يصل إلى القاهرة غداً السبت وزير الخارجية السوداني، إبراهيم غندور، بدعوة من نظيره المصري، سامح شكري، لإجراء عدد من المشاورات السياسية المهمة، التي قالت مصادر مطلعة إنها ستشهد حسم ملفات شائكة بين القاهرة والخرطوم عقب تصاعد وتيرتها خلال الفترة الماضية، وصلت إلى منع السودان دخول المنتجات الزراعية المصرية، كما كانت قد اتخذت قراراً مماثلاً في مارس/ آذار الماضي بحظر شامل على السلع الزراعية المصرية والأسماك، بفعل مخاوف صحية.
وكانت زيارة وزير الخارجية السوداني قد تأجلت أكثر من مرة، آخرها الأسبوع الماضي، ويرى مراقبون أن التوتر الأخير بين البلدين هو الأكبر منذ وصول عبد الفتاح السيسي للحكم، فالجانب المصري يعرب عن عدم رضاه عن التقارب السوداني الإثيوبي الأخير، واستضافة السودان لعدد من أعضاء جماعة الإخوان، فضلاً عن التقارب القطري السوداني، حيث ترى الحكومة المصرية أن تلك الملفات خطر على أمنها القومي.
في المقابل، تتهم السودان مصر بوقوفها مع قرار تمديد العقوبات المفروضة عليه بمجلس الأمن، وهي العقوبات التي أقرتها الأمم المتحدة على الخرطوم عام 2005، تمدد دورياً، وهي تتعلق بشكل أساسي بحظر بيع الأسلحة للسودان. كما تتهم الخرطوم القاهرة بتمويل الإرهاب في دارفور، ودعم الجماعات المسلحة هناك، وكذلك دعمها لجنوب السودان ضد الرئيس السوداني عمر البشير.
كما أن أزمة حلايب وشلاتين تحتل أيضاً موقعاً بارزاً في التوتر بين البلدين خاصة من الناحية السودانية، وكانت وزارة الخارجية السودانية قد جددت في أكتوبر/ تشرين الأول الماضي شكوى تبعية مثلث حلايب للسودان لدى مجلس الأمن الدولي، كما أن البلدين فشلا في الاتفاق على إنشاء قوات مشتركة على الحدود اقترحها الجانب المصري على غرار تلك الموجودة بين السودان وجاراته الغربية ليبيا وتشاد وأفريقيا الوسطى.
من جانبه أرجع مساعد وزير الخارجية الأسبق، وسفير مصر في الخرطوم، محمد المنيسي، تأجيل زيارة غندور للقاهرة، إلى توتر العلاقات بين الجانبين المصري والسوداني، لافتاً إلى أن السودانيين بذلك القرار يحاولون التعبير عن عدم رضاهم عن سير العلاقات المصرية - السودانية، موضحاً أن موقف السيسي عندما سئل في مؤتمر صحافي جمعه بالرئيس النمساوي مؤخراً حول العلاقات مع السودان، قال إن إجابة السيسي جاءت عامة، قائلاً: "إن السياسة الخارجية لمصر قائمة على الاحترام الكامل لسيادة الدول ولا تتدخل في الشؤون الداخلية للبلاد الأخرى".
ويعد هذا اللقاء هو المحاولة الثانية في فترة أقل من شهرين، لتهدئة الأجواء بين مصر والسودان بعد توترها خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد الاتهامات التي وجهها البشير لمصر بدعم متمردي دارفور، ففي أبريل/ نيسان الماضي قام سامح شكري بزيارة لإزالة سوء الفهم، ولمناقشة عدد من الملفات السياسية، التي من أهمها الحفاظ على ميثاق شرف إعلامي بين البلدين، ورغم أن الكثير عوّل على هذه الزيارة لتهدئة الأوضاع إلا أن التوترات والتصريحات الهجومية مستمرة.