تبلغ الشريف 38 عاماً، وقد تعرضت حياتها لتغيير جذري، فهي معروفة الآن بتحدي القوانين والأعراف التي تبقي المرأة السعودية في الخلف، بما في ذلك حرمان المرأة من حق قيادة السيارة.
كتاب السيدة الشريف الأول، "الجرأة للقيادة: صحوة المرأة السعودية"، الذي نشرته دار سيمون وشوستر هذا الأسبوع، هو مذكرات عن بلوغها سن الرشد السياسي، وهو أيضا صورة عن الاضطرابات والاستبداد في المملكة العربية السعودية على مدى العقود الأربعة الماضية وعن علاقة المملكة المعقدة مع الولايات المتحدة.
يقول معد التقرير في نيويورك تايمز إنه التقى السيدة الشريف في النرويج، في مؤتمر لحقوق الإنسان في العاصمة أوسلو، في أواخر شهر مايو/أيار الماضي، حين كانت أسرة ترامب تزور بلدها، حيث تحدثت إيفانكا ترامب عن النساء في العاصمة السعودية، الرياض، قائلة إن "التقدم الذي أحرزته البلاد في مجال حقوق المرأة مشجع جدا"، على الرغم من اعترافها بأنه "لا يزال هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به".
قالت السيدة الشريف إن تقييم ابنة ترامب يمثل "إهانة"، وأشارت إلى حالة صديقتها مريم العتيبي التي اعتقلت منذ نيسان/أبريل لحملتها ضد سياسة تطلب من المرأة الحصول على إذن من ولي الأمر للعمل أو الدراسة أو السفر بغض النظر عن عمرها، وترتدي السيدة الشريف معصما بلاستيكيا أزرق لدعم الحملة لإنهاء نظام الوصاية.
وقالت: "ما هو نوع التقدم في مجال حقوق المرأة؟". "أتمنى أنها كانت أكثر تحديدا حتى لا أشعر بالإهانات، إذا كنت لا تريد أن تدعمنا، مجرد البقاء هادئا، لا الثناء، هو أمر كاف. هي تجعل الأمر أسوأ بالنسبة لنا".
ولدت السيدة الشريف في منزلها في عام 1979، وهي الابنة الثانية لأب سعودي وأم ليبية، كانوا يعيشون في شقة ضيقة في مكة المكرمة، أقدس مدينة وأكثرها محافظة دينياً في المملكة العربية السعودية. والدها قاد سيارة أجرة. استوحت والدتها ملابسها من التصاميم في مجلات الموضة، لم تكن الأمور تسير بسلاسة دائماً، كان هناك الكثير من الاعتداءات، والدها يضرب والدتها، شقيقتها تضربها، وبعد ذلك زوجها الأول ضربها، الكثير والكثير من الضرب.
وقالت السيدة الشريف في الكتاب: "من السابق لأوانه أن نقول كم من جيلي تعود على أن يحتقر ويظلم ويتعرض للضرب والإساءة اللفظية والقسوة العامة"، وأضافت "لكني أعرف أنني واجهت ذلك، وأنا أعلم أنني سأحمل هذا الدرس معي دائماً".
كان جيل السيدة الشريف ملزما بإطار جامد من الإسلام، وهي تذكر الزعماء الدينيين الذين يأتون لإلقاء محاضرات حول كيفية مخاطبة الجمهور في مدرستها، لقد تم نشر منشورات في الشوارع تصف ما يجب أن يفعل الناس وما يجب ألا يفعلوه.
لقد وجدت عمة مسنة كانت تلبس دائماً العباءات السعودية التقليدية الملونة فجأة نفسها في عباءة سوداء من الرأس إلى أخمص القدمين، لأن أطفالها أخبروها بذلك. لقد تم تشجيع الشباب بشكل روتيني على الانضمام إلى القتال ضد القوات السوفييتية في أفغانستان.
هذا النوع من العقيدة، بحسب السيدة الشريف، يتطلب "الكراهية للكافر"، وقالت: "إن جيلنا، الذي ولد في السبعينيات والثمانينيات، هو جيل متطرفين"، وتابعت: "أنت تتخلى كثيرا لمتابعة هذه القواعد، إنها تحت جلدك".
ومع أحداث 11 سبتمبر/أيلول، شعرت السيدة الشريف بالجزع لأن العقيدة المتطرفة التي نشأت فيها قد حفزت 19 خاطفاً، 15 منهم من السعودية، على قتل الكثير من الناس، "كان لديهم ما يكفي من الكراهية"، تضيف السيدة الشريف.
