في مقال بعنوان "الرهان على حفتر. كيف ظهر عسكريون روس على الحدود مع ليبيا؟"، لخّص الخبير في الشؤون الدولية، فلاديمير فرولوف، دوافع موسكو في الإرسال المحتمل لقواتها إلى ليبيا في ثلاثة أهداف، وهي مواصلة استعادة مكانة روسيا كقوة عالمية، ومواجهة "الثورات الملونة"، واسترداد شبكة "زبائن" موسكو في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
في هذا السياق، أوضح كاتب المقال الذي نُشر في صحيفة "ريبابليك" الإلكترونية، أن "تحقيق الهدف الأول مرهون بـ"عودة موسكو إلى الشرق الأوسط وفرض دورها المحوري في تسوية أكبر الأزمات، وبالطبع، الحدّ من نفوذ الولايات المتحدة في المنطقة".
أما الهدف الثاني، فاعتبر فرولوف أن "السبب يعود إلى قناعة السلطات الروسية بضرورة وقف الانتفاضات الشعبية المدعومة من الغرب ضد الطغاة السياديين، وكل ذلك تحت راية مكافحة الإرهاب الدولي واستعادة الدولة التي لحق بها الدمار نتيجة لتدخل خارجي".
ورأى أن "الهدف الثالث يرمي إلى تسويق الخدمات العسكرية الروسية في شكل قواعد عسكرية لمكافحة الإرهاب، وعقود مربحة لتوريد الأسلحة الروسية، واستثمار حقول النفط والغاز، وإنشاء البنية التحتية للنقل".
وأشار الخبير الروسي إلى أن "نفي المسؤولين الروس وجود قوات روسية بالقرب من الحدود المصرية الليبية أمر طبيعي، إذ إن الحديث يجري عن قوات العمليات الخاصة التي لا يؤكد على أعمالها بشكل رسمي أحد". وذكّر بأن "موافقة مجلس الاتحاد الروسي على استخدام القوات الروسية في الخارج بتاريخ 30 سبتمبر/أيلول 2015 تترك للرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، قرار إرسال قوات إلى أي مكان في الخارج".
وكان المتحدث الرسمي باسم وزارة الدفاع الروسية، إيغور كوناشينكوف، قد نفى ما تداولته وكالة "رويترز" حول وجود 22 فرداً من القوات الروسية في قاعدة سيدي برّاني، شمال غربي مصر، بالقرب من الحدود مع ليبيا، ووصفه بأنه "خبر مفبرك آخر".
من جهته، أشار رئيس لجنة الدفاع والأمن في مجلس الاتحاد الروسي، فيكتور أوزيروف، إلى أن "مشاركة القوات الروسية في مهام عسكرية في ليبيا أمر غير وارد، إلا بقرار مجلس الأمن الدولي أو بطلب من القيادة الليبية".
وفي هذا السياق، اعتبر الخبير في شؤون الشرق الأوسط بالمجلس الروسي للشؤون الدولية، سيرغي بالماسوف، أن "النفي الروسي كان رد فعل طبيعياً"، مشيراً إلى أن "أهداف روسيا في ليبيا تختلف عنها في سورية، وترمي إلى إعادة إحياء العقود المبرمة في عهد العقيد معمر القذافي، مثل عقد مد سكة حديدية بين سرت وبنغازي بقيمة 2.2 مليار دولار".
وأوضح بالماسوف لـ"العربي الجديد" أن "تأكيد العملية العسكرية قبل بدئها يشكل خطورة، ومن الطبيعي، أنه سيتم نفيها". وحول أهداف روسيا في ليبيا، رأى أنه "على عكس سورية، فإن هدف روسيا في ليبيا هو استرداد الأموال التي تم استثمارها، وجني المزيد. تتوفر لدى ليبيا أموال، ولكن المسألة من سيتحكم فيها، وروسيا تراهن على (اللواء المتقاعد خليفة) حفتر".
في الإطار عينه، ذكرت صحيفة "نيزافيسيمايا غازيتا" في مقال بعنوان "المشير حفتر حصل على دعم من الدب الروسي"، أنه "خلفاً لسورية، تتركز مصالح روسيا في السياسة الخارجية أكثر فأكثر في ليبيا، باعتبارها من أهم مصدّري النفط في شمال أفريقيا". ولفتت إلى أن "روسيا تواصل اتصالاتها النشيطة مع أهم اللاعبين السياسيين والعسكريين في ليبيا على الرغم من استياء الغرب".
ونقلت الصحيفة عن مصادر عسكرية ودبلوماسية قولها إن "اللواء المتقاعد خليفة حفتر ورئيس مجلس النواب الليبي (برلمان طبرق)، عقيلة صالح، حصلا، خلال زيارتهما إلى موسكو هذا الأسبوع، على تأكيدات لدعم روسيا في تسوية الأزمة السياسية في ليبيا". وأشارت "نيزافيسيمايا غازيتا" إلى أن "نفي وجود عسكريين روس في مصر أو ليبيا لا يلغي حضور خبراء عسكريين متعاقدين مع شركات روسية خاصة". وسبق لرئيس الشركة الأمنية "إر إس بي جروب"، أوليغ كرينيتسين، أن كشف أن "خبراء الشركة قاموا بإزالة الألغام من مصنع في بنغازي بطلب رسمي من ليبيا، من دون أن يشاركوا في أعمال قتالية". وأضاف، في حديثٍ لصحيفة "إر بي كا" الروسية، أنه "نقوم بإزالة الألغام كما هو الحال في ليبيا، مثلاً، ونؤمّن السفن من القراصنة. إلى جانب ليبيا، تَقدّم بطلبات إلينا رجال أعمال من كولومبيا وغيرها من الدول". ومنذ بداية الشهر الحالي، تصدرت الأنباء حول تنامي الدور الروسي في تسوية الأزمة الليبية أجندة الأحداث الدولية، وسط زيارات جديدة للأطراف الليبية إلى موسكو، وأنباء عن إرسال قوات روسية، ونفي موسكو لذلك.
وكان نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، قد استقبل حفتر، يوم الاثنين الماضي، وأكد خلال اللقاء "استعداد روسيا للاستمرار في الدفع بالعملية السياسية في ليبيا". وجاءت زيارة حفتر بعد أقل من أسبوعين على محادثات رئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الوطني، فائز السراج، في موسكو، وسط توجه روسيا لزيادة دورها في الوساطة بين مركزي السلطة في طرابلس وطبرق. وقام حفتر بزيارتين إلى موسكو في العام الماضي، التقى خلالهما مع وزيري الدفاع، سيرغي شويغو، والخارجية، سيرغي لافروف، وغيرهما من كبار المسؤولين الروس. وفي يناير/كانون الماضي، صعد حفتر إلى متن حاملة الطائرات الروسية "الأميرال كوزنيتسوف" التي كانت في طريق عودتها من سورية، وتحدث من على متنها مع شويغو عبر مؤتمر الفيديو. وعلى الرغم من انحيازها لدعم حفتر، إلا أن موسكو ترفض بدء توريد الأسلحة إلى قواته لحين رفع الحظر الدولي.