في الوقت الذي حاول فيه رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، تجيير زيارة رئيس الحكومة الهندية، ناريندرا مودي، الأولى من نوعها منذ إقامة إسرائيل، إلى العلاقة الخاصة التي أنشأها معه، اعتبرت أوساط إسرائيلية، أن هذا المسعى لا يختلف عن نهج نتنياهو في تصوير كل حدث وكل مكسب لإسرائيل، كإنجاز شخصي. ولفتت إلى تبلور عوامل أخرى في هذا السياق، ولا سيما أن العلاقات الدبلوماسية بين الهند وإسرائيل انطلقت قبل 25 عاماً، إثر انهيار المعسكر السوفييتي، وانطلاق مشاريع التسوية والصلح بين إسرائيل والدول العربية ومنظمة التحرير الفلسطينية انطلاقاً من عقد مؤتمر مدريد للسلام.
وتلقى زيارة رئيس الحكومة الهندية، التي بدأت مساء أمس الثلاثاء، اهتماماً في الصحف ووسائل الإعلام الإسرائيلية، عبر التركيز بشكل بارز على المصالح الاقتصادية، ولا سيما تحوّل الهند في السنوات الأخيرة إلى المستورد الأكبر للسلاح الإسرائيلي، إذ بلغ حجم الصادرات الإسرائيلية للهند في العام 6.5 مليارات دولار، وهو مبلغ يفوق كل ما تبيعه إسرائيل من سلاح لدول العالم الأخرى. كما أن هذه الصادرات تفتح أمام إسرائيل أسواق آسيا، باستثناء الصين، التي تواجه إسرائيل معارضة أميركية شديدة لبيع السلاح لها، وذلك لكون السلاح الإسرائيلي، أياً كان نوعه، يعتمد في أحيان كثيرة على مركّبات أميركية، أو يتم تطويره في مشاريع أميركية-إسرائيلية مشتركة.
ومع الإعلان عن الزيارة التي وصفها نتنياهو بأنها تاريخية، حاولت أوساط مختلفة في إسرائيل، إيجاد مقاربات تاريخية وأوجه شبه ومميزات بين حالة إسرائيل وبين الهند وظروف "استقلال" كل منهما عن الإمبراطورية البريطانية في القرن الماضي، من خلال تشويه التاريخ وتصوير إقامة دولة الاحتلال وكأنها مشابهة لحرب استقلال الهند عن الاستعمار البريطاني.
ونظّم مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، يوماً دراسياً أمس للاحتفاء بالزيارة ومحاولة رسم ملامح للتعاون الهندي-الإسرائيلي في السنوات المقبلة، من خلال الانطلاق بأداة التسويق الإسرائيلية الأولى في المرحلة الراهنة وهي مسألة "محاربة الإرهاب"، الخارجي والداخلي، والتركيز على القدرات الإسرائيلية في مجال السايبر.
وبرز في هذا السياق التحليل الذي قدّمه مدير مركز أبحاث الأمن القومي، الجنرال المتقاعد عاموس يدلين، عندما اعتبر أن أهم مكوّنات التعاون بين البلدين في كون كل منهما محاطاً بجيران "غير ودودين"، وأنهما "معرضان ومستهدفان على امتداد حدود كل منهما الطويلة مع هؤلاء الجيران، لخطر الإرهاب الخارجي والداخلي". واعتبر في هذا السياق أن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية تشكّل مصدر "الإرهاب الداخلي لإسرائيل، مقابل عمليات لجماعات إسلامية وغير إسلامية تشكّل خطراً على السلم الهندي الداخلي"، وذلك على حد زعمه.
لكن أبرز ما أشار إليه يادلين في هذا السياق، هو التغيير العام في معادلة العلاقات التي تحكم علاقة الدول الأجنبية مع إسرائيل، على الرغم من احتفاظها بعلاقات جيدة مع الدول العربية. وقال يدلين إن مسألة الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع إسرائيل لم تعد تشكل نقطة ضعف للدول المختلفة بل على العكس من ذلك، إذ إن الدول العربية اليوم، خصوصاً في ظل تبلور تقاطع مصالح وعلاقات جيدة بين إسرائيل وبعض الدول العربية، باتت تنظر إلى العلاقات الدبلوماسية بين دول مثل الهند وإسرائيل كأمر إيجابي، لأن مثل هذه العلاقة توفر لهذه الدول فرصة للنفوذ والتأثير في إسرائيل، وهو ما تبحث عنه الدول العربية اليوم.