طلبت السيدة الشريف إذن والدها لدخول الجامعة؛ درست علوم الكمبيوتر، وقالت إنها تحتاج إلى إذنه لتقديم طلب للحصول على وظيفة، تم تعيينها كمتخصصة في أمن المعلومات في شركة أرامكو السعودية للنفط، وقالت إنها تحتاج إلى إذنه للسفر إلى الخارج لرحلة عمل، وللحصول على جواز سفر.
غيرت رحلة عمل خاضتها السيدة الشريف إلى نيو هامبشاير في الولايات المتحدة نظرتها إلى أشياء كثيرة، لقد ذهبت إلى المسرح، وللتزلج وتعلمت القيادة.
وفي عام 2011، جاءت موجة الاحتجاجات المؤيدة للديمقراطية في جميع أنحاء العالم العربي، وعادت السيدة الشريف إلى المملكة العربية السعودية في ذلك الوقت، وكانت تعيش في مجمع أرامكو، وهي أم مطلقة، ولديها ولد وحيد عبد الله، كانت قد اشترت سيارة، وقد سمح لها بقيادتها داخل مجمع أرامكو.
في صباح أحد الأيام في مايو/أيار 2011، قررت أن الوقت قد حان لأخذ السيارة للقيام بجولة في الخارج، جلس صديق في مقعد الراكب وسجل مقطعا مصورا لجولتها بالسيارة على هاتفها.
وبحلول فترة ما بعد الظهر، كان هذا المقطع على "يوتيوب" وجاءت التغطية الإخبارية الدولية، وفي نهاية المطاف، طرقت السلطات السعودية الباب في منتصف الليل، وألقيت السيدة الشريف في سجن للنساء بين الصراصير.
تعرضت هيلاري كلينتون، التي كانت آنذاك وزيرة خارجية الولايات المتحدة لضغوط لتتحدث لصالح حملة المرأة السعودية للقيادة، وقالت السيدة كلينتون "ما تفعله النساء هناك شجاعة وما يسعين إليه هو الصحيح".
وفي عام 2012، تلقت السيدة الشريف جائزة فاكلاف هافيل للمعارضة الإبداعية في منتدى أوسلو للحرية، وهو مؤتمر سنوي للمدافعين عن حقوق الإنسان. لم تسمع السيدة الشريف أبدا عن السيد هافيل، الكاتب المنشق التشيكي، كما أنها لم تعرف بالضبط ما المقصود بالمعارضة.
إن موقف السيدة الشريف أدى لفقدانها وظيفتها وفقدانها سكنها، في وقت لاحق أدركت أنها كانت على خطى النساء اللواتي تجرأن على القيادة منذ عام 1990، وأصبحن سبباً لحراك اجتماعي بعد ذلك.أرادت السيدة الشريف أن تكتب كتابا عن تحريض النساء من أجل التغيير في بلدها، وقد أقنعها أحد الوكلاء بالكتابة عن نفسها، وهو أمر لم يكن سهلا، ولا سيما حول شيء واحد لا يتحدث عنه السعوديون وهو الختان (قطع الأعضاء التناسلية)، الذي تصفه بأنه "أصعب جزء في طفولتي".
تعيش السيدة منال في أستراليا الآن، مع زوجها، البرازيلي، وابنها البالغ من العمر 3 سنوات. وقد تقدمت بطلب إلى الحكومة السعودية للاعتراف بزواجها الثاني ولم تتلقّه بعد. تقول منال: "المنفى محبط، عندما كنت في السعودية كنت لا أتحدث فقط كنت أقوم بأفعال، أشعر بالعجز قليلا الآن".
أما ابنها البكر فيعيش في السعودية مع والده، ويزور السيدة الشريف أكبر عدد ممكن من الزيارات، وهو يسألها جميع أنواع الأسئلة حول جميع أنواع الأشياء، مثل ما إذا كنت تريده أن يتحدث مع فتاة.
تقول إنها تجيبه: "عبد الله، أنت صبي ذكي جدا، سأعطيك إجابتين، الجواب الذي أؤمن به، والجواب الذي سوف يبقيك بعيدا عن المتاعب"، يبلغ عبدالله الآن 12 عاما، وتأمل أن يقرأ كتابها يوما ما ويفهم خياراتها، تقول "إنه يروي قصتي كلها".