بعد ساعات قليلة على إعلان رسمي صدر من التحالف الوطني الحاكم في العراق، يدعو إلى استبدال أعضاء مفوضية الانتخابات، أكدت مصادر سياسية وبرلمانية في بغداد، لـ"العربي الجديد"، بدء كتل سياسية بحث صفقة للإبقاء على المفوضية إلى حين الانتهاء من إجراء الانتخابات العامة مطلع العام المقبل.
ووفقا لمصادر سياسية عراقية، فإن خلافات حادة داخل كتل التحالف السبعة بسبب إقالة المفوضية أو الإبقاء عليها إلى حين إجراء الانتخابات المقبلة، إذ يدافع الجناح الموالي لطهران داخل التحالف، بقيادة نوري المالكي، عن المفوضية، ويرفض إقالتها، في الوقت الذي تطالب كتل أخرى، بينها "التيار الصدري"، بإقالتها بدون أي شروط أو صفقات سياسية.
وينتظر من البرلمان العراقي، الذي صوّت على عدم قناعته بأجوبة أعضاء المفوضية في جلسة الاستجواب التي عقدت الشهر الماضي، أن يبت بإقالتها أو الإبقاء عليها خلال الأيام المقبلة.
وقال عضو في البرلمان، لـ"العربي الجديد"، إنّ "قضية عدم القناعة بأجوبة رئيس مفوضية الانتخابات، والحديث عن قرب إقالته، أثار مخاوف عدد من الكتل السياسية، وتحديدا كتل التحالف الوطني الحاكم، ما دفعه للمساومة مع الكتل الأخرى بشأن ذلك".
وأوضح أنّ "مفاوضات تجري حاليا بين عدد من قادة التحالف وقادة في "الحزب الإسلامي العراقي" للإبقاء على المفوضية"، مبينا أنّ "التحالف يرى أنّ مستقبله السياسي متوقف على بقاء المفوضية، بينما "الحزب الإسلامي" يرى أنّ بقاء المفوضية من عدمه لا يشكل خطرا عليه، ما منحه فرصة التفاوض بشأنها".
وأكد المتحدث ذاته أنّ "التحالف الوطني عرض على الحزب تسوية موضوع استجواب وزرائه مقابل الإبقاء على المفوضية"، مبينا أنّ "المفاوضات متواصلة إزاء ذلك، ولم تتوصل تلك الجهات إلى قرار نهائي حتى الآن".
من جهتها، قالت النائبة عن "ائتلاف الوطنية"، جميلة العبيدي، في تصريح صحافي، إنّ "مفاوضات تجري بين الكتل السياسية لإبرام صفقة سياسية لإبقاء مفوضية الانتخابات إلى حين إجراء الانتخابات"، موضحة أنّ "عدم طرح ملف التصويت على إقالة مفوضية الانتخابات المستقلة، خلال جلسة أمس، كان بهدف إفساح الوقت اللازم للكتل السياسية للتفاوض لإبرام صفقة سياسية لإبقاء المفوضية إلى حين إجراء الانتخابات".
وأضافت العبيدي أنّه "من المفترض التصويت على الإقالة في الجلسة الماضية، بسحب النظام الداخلي للبرلمان، الذي يحدد مدّة أسبوع واحد فقط من التصويت على عدم القناعة والإقالة من عدمه، وهذا ما لم يحصل بسبب اتفاق الكتل على تأجيل الإقالة".
وبيّنت أنّ "البرلمان منقسم إلى ثلاثة أقسام؛ أولها مقتنع ببقاء المفوضية لوجود ممثلين عنه، والثاني غير مقتنع ويحاول إبرام صفقات جديدة لزيادة ممثليه في المفوضية، فيما يمثّل الجزء الثالث والقليل المشروع الطموح باختيار أعضاء مستقلّين خارج الأحزاب".
بدوره، رأى الخبير السياسي، عبد الجبار التميمي، أنّ "الضغوط والصفقات السياسية ستفضي إلى إبقاء المفوضية، إذ إنّ إقالتها تشكل خطرا على الأحزاب المتحكمة في البلد".
وقال التميمي، خلال حديثه مع "العربي الجديد"، إنّ "العراق الجديد منذ العام 2003، وحتى اليوم، يدار وفقا للصفقات السياسية، وتشكل حكوماته وفقا لذلك، وتقر قوانينه بالمساومات، وتسوى أزماته أيضا بالطريقة ذاتها، ما يعني أنّ أي أزمة وأي مشكلة هي باب لصفقة سياسية"، مؤكدا أنّ "لغة الصفقات ستبقى هي اللغة الغالبة على لغة القانون والدستور، ما يعني قدرتها على حسم موضوع المفوضية وأي أزمة أخرى".
وكان البرلمان العراقي قد صوت، الأسبوع الماضي، على عدم القناعة بأجوبة رئيس مفوضية الانتخابات، فيما يترقب الشارع العراقي حسم موضوع إقالة المفوضية.