انقسم أعضاء البرلمان المصري بشأن قرار حكومة الرئيس عبد الفتاح السيسي برفع أسعار المحروقات، اليوم الخميس، إذ دان فريق اتخاذ القرار دون العودة إلى البرلمان، وآخر ذهب إلى اتخاذ الزيادات بناءً على موافقة مجلس النواب على الموازنة الجديدة، وما تضمنته من إجراءات لتحرير الدعم جزئياً، للحصول على الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي.
وقال عضو لجنة الطاقة بالبرلمان، السيد حجازي، إن وزير البترول، طارق الملا، كذب على النواب والرأي العام، حينما أعلن، أمس، عدم تحديد موعد زيادة أسعار المحروقات، مندداً باستمرار تجاهل الحكومة للنواب عند اتخاذ مثل هذه القرارات الهامة، ما يضعهم في مواجهة مع المواطنين، الذين يحملونهم مسؤولية المشاركة في زيادة الأعباء على كاهلهم.
وأضاف، في تصريح خاص لـ"العربي الجديد"، أن "إصدار القرار بهذا الشكل المفاجئ مثل إهانة لأعضاء اللجنة، الذين ركنوا إلى إرجاء الزيادة عقب حديث رئيس البرلمان، علي عبد العال، بشأن عدم زيادة الوقود خلال هذا العام، على اعتبار أنه الرجل الثاني في البلاد بعد رئيس الجمهورية، إلا أنه فوجئ مثلنا بالقرار".
وتابع: "إعلان الزيادة تزامناً مع الذكرى الرابعة لأحداث 30 يونيو/ حزيران، عقب اتفاقية التنازل عن جزيرتي (تيران وصنافير)، يُرسل إشارات سلبية للمواطنين عن توجهات السلطة الحاكمة، التي لا تلتفت لمطالب الشعب المصري أو نوابه، انطلاقاً من رؤية خاطئة بأن الشعب سيظل مُستكيناً وخانعاً، وهو الذي ثار في وجه مبارك، وزج به في السجن".
وزاد حجازي قائلاً إن "الحكومة أظهرت انحيازاً واضحاً للأثرياء، بقصر نسبة الزيادة على بنزين (أوكتان 95) على 5%، في حين ضاعفت سعر أسطوانة الغاز (البوتاغاز) من 15 إلى 30 جنيهاً، بنسبة 100%، بما يحمل البسطاء في القرى الفقيرة أعباء إضافية، لأن سعر الأسطوانة الفعلي سيتجاوز الستين جنيهاً".
وأصدر رئيس اللجنة النيابية، طلعت السويدي، بياناً مقتضباً، قال فيه إن "اللجنة لن تصمت على قرار الحكومة بزيادة أسعار الوقود، وستستعرض في اجتماع لها، الإثنين المقبل، سُبل مساءلة وزير البترول على عدم مشاركته للجنة في قرار الزيادة، أو الاستجابة لطلبات عدد من النواب بإرجاء إقرارها، تخفيفاً عن المواطنين".
غباء سياسي
وقدم البرلماني عن حزب التجمع، عبد الحميد كمال، طلباً، اليوم، إلى مكتب رئيس البرلمان، يطالبه فيه بسرعة استدعاء رئيس الحكومة، محذراً إياه من محاولة الالتفاف على المادة 136 من الدستور، التي ألزمت بحضور رئيس الوزراء متى طلب المجلس ذلك، لمناقشته في تهديد تلك الزيادات للأمن والسلم الاجتماعي، خاصة مع توتر الأحداث داخل البلاد.
وقال كمال، في طلبه، إن "المواطنين فوجئوا بارتفاع الوقود بنسب كبيرة، وصلت إلى 100% في أسطوانات الغاز، في مكايدة واضحة من الحكومة ضد شعبها، بما يُشعل أسعار كافة السلع والخدمات المنقولة، ويزيد من أسعار المواصلات، والأعباء الاقتصادية والاجتماعية على المواطنين، وما يتبعها من آثار سلبية على المصانع والمنتجين والمستهلكين".
