وأفادت الصحيفة، اليوم السبت، بأنّ مسؤولي البيت الأبيض قرّروا إنشاء قناة للتواصل مع النظام السوري، "بسبب حساسية الوضع"، بعدما أحبطت حالة الصحافي أوستن تايس، المحققين والدبلوماسيين منذ اختفائه، بينما كان في مهمة منذ ما يقرب خمس سنوات.
بحسب الصحيفة، في أوائل فبراير/ شباط الماضي، تحدّث مدير وكالة الاستخبارات الأميركية المركزية "سي آي إيه" مايك بومبيو، عبر الهاتف، مع رئيس المخابرات في جهاز الأمن القومي لدى النظام السوري علي مملوك، على الرغم من أنّ الأخير متهم بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان، وفرضت عليه عقوبات من قبل واشنطن.
ومع أنّ اتصال بومبيو مع مملوك أوحى بمزيد من الاتصالات من أجل إطلاق سراح تايس، إلا أنّ ذلك خفت بعد الهجوم الكيميائي الذي شنّه النظام على خان شيخون بريف إدلب شمالي سورية، في أبريل/ نيسان الماضي، والذي قابلته الضربة الصاروخية الأميركية رداً على ذلك، وفقاً لعدة مسؤولين أميركيين سابقين، تحدثوا للصحيفة من دون الكشف عن هويتهم، "لأن الجهود المبذولة لتحرير تايس لا تزال سرية".
وتؤكد الولايات المتحدة أنّ النظام السوري يحتجز تايس، لكن من دون امتلاكها دليلاً على ذلك، في حين يصر النظام على قول إنّه لا يعلم شيئاً عن مصيره.
والعام الماضي، قال نائب وزير الخارجية السوري فيصل مقداد، لوكالة "أسوشييتد برس"، إنّ "أوستن تايس ليس في يد السلطات السورية، وليس لدينا أي معلومات عنه"، على حد قوله.
وقد رفض كل من الاستخبارات الأميركية المركزية "سي آي إيه"، ومكتب التحقيقات الفيدرالي "إف بي آي"، وعائلة تايس، التعليق على ذلك للصحيفة.
تايس، وهو قائد سابق في البحرية الأميركية من ولاية تكساس، كان قد غادر إلى سورية، قبل عامين، على مسافة سنة واحدة من إنهاء دراسته في كلية الحقوق بجامعة جورج تاون.
قدم تايس إلى المنطقة، بينما كان يعمل صحافياً مستقلاً في وسائل إعلام إخبارية، واختطف في سورية في آب/ أغسطس 2012. وبعد شهر، ظهر تايس، لآخر مرة، معصوب العينين في شريط فيديو وإلى جانبه رجال ملثمون مسلحون ببنادق، وهو يتحدث بضع كلمات باللغة العربية.
ويعتقد مسؤولون أميركيون سابقون أنّ قوات نظام الأسد في سورية اختطفت تايس، معتبرين أنّ الفيديو كان خدعة صريحة لإلقاء اللوم في خطفه على المسلحين، بحسب الصحيفة.
وعلى الرغم من الخصومة العلنية بين الطرفين، إلا أنّ الفرصة كانت متاحة أمام النظام السوري المندفع للتواصل مع مسؤولين أميركيين رفيعي المستوى.
وفي هذا الإطار، ذكّرت "نيويورك تايمز" بأنّه قبيل الحرب في سورية كانت هناك عدة اتصالات بين الجانبين، من بينها اتصال حصل في عام 2010، بين علي مملوك، ودانيال بنيامين، منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية في إدارة الرئيس باراك أوباما.
وحتى بعد اندلاع الحرب في سورية، واعتماد واشنطن سياسة الدفع لإطاحة الأسد، كان مسؤولو النظام السوري منفتحين على التواصل مع الأميركيين، بحسب ما تنقل الصحيفة عن دبلوماسيين.
وحول ذلك، قال روبرت فورد، السفير الأميركي لدى دمشق خلال إدارة أوباما، للصحيفة، إنّ "الحكومة السورية ترغب في تقليص حجم عزلتها".
بعد الانتخابات، قرّر المسؤولون الأميركيون، بحسب الصحيفة، إطلاع جاريد كوشنر، صهر ترامب، وستيفن بانون، المستشار الاستراتيجي للرئيس، حول الجهود المبذولة لإعادة تايس إلى بلاده، غير أنّ بانون قلل من أهمية ملف تايس، وأثار تساؤلات حول سبب توجهه إلى سورية في المقام الأول، وفقاً لما ذكره مسؤولون سابقون للصحيفة.
كذلك ذكرت أنه مع وصول ترامب إلى الحكم، شرع المسؤولون بالإدارة الأميركية في وضع سيناريوهات يمكن أن يقدمها مسؤولو النظام السوري، كمبرر للاختفاء المطول للمواطن الأميركي. وبحسب "نيويورك تايمز" فإنه بعد تلقي الأميركيين إثباتات بأن تايس ما زال على قيد الحياة، كان النظام السوري سيعلن خبر العثور عليه، لتتم بعدها محاكمته بخرق قوانين الهجرة بسورية، ومنحه العفو بعدها، ليتم اتصال بين ترامب والأسد، بعد وصول تايس إلى أميركا. لكن لم يحدث شيء من هذا.