ويقول الشيخ علي البدراني الذي كان يعمل مدير قسم في وزارة الأوقاف والشؤون الدينية قبل الاحتلال الأميركي للعراق عام 2003، إن الجامع الذي انطلق العمل به عام 1999 بأمر مباشر من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، كان من المقرر افتتاحه بعد عشر سنوات، مبينا أن العمل على بنائه توقف بعد أربع سنوات من ذلك التاريخ بسبب الغزو الأميركي.
وأضاف البدراني: "ما أن دخل الجيش الأميركي إلى بغداد حتى اقتحمت الأحزاب الدينية التي دخلت معه المقرات الحكومية وقصور المسؤولين السابقين والمساجد، واستولت على أغلبها"، موضحا في حديث مع "العربي الجديد"، أن "حزب الفضيلة" المقرب من إيران وضع يده على جامع الرحمن بسبب مساحته الشاسعة، ووقوعه في حي المنصور الذي يعتبر من أرقى أحياء بغداد.
وتابع: "تعرض عناصر الحزب الموجودون في الجامع إلى عدة هجمات خلال فترة العنف الطائفي في العراق عامي 2006 و2007، ما دفع الحكومة العراقية السابقة التي كان يترأسها نوري المالكي إلى إرسال قوة عسكرية لحماية المقر من الهجمات"، مؤكدا أن القوة العسكرية انسحبت عام 2014 بعد تشكيل "حزب الفضيلة" لمليشيا باسم "رساليون"، تولت حماية المنطقة.
صورة أرشيفية للجامع (Getty)
ويفكر حسين المهداوي الذي يسكن شارع الأميرات المجاور للجامع، ببيع منزله والانتقال إلى منطقة أخرى، بسبب تحول جامع الرحمن إلى وكر للمليشيات التابعة لـ"حزب الفضيلة"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أن المساحة الكبيرة للجامع دفعت الحزب إلى تقسيمه لمقرات حزبية، وإنشاء معسكر تدريب صغير بداخله، فضلا عن تحويل بعض أجزائه إلى كراجات لوقوف السيارات وساحات لوقوف ومبيت المركبات.
وأضاف: "توجد أكثر من 500 أسرة داخل المساحة التابعة للمسجد، تسكن على شكل عشوائيات، وهي عوائل عناصر حزب الفضيلة ومليشيا رساليون، الذين جاءوا من جنوب العراق واستوطنوا الجامع"، موضحا أن أفراد هذه الأسر يمثلون النسبة الأكبر من عصابات حي المنصور، وشبكات التسول التي ترغم المارة على منحهم مبالغ مالية تحت تهديد السلاح والآلات الحادة.
ولفت إلى تزايد عمليات الخطف والسطو في منطقته خلال الفترة الأخيرة، ما دفعه للتفكير بتغيير مكان سكنه كونه من الميسورين الذين يمتلكون متاجر في منطقة الشورجة، التي تمثل مركز التسوق الأكبر في بغداد والعراق.
ويقول علي فاضل وهو سائق تاكسي، إنه مكتوب على السياج المحيط بالجامع لافتات "ممنوع الوقوف"، و"ممنوع التصوير"، مؤكدا لـ"العربي الجديد" أنه اضطر للتوقف قرب منطقة الجامع قبل أيام، لكنه تعرض لإطلاق نار في الهواء من قبل المليشيات التي تتولى حماية المنطقة.
يشار إلى أن العمل بجامع الرحمن كان قد بدأ عام 1999 بأمر من الرئيس العراقي الراحل صدام حسين، وإشراف وزارة الأوقاف والشؤون الدينية المنحلة، وكان مخططا أن ينتهي العمل به عام 2010.
Twitter Post
|
ويعد الجامع الأكبر في العراق لأنه يمتد مع الساحات المحيطة به وملحقاته على مساحة 200 ألف متر مربع، لاستيعاب 100 ألف مصلّ، ويحتوي على قبب كبيرة جدا وعددها ثمان تتوسطها واحدة ضخمة جدا، وكان من المفترض أن ينافس المساجد العالمية من حيث الحجم، كما كان النظام العراقي السابق يخطط ليلحق بالجامع جامعة إسلامية كبرى تضم الكليات الإسلامية في العراق.
وليس جامع الرحمن المكان الوحيد الذي استولى عليه "حزب الفضيلة"، إذ سبق لسياسيين عراقيين أن تحدثوا عن قيامه بالاستيلاء على كميات كبيرة من نفط محافظة البصرة (590 كلم جنوب بغداد)، وتهريبها إلى خارج العراق، فضلا عن سيطرته على مقرات وقصور كانت تابعة للنظام العراقي السابق قبل عام 2003.
Twitter Post
|