أصدر حزب "التجمع اليمني للإصلاح" في محافظة تعز بياناً صحافياً أثار الكثير من الجدل في الأوساط السياسية وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، نتيجة المضمون الذي تم تسخيره للدفاع عن دور دولة الإمارات، واتهام من يهاجمها بأنهم "أصوات نشاز وأقلام هابطة ومسترزقة".
البيان الصادر عن "إصلاح" تعز، قدم الشكر إلى الإمارات على دورها في عملية التحرير بمحافظة تعز، والجانب التنموي الاقتصادي، معتبراً أنه يجدها فرصة ليعلن كلمة قوية "تصم آذان تلك الأصوات النشاز والأقلام الهابطة المسترزقة، والتي تحلم بشق الصف بين التجمع اليمني للإصلاح - فرع تعز، وإخوانه في التحالف العربي، خصوصاً دولة الإمارات التي سيكتب لها التاريخ دورها في عملية إسقاط الانقلاب والانتصار للشرعية". وأكد البيان أن "الجهات التي تحاول بث الأكاذيب ونشر الإشاعات، محاولة تصوير حالة من القطيعة والخلاف بين الإخوة في الإمارات والجيش والمقاومة في تعز، تملك أجندة بائسة تقتات على الأكاذيب ونشر الكراهية". واعتبر أن "الإصلاح يرى في الإمارات شريكاً أساسياً في عملية التحرير، وستمضي نحو التحرير والبناء المشترك، وستفشل كل المحاولات التي تبث الفتن وترتزق على حساب الدور الإماراتي". حالة الجدل التي أوجدها بيان "إصلاح تعز" ناتجة، برأي مراقبين، عن أن هذا الموقف جاء بعد تجاذبات عديدة في العلاقة بين "التجمع اليمني للإصلاح" والإمارات، التي تعتبر "الإصلاح"، من وجهة نظرها، جناحاً سياسياً لجماعة الإخوان المسلمين، والتي تصنفها بأنها حركة إرهابية، على الرغم من نفي "الإصلاح" لوجود أي علاقة بينه وبين "الإخوان"، وهي لذلك تقوم بدعم العديد من الحركات السلفية وتستخدمها للحد من نفوذ وانتشار "الإصلاح" في اليمن، وفي المحافظات الجنوبية خصوصاً.
وأدى البيان إلى بروز حالة من الرفض لدى بعض قادة وأعضاء ومناصري "الإصلاح" الذين سخروا منه، على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ غردت عضو مجلس شورى "الإصلاح" الناشطة الحقوقية، توكل كرمان: "صمت دهراً ونطق كفراً. عن بيان الأحبة في تعز أتحدث"، فيما كتب الصحافي أحمد الشلفي تغريدة قال فيها إن "البيان الذي يصدر من أي جهة كانت، ويصف الصحافيين بالأقلام الهابطة والأصوات النشاز والمرتزقة أقل ما يقال فيه إنه بيان سوقي". ولم يذهب المدون منير المحجري، المدافع الأبرز على منصات التواصل الاجتماعي عن مواقف "الإصلاح"، بعيداً، إذ كتب، على صفحته على "فيسبوك": "إذا بياناتك تثير لغطاً، وبعد كل بيان تحتاج بياناً لبيان وتوضيح ما استشكل وعشرات المفسبكين يصححون مفهوم البيان، فلا تلم الناس ولُم من يصيغ بياناتك، والأفضل أن تكون مؤسسياً وتشكل لجنة لصياغة البيانات ومراجعتها وتدقيقها قبل النشر. البيانات الرسمية وتصريحات الأشخاص المحسوبة على الجهات تحتاج لغة حصيفة". والملاحظ أيضاً في ردود الأفعال أن معظم نشطاء "التجمع" ومناصريه قد امتنعوا عن تداول ونشر البيان على مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي كالعادة، مبررين ذلك بأن البيان لا يعبر عن توجه أعضاء "الإصلاح"، وأنه يمثل حالة سياسية بحتة متعلقة بمصالح الحزب خلال هذه المرحلة.
وجاء البيان بعد أن وصلت العلاقة بين الإمارات و"الإصلاح" إلى أسوأ مراحلها، إثر الحصار المفروض على قطر في ظل حالة التعاطف العام مع الدوحة من قبل الشارع اليمني، بالإضافة إلى قيام ناشطين محسوبين على "الإصلاح" وعلى أحزاب وتوجهات خارج "التجمع" بشن حملات تنتقد الإمارات، ووصفوها بأنها دولة محتلة لليمن، متحدثين عن سجون التعذيب التي تديرها أبوظبي ويتم فيها تعذيب مواطنين يمنيين، وفق تقارير منظمات حقوقية دولية، كما اتهموها بنهب ثروات اليمن وانتهاك سيادته. ويرى المحلل السياسي اليمني، أحمد الزرقة، أن البيان هو إحدى محاولات "الإصلاح" للتقرب من أبوظبي، وسعي لتغيير الموقف الإماراتي المتطرف من الحزب. وقال الزرقة، لـ"العربي الجديد"، إن البيان قفزة على عدد من الوقائع والحقائق على الأرض، التي تؤكد أنه لا يمكن لبيان "يتيم"، على حد تعبيره، أن يغير خريطة التحالفات، أو يسهم في جعل الإمارات تتخلى عن موقفها العدائي والتخويني لـ"الإصلاح" وأعضائه. وأوضح أن "البيان مؤشر على التخبط الذي يعاني منه الحزب في ظل تعرضه إلى ضغوط وعدم وجود خطط ومحددات واضحة تحكم خطابه واتجاهات أعضائه وقياداته". وقال الزرقة إن "اللغة العنيفة التي تضمنها البيان تجاه من يوجه النقد للأداء الإماراتي من داخل الإصلاح مؤشر على انقسام داخل الحزب، وربما تعبير عن تيار متطرف داخل الإصلاح يريد القفز على الواقع وتسطيح حقيقة المشكلة والخلاف مع الإمارات، ومن خلفها التحالف، خصوصاً ما يتعلق بملف تحرير تعز ودعم المليشيات السلفية على حساب الجيش الوطني والشرعية"، وفق تعبيره.
وقالت مصادر، لـ"العربي الجديد"، إن قيادات رفيعة المستوى في الحكومة اليمنية اقترحت على "الإصلاح" إصدار بيان يبدد مخاوف أبوظبي التي تمانع تحرير تعز منذ أن أصبح ملف تعز العسكري بيد الإماراتيين، وتحدثت قيادات في التحالف العربي للرئاسة اليمنية، عن مخاوف الإمارات من عملية تحرير تعز، إذ ترى أن تحرير المحافظة، في ظل سيطرة "الإصلاح" على الجيش ومفاصل المؤسسات الحكومية في تعز، ومهاجمة أنصاره للإمارات، يعني تسليم تعز إلى "الإخوان". وأشارت إلى أن قيادات في "الإصلاح" التقت نائب الرئيس اليمني، الفريق علي محسن الأحمر، الذي ناقش معهم مخاوف الإمارات من دور الحزب في تعز، مقترحاً عليهم ضرورة إصدار بيان لتبديد هذه المخاوف.