عاد الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد والدائرة المحيطة به، لتصدّر واجهة الجدل في الداخل الإيراني، بعد تصريحات أطلقها هؤلاء أخيراً، أشاروا فيها إلى فضائح كثيرة تطاول أشخاصاً وجهات عدة في البلاد وعلى رأسها السلطة القضائية. واللافت أن المواقع ووسائل الإعلام المحافظة والمحسوبين على التيار المحافظ، أبدوا تحفظاً في التعامل مع كل ما يصدر عما بات يُسمى بالتيار النجادي، أو "تيار الانحراف"، وبدا هذا جلياً منذ تسجيل أحمدي نجاد لترشحه في الانتخابات الرئاسية الأخيرة التي جرت في مايو/أيار الماضي، مخالفاً بذلك رغبة المرشد الأعلى علي خامنئي، والذي نصحه بعدم القيام بتلك الخطوة، فكان ما فعله حينها كفيلاً بزيادة ثقل ملفات الرئيس السابق والمتهم بشق صف المحافظين.
علا صوت أحمدي نجاد مجدداً مع عقد المحاكمات الخاصة بمقربين منه ومسؤولين في حكومته السابقة، كما نشر فيديو مصوراً وجّه خلاله اتهامات مباشرة وصريحة للسلطة القضائية، متهماً إياها بالفساد، وقال إن عملها وسياستها خطرة على الجميع، داعياً لإصلاحها. وهي انتقادات صدرت كذلك على لسان مدير مكتبه الأسبق حميد بقائي، والذي يخضع للمحاكمة.
ورد المتحدث باسم السلطة القضائية محسن أجئه على هذه التصريحات، واصفاً إياها بالافتراءات والأكاذيب والإهانات. وفي مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي، أجاب أجئه عن سؤال يرتبط باحتمال اعتقال أحمدي نجاد بسبب تصريحاته هذه، فذكّر بأن الإهانات موجّهة للقضاء ولغيره من الأجهزة، مضيفاً أن "الكثيرين يتوقعون أن نتحرك عملياً، لكن ستتبيّن للجميع أسباب حكمة وصبر السلطة القضائية في المستقبل القريب"، مشيراً في طيات تصريحاته إلى وجود خطوات سيتم اتخاذها بحق هؤلاء. وشكك أجئه بكل ما يصدر عن الرئيس الأسبق، والذي ما زال يتحدث عن شعبية كبرى لصالحه في الشارع الإيراني، قائلاً إن تصريحاته تهدف للفت الأنظار فقط.
أما بقائي فاتهم شخصيات بالاسم بأخذ رشى، ومنهم قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، راعي العتبة الرضوية المرشح الرئاسي الأسبق إبراهيم رئيسي، النائب المحافظ السابق غلام رضا مصباحي مقدم، المتحدث باسم السلطة القضائية محسن أجئه، وأمين مجلس الأمن القومي السابق سعيد جليلي وغيرهم، فذكّر بأنهم أخذوا سبائك ذهبية كهدايا في الزمن الذي كانت تخضع فيه البلاد لعقوبات.
ورداً على الأمر، خرجت انتقادات حادة اللهجة من جهات محافظة كثيرة كانت قد قررت سابقاً ألا تولي نجاد أهمية خاصة، حتى أن مكتب الحرس الثوري نفى في بيان رسمي صحة هذا الكلام، مؤكداً أنه سيرفع شكوى قضائية بحق مطلقيها.
اقــرأ أيضاً
بقائي هو من أبرز المقربين لنجاد، خصوصاً خلال دورته الرئاسية الثانية، وكان مديراً لمؤسسة السياحة والميراث الثقافي لعامين، ومن ثم عيّنه نجاد مديراً لمكتبه. تعرض لمساءلات قضائية منذ ذاك الوقت، وفُصل وفق حكم قضائي من كافة الوظائف الحكومية لأربع سنوات بسبب تهم مرتبطة بتخريب مبانٍ تاريخية، وتم تعليق الحكم مؤقتاً بعد ذلك.
اعتُقل بقائي عام 2015، بسبب اتهامات لم يتم الإفصاح عنها في حينه، وأطلق سراحه بكفالة مالية، وفي يونيو/ حزيران الماضي اعتُقل مجدداً بسبب رفع مبلغ الكفالة وعدم قدرته على دفعها بحسب نجاد والمقربين منه أيضاً. وأصدر نجاد بياناً حينها اعتبر فيه أنه يتعرض ومستشاره للظلم، وقال إن بقائي سُجن في ظروف غير ملائمة، لكن القضاء أفرج عنه بعد فترة وجيزة للغاية، على أن يحضر المحاكمات.
