استبعدت تقديرات إسرائيلية أن تقدم الدول العربية "المعتدلة" على أية إجراءات عملية ضد إعلان الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، الاعتراف بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل، مشيرة إلى أن "المواقف التي ستعبر عنها الدول العربية لن تتجاوز ردود الفعل الكلامية".
وتوقعت بعض هذه التقديرات أن تكون إدارة ترامب قد اتفقت سلفا مع السعودية على احتواء مفاعيل الغضب الرسمي الفلسطيني على الإعلان المرتقب، من خلال الضغط على رئيس السلطة محمود عباس.
وقال الكاتب بن لينفايد إن "الفلسطينيين سيحبطون عندما يكتشفون أن رهاناتهم على رد فعل عربي قوي على إعلان ترامب المرتقب في غير مكانها".
وفي تقرير نشره موقع صحيفة "جيروزاليم بوست"، اليوم الإثنين، أوضح لينفايد أن "كل ما يعني نظم الحكم في السعودية ومصر والأردن، التي تعتمد بشكل مطلق على الولايات المتحدة، أن تتأكد دوما من أنها في جبهة واحدة مع إدارة ترامب". وتوقع أن تهدأ وتيرة الخطابات الكلامية التي ستصدر عن ممثلي هذه الدول، كرد على الإعلان الأميركي، في وقت قصير.
ونقلت الصحيفة عن جابريل بن دور، أستاذ الدراسات الشرقية في جامعة "حيفا"، قوله إن "الدول العربية المعتدلة تدرك أن ما سيقدم عليه ترامب يعبر عن التزاماته السابقة بشأن تغيير الموقف الأميركي من القدس، وهذا ما سيجعل هذه الدول تكتفي بالاحتجاجات الكلامية فقط".
من ناحيته، قال براندون فريدمان، الباحث المتخصص في الشؤون السعودية في "مركز ديان" التابع لجامعة تل أبيب، إن "العلاقات الوثيقة بين الرياض وإدارة ترامب تدفع للاعتقاد بأن الطرفين قد اتفقا على أن تقوم السعودية باحتواء الغضب الفلسطيني".
ونقلت الصحيفة عن فريدمان قوله إن "مهمة السعوديين ستتمثل في العمل على منع الفلسطينيين من الإقدام على خطوات استفزازية" ردا على الإعلان المرتقب لترامب، مشيرا إلى أن "القاعدة التي تضبط سلوك نظام الحكم في الرياض تقول إن مصالح النظام تتقدم على القضية الفلسطينية، وهو ما يفسر حرص السعوديين على عدم الذهاب بعيدا في إسناد الموقف الفلسطيني، ولا سيما عندما يتعارض مع الموقف الأميركي".
وذكر الباحث ذاته أن "كل ما يعني السعودية هو ضمان أن تتخذ إدارة ترامب موقفا متشددا إزاء التدخل الإيراني في المنطقة، ولا سيما في لبنان، العراق، اليمن، وذلك بخلاف سلفه في الحكم باراك أوباما".
وفي السياق، قال إيهود يعاري، معلق الشؤون العربية في قناة التلفزة الإسرائيلية الثانية، إن رئيس السلطة الفلسطينية يجد صعوبة في "تجنيد الزعماء العرب ضد الاعتراف الأميركي بالقدس كعاصمة لدولة إسرائيل".
وفي تعليق بثته القناة الليلة الماضية، لفت يعاري الأنظار إلى أن "عباس لم يتلق أية ردة فعل عربية على دعوته لعقد اجتماع عاجل للجامعة العربية، على الرغم من الطابع (الدراماتيكي) لطلبه".
وفي السياق، قال أوري سافير، وكيل وزارة الخارجية الإسرائيلية الأسبق، إن "الفلسطينيين يعون أن تركيز كل من مصر والسعودية والأردن وإدارة ترامب على مواجهة تحدي (محاربة الإرهاب) جاء على حساب القضية الفلسطينية، ويخدم استراتيجية رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الذي يعمل على إقصاء الشأن الفلسطيني".
وفي مقال نشرته النسخة العبرية لموقع "المونتور"، اليوم، نقل سافير عن مسؤول فلسطيني مقرب من عباس قوله إن "الإدارة الأميركية تمارس صغوطا كبيرة على الدول العربية السنية للتسليم بالمبادرة الأميركية العتيدة، والتي ستكون أقرب لموقف إسرائيل".
وفي سياق آخر، قال الصحافي الإسرائيلي إيان مي، إن "العلاقات السعودية الإسرائيلية أصبحت دافئة، إذ أصبح البلدان يرتبطان بتحالف يهدف إلى مواجهة إيران".
وفي مقال نشرته صحيفة "جيروزاليم بوست"، أمس، أوضح مي أن "كلا من السعودية وإسرائيل أجرت اتصالات لتدشين علاقات اقتصادية"، مشيرا إلى أنه "استنادا إلى العديد من المصادر الإسرائيلية، فإن الأمير محمد بن سلمان ناقش، في زيارته السرية لإسرائيل في سبتمبر/ أيلول الماضي، سبل تعزيز وتنمية الشراكة بين الرياض وتل أبيب".
ولفت إلى تصريح وزير الطاقة الإسرائيلي، يوفال شطاينتس، الذي أكد على وجود علاقات سرية بين السعودية وإسرائيل. وشدد مي على أن "المخاوف المشتركة من ثورات الربيع العربي دفعت للتقارب بين الرياض وتل أبيب"، مبرزا أن "السعودية وإسرائيل اعتبرتا هذه الثورات وصفة لعدم الاستقرار في المنطقة، إلى جانب أنها منحت الفرصة للقوى الإسلامية المتطرفة للصعود"، بحسب قوله.