اقــرأ أيضاً
وفي سياق "محاربة الإرهاب"، اعتبر يدلين أن هذا المحور أساسي لترسيخ العلاقات بين إسرائيل والهند، بموازاة العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وفي هذا المجال، رأى أن القدرات والتجربة الإسرائيلية (إذ تعتبر إسرائيل قمع المقاومة الفلسطينية والعربية وتكريس الاحتلال والعدوان حرباً على الإرهاب) إلى جانب القدرات المتطورة لها في مجال السايبر، أسوة بالقدرات المتطورة أيضاً في الهند، من شأنها أن تعمّق من التعاون الاستراتيجي بين البلدين وتؤسس لتحالف قوي، خصوصاً أن العلاقات مع الهند تحظى بمباركة أميركية خاصة تتمثل قبل كل شيء بعدم وجود أي تحفظ أميركي على بيع السلاح الإسرائيلي للهند، خلافاً لحالة الصين مثلاً.
في السياق، أظهرت المداولات في اليوم الدراسي المذكور، عمق الدور الأميركي في تعميق العلاقة بين الهند وإسرائيل، ليس فقط على مستوى السياسة الأميركية العامة وما يخدم سياسة الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، وإنما أيضاً في التداخل العميق في علاقات التعاون بين اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة واللوبي الهندي، وعلاقات التعاون بين منظمات الجاليات اليهودية الأميركية ومنظمات الجاليات الهندية في الهند. وكشف وزير الشؤون الخارجية السابق في الحكومة الهندية، ديدار سينغ، أن الجالية الهندية في الولايات المتحدة تتمثل في الكونغرس الأميركي بخمسة نواب من أصول هندية ويعملون بشكل وثيق مع اللوبي الإسرائيلي.
وأعلن خلال المؤتمر أيضاً أنه سيتم خلال زيارة مودي لإسرائيل توقيع اتفاقيتي تعاون في مجال المياه، وثلاث اتفاقيات في مجال الزراعة والطاقة والسايبر، عدا عن احتمالات التوقيع على عقود جديدة لأجهزة الدولة المختلفة في الهند، مثل تحسين خدمات الطوارئ والإنقاذ، وإطلاق صندوق استثمار بقيمة 45 مليون دولار لتطوير وتنشئة شركات "ستارت أب" هندية-إسرائيلية مشتركة، ولتعزيز التعاون الثقافي والأكاديمي مع دعوة أساتذة الجامعات في إسرائيل للتدريس في الجامعات الهندية.
على الصعيد السياسي، فإن نتنياهو يسعى لتكريس "أوجه الشبه" في الأخطار التي تواجهها الهند وإسرائيل من "الإرهاب" والمقاربة بين الغارات والاعتداءات الإسرائيلية في المحيط العربي بحجة مواجهة الإرهاب وضمان أمن إسرائيل، مع عمليات تقوم بها الهند في ضرب مواقع في كشمير، بالاستناد إلى قيام مودي بوصف الهجوم الذي شنّه الجيش الهندي على كشمير في عام 2016 كرد فعل على "مصادر الإرهاب" مثلما تفعل إسرائيل.
اقــرأ أيضاً
ومع الإعلان عن الزيارة التي وصفها نتنياهو بأنها تاريخية، حاولت أوساط مختلفة في إسرائيل، إيجاد مقاربات تاريخية وأوجه شبه ومميزات بين حالة إسرائيل وبين الهند وظروف "استقلال" كل منهما عن الإمبراطورية البريطانية في القرن الماضي، من خلال تشويه التاريخ وتصوير إقامة دولة الاحتلال وكأنها مشابهة لحرب استقلال الهند عن الاستعمار البريطاني.
ونظّم مركز أبحاث الأمن القومي الإسرائيلي التابع لجامعة تل أبيب، يوماً دراسياً أمس للاحتفاء بالزيارة ومحاولة رسم ملامح للتعاون الهندي-الإسرائيلي في السنوات المقبلة، من خلال الانطلاق بأداة التسويق الإسرائيلية الأولى في المرحلة الراهنة وهي مسألة "محاربة الإرهاب"، الخارجي والداخلي، والتركيز على القدرات الإسرائيلية في مجال السايبر.
