توحي أجواء أميركية وكأن الاجتماع الأول، اليوم الأربعاء، بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو، سيكون مليئاً بعناوين إقليمية أكثر مما هي فلسطينية، على رأسها الملف الإيراني، مع رغبة واشنطن وتل أبيب بمعالجته من خلال التصدي لطهران. وفي حال صحّ هذا الكلام، فسيساعده في ذلك واقع أن مواقف الإدارة الأميركية الجديدة تجاه الشأن الفلسطيني ما زالت متذبذبة، على الرغم من ملاحظات ترامب الأخيرة عن المستوطنات الإسرائيلية. كما يساعد ذلك أن الإدارة الأميركية حتى لو توفرت النية لديها، ليست الآن في وضع يمكّنها الإملاء على نتنياهو، ففريق السياسة الخارجية مشغول بصراعاته الداخلية، وجهاز الأمن القومي في البيت الأبيض في حالة مضطربة بعد زلزال استقالة مستشار الأمن القومي الجنرال مايكل فلين. يضاف إلى ذلك أن الإدارة الأميركية وخلافاً لما جاء في خطابها الانتخابي، بدت متخبطة ومفتقدة للحزم في تعاملها مع تحديات خارجية كبيرة توالت في الأيام الأخيرة، مثل التجارب الصاروخية الإيرانية والكورية الشمالية.
كل ذلك يحرم إدارة ترامب من القدرة على إظهار جديتها لنتنياهو، هذا إذا كانت جادة وعازمة، في موضوع المستوطنات فضلاً عن حل الدولتين. لكن مثل هذه الجدية كانت غائبة منذ بداية الترتيبات للزيارة. فالدعوة التي وجّهها إليه ترامب في الثلاثين من يناير/ كانون الثاني الماضي، جاءت خالية من الإشارة إلى هذا الموضوع ولو بالتلميح. فـ"علاقاتنا مع الديمقراطية الوحيدة في المنطقة بالغة الأهمية لأمن بلدينا، والرئيس يتطلع إلى المزيد من التباحث مع رئيس الحكومة بشأن مواصلة تعاوننا الاستراتيجي والتكنولوجي والعسكري والاستخباراتي"، على ما أعلنه يومذاك المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض شون سبايسر، بلا أي إشارة إلى القضية الفلسطينية. تبعت ذلك تعليقات من البيت الأبيض وترامب عن توسيع الاستيطان، عبّرت عن شيء من التأفف حرصاً على "السلام"، وليس على حل الدولتين الذي بقيت سيرته غائبة عن التصريحات.
اقــرأ أيضاً
يزيد من علامات غياب العزم، أن الإدارة الأميركية لا توظف الثقل الأميركي بقدر ما تستعين بالوساطات التي لها تأثير على نتنياهو، علها تساعد على إحداث بعض الحلحلة على الأقل في الاستيطان. كبير الوسطاء الآن هو الملياردير اليهودي الأميركي شالدون أدلسون، أحد رموز عتاة اليمين المؤيد والمتبرع بقوة للاستيطان والمقرب جداً من نتنياهو، والذي أدى دوراً في شطب عبارة "حل الدولتين" من برنامج الحزب الجمهوري الذي تبنى ترشيح ترامب في مؤتمره العام في يوليو/ تموز الماضي. ومساء الخميس الماضي، تناول أدلسون العشاء في البيت الأبيض مع ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، في توقيت يشير إلى علاقة استضافته بزيارة نتنياهو. مثل هذا الأسلوب يتقن نتنياهو تجييره أو الالتفاف عليه، كما أثبت طوال مسلسل الوساطات التي تعاقبت منذ أوسلو.
بناء على ذلك، يبدو أن برنامج زيارته سيكون أشبه بعملية تدشين لمرحلة دافئة مع رئاسة يعتبرها من أهل البيت، لتحل مكان علاقات اتسمت بالبرودة مع الرئيس السابق باراك أوباما، الذي من مفارقاته أنه كان الرئيس الأسخى بالدعم على إسرائيل بين الرؤساء الأميركيين الـ44 السابقين لترامب. أما في الجوهر، فإن نتنياهو يأتي إلى واشنطن لتجديد وتطوير الشراكة الاستراتيجية مع أميركا في الشرق الأوسط وبما يكفل خفض مرتبة القضية الفلسطينية من الأولوية إلى الهامشية التي لا يستدعي التعامل معها أكثر من إغراءات وتسهيلات معيشية في إطار إدارة ذاتية، على حساب حقوقها الوطنية. صيغة قديمة مطروحة بنفحة جديدة.
اقــرأ أيضاً
يزيد من علامات غياب العزم، أن الإدارة الأميركية لا توظف الثقل الأميركي بقدر ما تستعين بالوساطات التي لها تأثير على نتنياهو، علها تساعد على إحداث بعض الحلحلة على الأقل في الاستيطان. كبير الوسطاء الآن هو الملياردير اليهودي الأميركي شالدون أدلسون، أحد رموز عتاة اليمين المؤيد والمتبرع بقوة للاستيطان والمقرب جداً من نتنياهو، والذي أدى دوراً في شطب عبارة "حل الدولتين" من برنامج الحزب الجمهوري الذي تبنى ترشيح ترامب في مؤتمره العام في يوليو/ تموز الماضي. ومساء الخميس الماضي، تناول أدلسون العشاء في البيت الأبيض مع ترامب ووزير الخارجية ريكس تيلرسون، في توقيت يشير إلى علاقة استضافته بزيارة نتنياهو. مثل هذا الأسلوب يتقن نتنياهو تجييره أو الالتفاف عليه، كما أثبت طوال مسلسل الوساطات التي تعاقبت منذ أوسلو.