هذه المحاكمات تحوّلت أخيراً إلى ساحة جديدة لتبادل الاتهامات الصادرة عن "النجاديين"، بينما غاب بقائي عن عدة جلسات منها، وذهب مع المستشار الإعلامي للرئيس علي أكبر جوانفكر واعتصموا في مرقد شاه عبد العظيم، في شهر ري، جنوبي طهران، وهو المكان الذي دُرِجَ على اللجوء إليه منذ قرون ولت، إذ يذهب إلى ذاك المكان الآمن من لديهم مطالب إلى حين تلبيتها. ونقلت بعض المواقع صوراً لأحمدي نجاد وآخرين من دائرته داخل الحرم، بل إن البعض تحدثوا عن أن بقائي وجوانفكر اشتبكا مع معارضين لهما داخله.
بقائي ليس الوحيد الذي تعرض للمساءلات القانونية، فنائب الرئيس السابق رضا رحيمي يقضي عقوبة بالسجن بسبب تهم فساد مالي، والرئيس السابق لمؤسسة التأمين الاجتماعي سعيد مرتضوي المتهم بالاختلاس سيُسجن لعامين وفق قرار صادر أخيراً عن القضاء بسبب تورطه بملف قتل معتقلين في سجن كهريزك، فضلاً عن صهر الرئيس السابق ومستشاره إسفنديار رحيم مشائي، الذي صعّد من انتقادات صقور المحافظين الموجّهة ضد هؤلاء بعد أن بدأ بالترويج لإيران القومية لا الإسلامية وأخرج نجاد ومن معه عن سكة المحافظين التقليديين.
صحف الإصلاحيين كانت أكثر وضوحاً في التعاطي مع هذه الملفات الجدلية، ووجّهت اللوم للمحافظين أنفسهم الذين سمحوا لنجاد بالوصول لهذا الحد، وبالترويج له من الأساس، على حد تعبيرها. فصحيفة "اعتماد" اعتبرت أن نجاد الذي يهدد الأخوين لاريجاني، أحدهما يتسلم القضاء والآخر يترأس البرلمان، ويتحدث عن أسرار وفضائح، بدأ بمسلسله هذا منذ 2009، حين حوّل المناظرات التلفزيونية في الاستحقاق الرئاسي إلى ساحة لتوجيه الاتهامات والشكوك، وبات صاحب مقولة "هل أقول؟" المستمر في استخدامها حتى اليوم.
أما صحيفة "ابتكار" فذكرت، يوم الأربعاء الماضي، نقلاً عن الإصلاحي علي تاجر نيا، لومه لمن فتح المجال لنجاد وأمثاله، مقابل محاصرة آخرين وعدم السماح لهم بالمشاركة في العمل السياسي. أما الإصلاحي غلام رضا ظريفيان، فاعتبر أن الفضائح التي يتحدث عنها نجاد تشبه محاولة الهروب نحو الأمام، فهو يسعى لتشويش الأذهان لإبعاد الأنظار عن التهم الموجهة لدائرته، وله كذلك، حسب رأيه.
ويبدو أن نجاد بات وحيداً بعد أن رفع المحافظون الغطاء عنه، أما الخلاف مع الإصلاحيين فتاريخي ومتأصل، والبعض اليوم يعوّل على المرشد علي خامنئي والذي أعاد تعيين نجاد كعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام قبل أشهر. إلا أن استمرار الرئيس السابق على هذا المنوال قد يكلّفه الكثير لاحقاً، وربما يكون مصيره كمصير زعماء الحركة الخضراء ممن ساهم نجاد نفسه بوضعهم تحت الإقامة الجبرية بسبب احتجاجات عام 2009، كما يقول البعض في الداخل الإيراني.
ورد المتحدث باسم السلطة القضائية محسن أجئه على هذه التصريحات، واصفاً إياها بالافتراءات والأكاذيب والإهانات. وفي مؤتمر صحافي عقده الثلاثاء الماضي، أجاب أجئه عن سؤال يرتبط باحتمال اعتقال أحمدي نجاد بسبب تصريحاته هذه، فذكّر بأن الإهانات موجّهة للقضاء ولغيره من الأجهزة، مضيفاً أن "الكثيرين يتوقعون أن نتحرك عملياً، لكن ستتبيّن للجميع أسباب حكمة وصبر السلطة القضائية في المستقبل القريب"، مشيراً في طيات تصريحاته إلى وجود خطوات سيتم اتخاذها بحق هؤلاء. وشكك أجئه بكل ما يصدر عن الرئيس الأسبق، والذي ما زال يتحدث عن شعبية كبرى لصالحه في الشارع الإيراني، قائلاً إن تصريحاته تهدف للفت الأنظار فقط.