وبرز في هذا السياق التحليل الذي قدّمه مدير مركز أبحاث الأمن القومي، الجنرال المتقاعد عاموس يدلين، عندما اعتبر أن أهم مكوّنات التعاون بين البلدين في كون كل منهما محاطاً بجيران "غير ودودين"، وأنهما "معرضان ومستهدفان على امتداد حدود كل منهما الطويلة مع هؤلاء الجيران، لخطر الإرهاب الخارجي والداخلي". واعتبر في هذا السياق أن المقاومة الفلسطينية في الضفة الغربية تشكّل مصدر "الإرهاب الداخلي لإسرائيل، مقابل عمليات لجماعات إسلامية وغير إسلامية تشكّل خطراً على السلم الهندي الداخلي"، وذلك على حد زعمه.
لكن أبرز ما أشار إليه يادلين في هذا السياق، هو التغيير العام في معادلة العلاقات التي تحكم علاقة الدول الأجنبية مع إسرائيل، على الرغم من احتفاظها بعلاقات جيدة مع الدول العربية. وقال يدلين إن مسألة الاحتفاظ بعلاقات جيدة مع إسرائيل لم تعد تشكل نقطة ضعف للدول المختلفة بل على العكس من ذلك، إذ إن الدول العربية اليوم، خصوصاً في ظل تبلور تقاطع مصالح وعلاقات جيدة بين إسرائيل وبعض الدول العربية، باتت تنظر إلى العلاقات الدبلوماسية بين دول مثل الهند وإسرائيل كأمر إيجابي، لأن مثل هذه العلاقة توفر لهذه الدول فرصة للنفوذ والتأثير في إسرائيل، وهو ما تبحث عنه الدول العربية اليوم.
وفي سياق "محاربة الإرهاب"، اعتبر يدلين أن هذا المحور أساسي لترسيخ العلاقات بين إسرائيل والهند، بموازاة العلاقات الاقتصادية والثقافية والاجتماعية. وفي هذا المجال، رأى أن القدرات والتجربة الإسرائيلية (إذ تعتبر إسرائيل قمع المقاومة الفلسطينية والعربية وتكريس الاحتلال والعدوان حرباً على الإرهاب) إلى جانب القدرات المتطورة لها في مجال السايبر، أسوة بالقدرات المتطورة أيضاً في الهند، من شأنها أن تعمّق من التعاون الاستراتيجي بين البلدين وتؤسس لتحالف قوي، خصوصاً أن العلاقات مع الهند تحظى بمباركة أميركية خاصة تتمثل قبل كل شيء بعدم وجود أي تحفظ أميركي على بيع السلاح الإسرائيلي للهند، خلافاً لحالة الصين مثلاً.
في السياق، أظهرت المداولات في اليوم الدراسي المذكور، عمق الدور الأميركي في تعميق العلاقة بين الهند وإسرائيل، ليس فقط على مستوى السياسة الأميركية العامة وما يخدم سياسة الولايات المتحدة في المحيط الهادئ، وإنما أيضاً في التداخل العميق في علاقات التعاون بين اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة واللوبي الهندي، وعلاقات التعاون بين منظمات الجاليات اليهودية الأميركية ومنظمات الجاليات الهندية في الهند. وكشف وزير الشؤون الخارجية السابق في الحكومة الهندية، ديدار سينغ، أن الجالية الهندية في الولايات المتحدة تتمثل في الكونغرس الأميركي بخمسة نواب من أصول هندية ويعملون بشكل وثيق مع اللوبي الإسرائيلي.
على الصعيد السياسي، فإن نتنياهو يسعى لتكريس "أوجه الشبه" في الأخطار التي تواجهها الهند وإسرائيل من "الإرهاب" والمقاربة بين الغارات والاعتداءات الإسرائيلية في المحيط العربي بحجة مواجهة الإرهاب وضمان أمن إسرائيل، مع عمليات تقوم بها الهند في ضرب مواقع في كشمير، بالاستناد إلى قيام مودي بوصف الهجوم الذي شنّه الجيش الهندي على كشمير في عام 2016 كرد فعل على "مصادر الإرهاب" مثلما تفعل إسرائيل.