتفاق الخرطوم للمبادئ حول سد النهضة الإثيوبي، والذي وقّعه رؤساء الدول الثلاث في آذار/ مارس 2015.
واختتمت الأحد الماضي بالقاهرة اجتماعات اللجنة الفنية لدراسة آثار سد النهضة، من دون موافقة بالإجماع على تقرير المكتب الاستشاري المكلف بدراسة آثار السد.