وبيّن تقرير الصحيفة، الذي أعدّه المعلّق المختصّ بالشؤون العسكرية، أمير بوحبوط، أن منظومة الدفاع النشط المعروفة باسم "السترة الواقية"، والتي ابتكرتها وطوّرتها "سلطة تطوير الوسائل القتالية" (رافائيل)، المتخصّصة بالصناعات العسكرية، انبثقت فكرتها منذ عشرات السنوات، وتحديدًا خلال حرب أكتوبر/تشرين الأول عام 1973، إبّان ذروة الحرب الباردة، بعد أن تكبّدت خلالها الدبابات الإسرائيلية خسائر فادحة بفعل صواريخ الجيش المصري سوفييتيّة الصنع. ولم تقتصر الخسارة في حينها على الأرواح والعتاد، بحسب معدّ التقرير، فالخسارة الكبرى في حينها كانت تآكل قدرة الجيش الإسرائيلي على المناورة داخل ميدان المعركة.
ويضيف معلّق الصحيفة أن فكرة بناء حامية معدنيّة خارجيّة تغلّف هيكل الدبابة ظهرت بعد تلك الحرب، وتمّ توظيفها في الحروب وفي حالات الطوارئ، على أن تكون مهمّة تلك الحامية هي استقبال الصاروخ واحتواء التفجير، ومن ثمّ تقليل حجم الخسائر الماديّة والبشريّة.
وبحسب زعم الصحيفة، فقد وقعت دبّابتان تحملان المنظومة الدفاعية السابقة في أيدي الجيش السوري على مدار السنوات اللاحقة، التي تخلّلتها حرب لبنان عام 1982، ويقول مسؤولون في الاستخبارات الإسرائيلية إن الدبابتين سُلمتا لاحقًا إلى الجيش الروسي، وحينئذ شرع المهندسون الروس بتفكيك المنظومة الإسرائيلية بدلًا من استنساخها، وبحسب زعم مصادر في الصناعات العسكرية الإسرائيلية، فإن فكرة صناعة صواريخ مضادّة ثنائية الرأس، رأس لاختراق الحامية وآخر للانفجار داخل الدبابة، قد برزت في ذلك الوقت، وتجسّدت لاحقًا في صاروخ "الكورنيت".
وإثر ذلك، ارتأت سلطة "رافائيل" أن ثمّة حاجة لتطوير المنظومات الدفاعية في سلاح الدبابات، وحصلت على الضوء الأخضر لتطوير مشروع "السترة الواقية" عام 1987، غير أنّ العمليّة تعثّرت مع انسحاب القوّات الإسرائيلية من جنوب لبنان عام 2000، والانخراط بعدها في قمع الانتفاضة الفلسطينية، حتّى عادت الفكرة مجدّدًا لتفرض نفسها بعد حرب تمّوز، التي غيّرت صواريخ "الكورنيت" فيها مجريات الحرب، ومنعت سلاح المشاة الإسرائيلي من حريّة الحركة التي كان يتمتّع بها سابقًا في الأراضي الفلسطينية.
وتدّعي الصحيفة أنّ هذا السلاح تمّ اختباره في مناسبة واحدة خلال حرب غزة عام 2011، ثمّ اختُبر في 15 مناسبة أخرى في حرب غزّة الأخيرة عام 2015، لتقرّر قيادة أركان الاحتلال اعتماده بشكل أوسع، بما يشمل دبابات "ميركافاه 3" وسلاح المدرعات.
ويفصّل التقرير أن هذه المنظومة تعمل عبر جهازين: رادار يرصد الصواريخ المطلقة من مسافة بعيدة، ويعطي إشعارًا بها للجنود داخل الدبابة؛ وجهاز آلي يحتوي قذائف خفيفة مهمّتها اعتراض الصاروخ أثناء سيره، وإبطاله قبل أن يصل هيكل الدبابة. وتنقل الصحيفة أيضًا عن مدير تطوير الأعمال في رافائيل، يفتاح كلاينمان، أن "المنظومة تعطي إشعارًا إيضًا للجنود إذا كانت القذائف المضادّة ستصيب الصاروخ أو ستخطئه"، ما يتيح هامشًا كبيرًا للمناورة والحركة.