في الوقت الذي توقعت دراسة إسرائيلية انفجار مواجهة على الجبهة الشمالية، بسبب نتائج الصراع في سورية، رأى معلقان إسرائيليان أن قمة سوتشي، التي جمعت رؤساء إيران وروسيا وتركيا، جاءت لـ"توزيع الغنائم" بين الدول الثلاث.
وحسب المعلق أورن نهاري والمستشرق إيال زيسير، فإن "الغنائم" التي تم تقاسمها في القمة تتجسد في مناطق نفوذ ستحصل عليها الدول الثلاث.
وفي مقال نشره اليوم الخميس موقع "وللا"، أوضح نهاري أنه في الوقت الذي ضمنت روسيا توفير بيئة سياسية وأمنية تساعد على مواصلة احتفاظها بالقاعدة البحرية الحيوية في طرطوس، حصلت تركيا على التزام باحترام مصالحها، وضمنها حزام أمني شمال سورية، إلى جانب منحها حق "الفيتو" على الوجود الكردي في المنطقة، ومراعاة مصالحها في العراق.
أبرز نهاري أنه على الرغم من أن تركيا كانت ضمن القوى التي وقفت ضد بشار الأسد، إلا أنه لم يكن بوسع الرئيس الروسي، فلاديمر بوتين، تجاهل مصالحها بسبب مكانتها الجيوسياسية، وبسبب رهانه على عوائد ابتعادها عن الغرب والولايات المتحدة.
وحسب نهاري، فإن قمة سوتشي أضفت شرعية على بقاء معظم الجغرافيا السورية تحت السيطرة الإيرانية، مشيرا إلى أن الروس يدركون أنه بدون الغطاء الذي توفره قوات المشاة، التي يمثلها عناصر الحرس الثوري الإيراني و"حزب الله" وبقية المليشيات الشيعية، فإن نظام الأسد سينهار.
وحسب المتحدث ذاته، فقد بدا بوتين معنياً باسترضاء إسرائيل، خشية أن تُقدم على خطوات تقلص فرص التوصل إلى تسوية سياسية للصراع في سورية، وتهدد منجزات موسكو، مبرزا أن "الروس غير معنيين بانفجار مواجهة إيرانية إسرائيلية على أرض سورية".
واعتبر أن حرص بوتين على الاتصال برئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، وإطلاعه على نتائج قمة سوتشي يعكس الحساسية التي تبديها روسيا تجاه الموقف الإسرائيلي.
واستدرك نهاري بأن "الروس، مع ذلك، لم يمنحوا إسرائيل أية فرصة لممارسة حق الفيتو إزاء ما يحدث في سورية، كما تم منح الأتراك ذلك الحق"، مشيرا إلى أن "إسرائيل تدفع ثمن عدم وجود حليف لها في قمة سوتشي"، وأوضح أن "الإيرانيين والروس غير معنيين بتوفير الظروف أمام انفجار الأوضاع مجددا في سورية"، منوها إلى أن "هذا ما يجعل كلا من موسكو وطهران تبذلان جهودا للدفع نحو تسوية سياسية بمشاركة أكبر قدر من قوى المعارضة السورية".
من ناحيته، قال زيسير إن "هناك ما يدعو إسرائيل إلى القلق من نتائج قمة سوتشي"، مشيرا إلى أن الروس معنيون بأن تسلّم إسرائيل ببقاء إيران في سورية، بشرط إبعاد قواتها وقوات "حزب الله" عن الحدود، إلى جانب مواصلة غض الطرف عن الهجمات التي تنفذها تل أبيب في قلب سورية ضد أهداف لـ"حزب الله" ونظام الأسد".
وفي مقال نشرته اليوم الخميس صحيفة "يسرائيل هيوم"، أشار زيسير إلى أن حرص بوتين على مراعاة مصالح تركيا، واهتمامه بحضور الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، القمة، يرجع إلى إدراكه أن الحسم العسكري في ساحة المواجهة لن يضمن استقرار نظام الأسد، مشيرا إلى أن الروس يعون أنه بدون تعاون تركيا فلن يتم تحقيق هذا الهدف.
في غضون ذلك، توقعت ورقة صادرة عن "مركز أبحاث الأمن القومي" أن تشتعل الجبهة الشمالية بسبب "اضطرار" إسرائيل إلى العمل بشكل مباشر ضد المصالح الروسية في سعيها لتقليص قدرة القوات الإيرانية و"حزب الله" على البقاء في سورية.
وفي ورقة تضمنها عدد 933 من مجلة "مباط عال"، الذي صدر أمس عن المركز، توقع الباحثان أودي ديكل وتسفي مغين ألا تنحصر المواجهة بين إسرائيل والقوى التي تقودها إيران في بقعة الجغرافيا السورية، مؤكدين أن هذه المواجهة يمكن أن تنتقل للبنان.
وأشارت الورقة إلى أن لدى إسرائيل طاقة كامنة كبيرة تمكنها من العمل ضد المصالح الروسية من خلال المسّ باستقرار نظام الأسد. وشدد الباحثان على أن إسرائيل باتت مطالبة بالعمل من أجل ضمان عدم تمركز القوات الإيرانية والمليشيات الشيعية، التي تعمل إلى جانبها، في منطقة هضبة الجولان، والحرص على عدم السماح بتدشين بنى صناعة عسكرية لإيران في سورية.
واستدركت الورقة بأن إسرائيل مطالبة بأن تأخذ بعين الاعتبار أن إدارة الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، لن تمنحها "شبكة أمان" في حال أفضت عملياتها العسكرية في سورية إلى ورطة أمنية، مشددة على ضرورة أن تتحوط تل أبيب مسبقا لكل الاحتمالات، وتعد البدائل اللازمة.
ولاحظت الورقة أن ما يقلص هامش المناورة أمام إسرائيل ويزيد من احتمالات انفجار المواجهة حقيقة أن إدارة ترامب لا تملك استراتيجية للتعاطي مع الأوضاع في سورية، مشيرة إلى أن الهدف الوحيد الذي وضعته إدارتا ترامب وأوباما تمثل في إلحاق الهزيمة بتنظيم "داعش" فقط.