وأضاف كمال أن "زيادة الأعباء جاءت في توقيت خاطئ، وكأنها هدية للشعب بمناسبة ذكرى ثورة 30 يونيو، في غباء سياسي غير مسبوق، الأمر الذي يتطابق مع أساليب حكومات ما قبل ثورة 25 يناير 2011، حينما كانت ترفع الأسعار تحت غطاء الليل، خلال الإجازات، وعطلات العيد، تحت مظلة قانون الطوارئ".
دعوة للتظاهر
وقالت عضو اللجنة الاقتصادية بالبرلمان، ثريا الشيخ، في تصريحها، إن "الحكومة عمدت، بدون قصد، إلى نزول المواطنين إلى الشوارع للتظاهر في ذكرى 30 يونيو، لأن زيادة المحروقات تعني بالضرورة ارتفاع كافة أسعار جميع السلع الأساسية، والخدمات العامة، ولن يعوضها أي زيادة في المعاشات أو علاوات لموظفي الحكومة".
ونوه نائب حزب الوفد، فايز أبو خضرة، إلى إصرار الحكومة على إلغاء الدعم كلياً منذ توليها شؤون البلاد، واتخذت قرار زيادة المحروقات، من دون خطة عاجلة للتعامل مع تداعيات القرار، في ما يتعلق بتعريفة أجرة وسائل النقل على مستوى المحافظات، أو تفعيل أدوات الرقابة على الأسواق، في مواجهة استغلال التجار للقرار.
تصدع الطبقة الوسطى
من جهته، قال عضو تكتل (25 – 30)، أحمد الطنطاوي، إن هذه الزيادات ستفضي حتماً إلى مزيد من التصدع في صفوف الطبقة الوسطى، وسحق الطبقات الأدنى من محدودي الدخل، منوهاً إلى أن حكومة بلاده "لا تعرف سوى زيادة الأسعار، ولم تملك حلولاً إلا زيادة الأعباء على المصريين، ومحاصرتهم بالأزمات المعيشية".
ونبه الطنطاوي، في تصريح خاص، إلى أن تلك "الزيادات كانت منتظرة، ومتوقعة، وشارك البرلمان في تمريرها، من خلال موافقة أغلبيته النيابية على الموازنة الجديدة للدولة، ومن قبلها بيان حكومة شريف إسماعيل، الذي تحدث بوضوح عن خطة تحرير دعم الكهرباء والمحروقات خلال 5 سنوات، تنتهي في العام المالي (2019/2020)".
قرض الصندوق
وأيد وكيل لجنة الخطة والموازنة، النائب ياسر عمر، كلام الطنطاوي قائلاً إن "الحديث عن عدم علم البرلمان بزيادات أسعار الوقود أمر خادع، وغير منطقي، لأننا كنواب وافقنا على برنامج الحكومة، وموازنة السنة المالية (2017/2018)، وما تضمناه من إجراءات بشأن تحرير الدعم تدريجياً عن المحروقات".
وعزا عمر السبب الرئيسي وراء الإعلان المفاجئ عن الزيادات، وعدم إرجائها لبضعة أشهر، هو تعجل الحكومة لصرف الشريحة الثانية من قرض صندوق النقد الدولي، الذى اشترط إجراءات محددة لإلغاء الدعم على أسعار الوقود، البالغة مليار و250 مليون دولار، ويربط الصندوق بين الإفراج عنها، وإجراءات مصر في هذا الصدد.
واتفق معهما النائب سمير غطاس، الذي قال إن "تلك القرارات الصادمة للشعب ليس لها علاقة من قريب أو بعيد بخطط الإصلاح الاقتصادي – كما تدعي الحكومة – وإن محافظ البنك المركزي ووزير المالية وعدا إدارة صندوق الدولي برفع الدعم على المحروقات، على غرار أي دولة تتعامل مع الصندوق".