أما بقائي فاتهم شخصيات بالاسم بأخذ رشى، ومنهم قائد الحرس الثوري محمد علي جعفري، راعي العتبة الرضوية المرشح الرئاسي الأسبق إبراهيم رئيسي، النائب المحافظ السابق غلام رضا مصباحي مقدم، المتحدث باسم السلطة القضائية محسن أجئه، وأمين مجلس الأمن القومي السابق سعيد جليلي وغيرهم، فذكّر بأنهم أخذوا سبائك ذهبية كهدايا في الزمن الذي كانت تخضع فيه البلاد لعقوبات.
ورداً على الأمر، خرجت انتقادات حادة اللهجة من جهات محافظة كثيرة كانت قد قررت سابقاً ألا تولي نجاد أهمية خاصة، حتى أن مكتب الحرس الثوري نفى في بيان رسمي صحة هذا الكلام، مؤكداً أنه سيرفع شكوى قضائية بحق مطلقيها.
بقائي هو من أبرز المقربين لنجاد، خصوصاً خلال دورته الرئاسية الثانية، وكان مديراً لمؤسسة السياحة والميراث الثقافي لعامين، ومن ثم عيّنه نجاد مديراً لمكتبه. تعرض لمساءلات قضائية منذ ذاك الوقت، وفُصل وفق حكم قضائي من كافة الوظائف الحكومية لأربع سنوات بسبب تهم مرتبطة بتخريب مبانٍ تاريخية، وتم تعليق الحكم مؤقتاً بعد ذلك.
اعتُقل بقائي عام 2015، بسبب اتهامات لم يتم الإفصاح عنها في حينه، وأطلق سراحه بكفالة مالية، وفي يونيو/ حزيران الماضي اعتُقل مجدداً بسبب رفع مبلغ الكفالة وعدم قدرته على دفعها بحسب نجاد والمقربين منه أيضاً. وأصدر نجاد بياناً حينها اعتبر فيه أنه يتعرض ومستشاره للظلم، وقال إن بقائي سُجن في ظروف غير ملائمة، لكن القضاء أفرج عنه بعد فترة وجيزة للغاية، على أن يحضر المحاكمات.
هذه المحاكمات تحوّلت أخيراً إلى ساحة جديدة لتبادل الاتهامات الصادرة عن "النجاديين"، بينما غاب بقائي عن عدة جلسات منها، وذهب مع المستشار الإعلامي للرئيس علي أكبر جوانفكر واعتصموا في مرقد شاه عبد العظيم، في شهر ري، جنوبي طهران، وهو المكان الذي دُرِجَ على اللجوء إليه منذ قرون ولت، إذ يذهب إلى ذاك المكان الآمن من لديهم مطالب إلى حين تلبيتها. ونقلت بعض المواقع صوراً لأحمدي نجاد وآخرين من دائرته داخل الحرم، بل إن البعض تحدثوا عن أن بقائي وجوانفكر اشتبكا مع معارضين لهما داخله.
بقائي ليس الوحيد الذي تعرض للمساءلات القانونية، فنائب الرئيس السابق رضا رحيمي يقضي عقوبة بالسجن بسبب تهم فساد مالي، والرئيس السابق لمؤسسة التأمين الاجتماعي سعيد مرتضوي المتهم بالاختلاس سيُسجن لعامين وفق قرار صادر أخيراً عن القضاء بسبب تورطه بملف قتل معتقلين في سجن كهريزك، فضلاً عن صهر الرئيس السابق ومستشاره إسفنديار رحيم مشائي، الذي صعّد من انتقادات صقور المحافظين الموجّهة ضد هؤلاء بعد أن بدأ بالترويج لإيران القومية لا الإسلامية وأخرج نجاد ومن معه عن سكة المحافظين التقليديين.
أما صحيفة "ابتكار" فذكرت، يوم الأربعاء الماضي، نقلاً عن الإصلاحي علي تاجر نيا، لومه لمن فتح المجال لنجاد وأمثاله، مقابل محاصرة آخرين وعدم السماح لهم بالمشاركة في العمل السياسي. أما الإصلاحي غلام رضا ظريفيان، فاعتبر أن الفضائح التي يتحدث عنها نجاد تشبه محاولة الهروب نحو الأمام، فهو يسعى لتشويش الأذهان لإبعاد الأنظار عن التهم الموجهة لدائرته، وله كذلك، حسب رأيه.
ويبدو أن نجاد بات وحيداً بعد أن رفع المحافظون الغطاء عنه، أما الخلاف مع الإصلاحيين فتاريخي ومتأصل، والبعض اليوم يعوّل على المرشد علي خامنئي والذي أعاد تعيين نجاد كعضو في مجمع تشخيص مصلحة النظام قبل أشهر. إلا أن استمرار الرئيس السابق على هذا المنوال قد يكلّفه الكثير لاحقاً، وربما يكون مصيره كمصير زعماء الحركة الخضراء ممن ساهم نجاد نفسه بوضعهم تحت الإقامة الجبرية بسبب احتجاجات عام 2009، كما يقول البعض في الداخل الإيراني.