"نداء تونس" يلقي فشله بانتخابات دائرة ألمانيا على "حركة النهضة"

19 ديسمبر 2017
الغنوشي والسبسي (فتحي بلعيد/فرانس برس)
+ الخط -
ألقى حزب "نداء تونس" مسؤولية فشله في الانتخابات التشريعية الجزئية، بعد فوز مرشح "قائمة أمل" ياسين العياري، المدعوم من الرئيس السابق المنصف المرزوقي بمقعد البرلمان عن ألمانيا، على "حركة النهضة"، معلناً عن مراجعة علاقته بالأطراف السياسية.

وفاجأ "نداء تونس"، شريكه الرئيسي في حكومة الوحدة الوطنية، "حركة النهضة"، صاحب الأغلبية في البرلمان، ببيان، أمس الاثنين، أعلن فيه نيته القيام بما سمّاها "المراجعات الشجاعة والضرورية في علاقته مع بعض الأطراف السياسية"، من دون أن يذكر من هم هؤلاء الشركاء السياسيين، مفوّضاً لهياكله اتخاذ القرارات المحدّدة لمصير الشراكة.

واستفاقت قيادة "نداء تونس"، غداة إعلان نتائج انتخابات مقعد ألمانيا، أول أمس الأحد، على حجم حضورها الانتخابي، وعلى عزوف قواعدها على الإقبال على التصويت، فضلاً عن مقاطعة ناخبين لصناديق الاقتراع، في سقوط لماكينة الحزب الانتخابية، والتي يعوّل عليها في الاستحقاقات المقبلة.

وحصل العياري على 284 صوتاً أي بنسبة 21.23 % من الأصوات، يليه مرشح حزب "نداء تونس"، فيصل بالحاج طيب، بـ253 صوتاً أي بنسبة تناهز 19.44%.

وتُعدّ نسبة المشاركين في الانتخابات التشريعية الجزئية بألمانيا، الأضعف والأكثر تواضعاً في تاريخ الانتخابات التونسية، حيث سُجّلت نسبة مشاركة بلغت 5.02%، بحسب الإحصائيات النهائية والرسمية التي نشرتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات.

ويرى متابعون للشأن السياسي التونسي، أنّ بيان حزب "نداء تونس"، كان بمثابة هروب إلى الأمام، ومحاولة للبحث عن شماعة يعلّق عليها فشله الانتخابي وفقدانه ثقة قواعده، ما حدا به للتصويب على شريكه حزب "حركة النهضة".

وقال منجي الحرباوي المتحدّث باسم حزب "نداء تونس"، في تصريح لـ"العربي الجديد"، اليوم الثلاثاء، إنّ الحزب "قرّر القيام بمراجعة عميقة وجريئة لعلاقته مع شركائه، وسيعلن قراره بعد اجتماع هياكله نهاية الأسبوع الجاري".

وأضاف الحرباوي، أنّ "حزب نداء تونس قيّم نتائج انتخابات ألمانيا، وفهم رسالة الغضب التي أرسلتها قواعده غير الراضية عن أدائه وممارسته السياسية، والجميع يتحمّل المسؤولية في العزوف عن المشاركة، سواء الأحزاب السياسية أو هيئة الانتخابات".

ورأى مراقبون أنّ بيان "نداء تونس"، هو مجرّد فقاعة إعلامية لن تصل إلى حد إنهاء روابط الشراكة، مع "حركة النهضة"، نظراً لمتانة العلاقة بين الطرفين، والتي تعود جذورها إلى اتفاق باريس عام 2013 الذي جمع رئيس الحركة راشد الغنوشي، مع مؤسس الحزب رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي.

وأدّت الشراكة بين "نداء تونس"، و"حركة النهضة"، إلى توليفة الحكومة الأولى عام 2014 بقيادة الحبيب الصيد، وامتدت إلى الحكومة الحالية حكومة الوحدة الوطنية برئاسة يوسف الشاهد، فضلاً عن تأمين التوازن العددي بينهما داخل البرلمان، والسياسي خارجه بين الغنوشي والسبسي.

ورغم قرار حزب "نداء تونس"، خوض الانتخابات الجزئية بألمانيا وحيداً دون شركاء، كال الاتهامات إلى"حركة النهضة" بالتخلّي عنه وعدم تسخير قواها الانتخابية، لدعم مرشح الحزب كما كان منتظراً.

وسبق أن شدّد المكتب التنفيذي لحزب "نداء تونس"، على أنّ شراكته مع "حركة النهضة"، لا تتجاوز التنسيق الحكومي، ولا ترتقي إلى تحالف استراتيجي أو انتخابي، لا سيما أنّ الحزب رفض خوض غمار السباق الانتخابي في قوائم ائتلافية في البلديات، وتمسّك بقدرته وإمكانياته للفوز بالأغلبية، مستنداً إلى نتائج استطلاعات الرأي التي أظهرته في الصدارة.


من جهتها أحجمت قيادة حزب "حركة النهضة"، عن أي تعليق أو تأويل لبيان حزب "نداء تونس"، معتبرة أنّ الإبهام الذي يحيط بالبيان، لا يرتقي إلى درجة فك الارتباط بين الطرفين، مؤكدة أنّ التوافق ووثيقة قرطاج، هما من ثوابت الشراكة.

وانبثقت مؤخراً عن اجتماعات ثلاثة بين ثلاثي الحكم، الأول في مقر "نداء تونس"، والثاني في مقرّ "حركة النهضة"، والثالث في مقرّ حزب "الاتحاد الوطني الحر"، توافقات أدت إلى نجاح البرلمان بالتصويت على اختيار التليلي المنصري رئيساً لهيئة الانتخابات العليا، فضلاً عن تمرير قانون الموازنة، وتأجيل الانتخابات البلدية إلى مطلع مايو/أيار المقبل.

وذهب محلّلون إلى حد اعتبار أنّ الحكم لم يعد بيد الشاهد، ولا في إطار الوحدة الوطنية، بل إن سفينة تقودها "حركة النهضة" و"نداء تونس"، هي من تسيّر مقاليد الأمور في البلاد، بمباركة الطرف الثالث غير الممثل في الحكومة "الاتحاد الوطني الحر".

واستبعد الصادق بلعيد خبير القانون الدستوري، في تصريح لـ"العربي الجديد"، "وجود أي تلاعب أو توجيه للمعركة الانتخابية من قبل أي طرف سياسي، أو ترجيح كفة قوة انتخابية على حساب أخرى".

ورأى بلعيد، أنّ "نتائج انتخابات ألمانيا، كشفت حجم العزوف لدى المواطن التونسي عن المشاركة في الحياة السياسية، وهو درس لجميع الأحزاب دون استثناء على اختلاف مرجعياتها، نظراً لضعف برامجها وفقدان التونسيين ثقتهم بوعودها".

ولفت بلعيد، إلى أنّ "أكثر من 95% من المسجّلين (26 ألف ناخب) عزفوا عن المشاركة في التصويت، وهو رقم يجب أن تأخذه الأحزاب بعين الاعتبار، فضلاً عن فضيحة كبرى هي أنّ 75% من إجمالي الجالية في ألمانيا التي تقدّر بـ90 ألف تونسي، رفضوا التسجيل تماماً".