وأكد الرئيس الفرنسي، خلال مؤتمر صحافي مشترك مع نظيره الأميركي، دونالد ترامب، مساء اليوم الخميس، في قصر الإليزيه بباريس، بأن "رحيل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، لم يعد شرطًا لفتح مفاوضات حول الأزمة السورية".
وقال ماكرون: "لقد غيرنا نظرتنا في ما يخص سورية من أجل القدرة على الحصول على نتائج والعمل بالتنسيق مع شركائنا، وبالخصوص الولايات المتحدة الأميركية، ولم يعد رحيل الأسد أو إسقاطه شرطًا ضروريًّا لفتح نقاش حول الأزمة السورية".
وأوضح الرئيس الفرنسي بأن المفاوضات بخصوص النزاع في سورية "باتت تستوجب التفاوض أيضًا مع ممثلين عن النظام السوري"، وأضاف: "إن هدفنا الرئيسي هو اجتثاث الإرهاب وكل المجموعات الإرهابية، بغض النظر عن طبيعتها".
واعتبر ماكرون أن وقف التعامل الدبلوماسي مع النظام السوري لم يفض إلى نتائج عملية، وقال: "لقد أغلقنا سفارتنا في دمشق منذ بدء النزاع، ولم يثمر ذلك عن أشياء إيجابية".
وأعلن ماكرون وترامب أنهما سيشتغلان قريبًا على خطة لحل النزاع في سورية، في إطار مبادرة سياسية تشارك فيها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي. وقال ماكرون في هذا الصدد: "إننا نتمنى إطلاق مجموعة اتصال جديدة للتدخل بنجاعة، ودعم خريطة طريق سياسية لسورية ما بعد الحرب".
وأضاف ماكرون: "لقد أعطينا تعليمات للدبلوماسيين في باريس وواشنطن من أجل العمل في هذا الاتجاه لإطلاق مبادرة جديدة في الأسابيع القادمة"، ومضى قائلًا: "بالنسبة للموقف في العراق وسورية اتفقنا على مواصلة العمل معا، خاصة في ما يتعلق بصياغة خريطة طريق لفترة ما بعد الحرب".
كما تطرق ماكرون إلى ما وصفه بـ"الخط الأحمر في سورية"، ويتعلق بالرد العسكري على أية محاولة لاستعمال السلاح الكيميائي، معربًا عن اتفاقه مع الرئيسين الأميركي والروسي بخصوص هذه القضية.
ومن الجدير ذكره، في هذا السياق، أن ماكرون كان قد اعتبر، في حديث أدلى به في 21 يونيو/حزيران الماضي إلى ثماني صحف يومية أوروبية، أنه "لا يرى في الوقت الراهن أي خليفة شرعي للأسد". وصرح قائلًا: "إن مبادئي واضحة. أولًا الحرب الشاملة ضد الجماعات الإرهابية. لأنها هي عدوتنا... ونحن في حاجة إلى التعاون مع الجميع في هذه الحرب، خاصة مع روسيا. ثانيًا نريد الاستقرار في سورية، ولا نريد تقويض مؤسسات الدولة فيها".
وأكد ماكرون أن باريس وواشنطن متفقتان إلى حد كبير بشأن قضايا الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط، ولكنه أقر رغم ذلك بوجود خلافات مع ترامب في ما يتعلق باتفاقية باريس للمناخ، إلا أنه استطرد بالقول إنه وترامب تمكنا من مناقشة أفضل سبل مكافحة "تهديد عالمي مع (وجود) أعداء يحاولون زعزعة استقرارنا".
بدوره، قال الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، إنه يجب أن تعمل أميركا وشركاؤها لضمان أن يظل النصر في الموصل نصراً، في إشارة إلى تحرير القوات العراقية المدينة من سيطرة تنظيم "داعش".
وأكد أن العلاقات بين الولايات المتحدة وفرنسا "راسخة". وقال إثر محادثات ركزت على الجهود المشتركة لمكافحة الإرهاب في الشرق الأوسط وأفريقيا، إن "الصداقة بين شعبينا وبيننا شخصيا راسخة".
وأشاد الرئيس الأميركي بالصلات "غير القابلة للانقطاع" بين بلاده وفرنسا، موضحاً أن البلدين ربما تكون بينهما "خلافات أحيانا" إلا أن ذلك لا يعطل صداقة تعود إلى زمن الثورة الأميركية. وأضاف أن الكثيرين ينسون أن فرنسا "ساعدتنا على ضمان استقلالنا".
كما أشاد ترامب كذلك بالتزام فرنسا بمكافحة الإرهاب وخفض البيروقراطية والروتين الإداري، وهي أهداف قال إنه يتشارك بها مع ماكرون. كما تطرق الرئيس الأميركي أيضا إلى مجال الخلاف الخاص بتغير المناخ، فقال إن الولايات المتحدة ملتزمة بحماية البيئة برغم قراره الأخير بالانسحاب من اتفاقية عالمية لمكافحة تغير المناخ.
ووصل ترامب إلى مطار أورلي، صباح اليوم، على متن الطائرة الرئاسية الخاصة "إير فورس وان"، ترافقه زوجته ميلانيا ترامب، في زيارة رسمية تدوم يومين، يشارك خلالها ضيف شرف في احتفالات العيد الوطني، غداً الجمعة.
وزار ترامب السفارة الأميركية في باريس، والتقى أفراد البعثة الدبلوماسية، في حين زارت زوجته ميلانيا مستشفى "نيكير"، في الدائرة الخامسة عشرة، الخاص بعلاج الأطفال.
واستقبل الرئيس الفرنسي ضيفه الأميركي بعد ظهر اليوم في ساحة "ليزانفالديد"، وحضرا معا مراسم احتفال عسكري قبل انتقالهما إلى قصر الإليزيه لعقد محادثات ثنائية، عقبها المؤتمر الصحافي المشترك مساء اليوم.
ومن المقرر أن يشارك ترامب وزوجته في مأدبة عشاء يقيمها الرئيس ماكرون وزوجته بريجيت على شرفهما في مطعم جول فيرن في برج إيفل.
وكان ملف الأزمة السورية حاضرًا بقوة في المحادثات التي أجراها ماكرون وترامب، بعد ظهر اليوم، في أول يوم من زيارة الرئيس الأميركي إلى باريس للمشاركة في احتفالات العيد الوطني الفرنسي التي تتزامن مع مرور مائة عام على المشاركة الأميركية في الحرب العالمية الأولى.
وصباح غد الجمعة، سيحضر ترامب احتفالات عيد الاستقلال في جادة الشانزيليزيه، ويأخذ مكانه إلى جانب الرئيس ماكرون في المنصة الشرفية لتتبع وقائع الاستعراض العسكري السنوي.
ويشارك الجيش الأميركي في الاستعراض العسكري بكتيبة من ضباط البحرية، مكونة من حوالي 200 شخص، وأيضًا ست مقاتلات من نوع F-16، وطائرات حربية خفية من نوع F-22.