اقترب رجال المطافئ في تونس، مدعمين بالجيش والمواطنين، من إطفاء آخر ألسنة اللهب المشتعلة في الجبال التونسية الخضراء، بعد أيام طويلة جداً من حرائق عصفت بمئات الهكتارات، وربما تقترب من الآلاف إن تواصلت.
ولئن كان من الطبيعي جداً أن تحترق غابات ما في أي بقعة من الأرض بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو بسبب الإهمال، إلا أن الفاجعة في تونس كانت كبيرة، بعد أن أشارت التحقيقات إلى وجود مجموعات من الناس تقوم عمداً بإشعال النيران، تقف خلفهم في الغالب عائلات تبحث عن مراعٍ جديدة لأغنامها ومافيات بيع الفحم، وغيرهم ممن يبحث عن أي مصلحة من جبال تونس، وما أكثرها. إنهم يحرقون البلد ويتلفون مجهود أجيال سابقة وثروات أجيال مقبلة، فقط بحثاً عن ربح ما.
لكن الغريب هو أن الحوار في تونس لم يركّز على هذا الأمر الجلل، بل اكتفى بنقل الأخبار والتقارير والأرقام ومعاناة الناس الذين يسكنون هناك (نحو 800 ألف تونسي يعيش في المناطق الجبلية). ولم ننتبه إلى إرهاب جديد، لا يقلّ خطورة عن إرهاب "داعش" وما شابهه، فإحراق البلد بدم بارد لا يقل شناعة وفظاعة عن الرصاص القاتل، وكلاهما مرعب للناس ومدمّر لحياتهم.
في هذه الأثناء شغلتنا "كرافات الغنوشي" أكثر من الحرائق ومن يقف خلفها، ربما لأننا أصبحنا كائنات سياسية بامتياز تهمّها الرموز أكثر من الأحداث، أو لأن الجبال بعيدة ولا أحد يرى معاناتها، أو لأن الناس تعبت وأرهقتها الأخبار السيئة. لكن السؤال يبقى محيّراً ومستفزاً: "هل أصبح بعض التونسيين على هذا القدر من الإجرام؟ وهل هانت الأرض إلى هذا الحدّ؟ وهل هي مشكلة فتور وانتماء فصل بيننا وبين الشجرة التي أنبتتنا والأرض التي ربّتنا؟
لعله ذات التبرير الذي يدفع بسياسي إلى الكذب، وبآخر إلى أن يبيع، وبمواطن إلى عدم الاكتراث.
ولئن كان من الطبيعي جداً أن تحترق غابات ما في أي بقعة من الأرض بسبب ارتفاع درجات الحرارة أو بسبب الإهمال، إلا أن الفاجعة في تونس كانت كبيرة، بعد أن أشارت التحقيقات إلى وجود مجموعات من الناس تقوم عمداً بإشعال النيران، تقف خلفهم في الغالب عائلات تبحث عن مراعٍ جديدة لأغنامها ومافيات بيع الفحم، وغيرهم ممن يبحث عن أي مصلحة من جبال تونس، وما أكثرها. إنهم يحرقون البلد ويتلفون مجهود أجيال سابقة وثروات أجيال مقبلة، فقط بحثاً عن ربح ما.
لكن الغريب هو أن الحوار في تونس لم يركّز على هذا الأمر الجلل، بل اكتفى بنقل الأخبار والتقارير والأرقام ومعاناة الناس الذين يسكنون هناك (نحو 800 ألف تونسي يعيش في المناطق الجبلية). ولم ننتبه إلى إرهاب جديد، لا يقلّ خطورة عن إرهاب "داعش" وما شابهه، فإحراق البلد بدم بارد لا يقل شناعة وفظاعة عن الرصاص القاتل، وكلاهما مرعب للناس ومدمّر لحياتهم.
في هذه الأثناء شغلتنا "كرافات الغنوشي" أكثر من الحرائق ومن يقف خلفها، ربما لأننا أصبحنا كائنات سياسية بامتياز تهمّها الرموز أكثر من الأحداث، أو لأن الجبال بعيدة ولا أحد يرى معاناتها، أو لأن الناس تعبت وأرهقتها الأخبار السيئة. لكن السؤال يبقى محيّراً ومستفزاً: "هل أصبح بعض التونسيين على هذا القدر من الإجرام؟ وهل هانت الأرض إلى هذا الحدّ؟ وهل هي مشكلة فتور وانتماء فصل بيننا وبين الشجرة التي أنبتتنا والأرض التي ربّتنا؟
لعله ذات التبرير الذي يدفع بسياسي إلى الكذب، وبآخر إلى أن يبيع، وبمواطن إلى عدم الاكتراث.