تسعى عدة جهات محلية وإقليمية إلى التوصل لتوحيد المؤسسة العسكرية في ليبيا، عبر مناقشة عدة مقترحات تم طرح بعضها في القاهرة، بحضور ممثلين عن قوات اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، بالشرق، وضباط من طرابلس ومصراتة قبل أسبوعين.
وبحسب مصدر مقرب من المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فإن شخصية عسكرية رفيعة من النظام السابق وصلت يوم أمس إلى طرابلس للقاء رئيس المجلس الرئاسي، فايز السراج، وشخصيات عسكرية أخرى بجهاز الحرس الرئاسي.
وكشف المصدر لـ"العربي الجديد" أن اللواء أحمد عون، والذي تولى مهام بارزة في نظام العقيد الليبي الراحل، معمر القذافي، وصل يوم أمس إلى طرابلس للقاء السراج وشخصيات عسكرية أخرى لمناقشة سبل توحيد المؤسسة العسكرية وإمكانية أن تتضمن شخصيات عسكرية من النظام السابق، لافتاً إلى أن عون بلغ السراج بمشروع تمت موافقة حفتر عليه.
ومن دون أن يفصح المصدر عن شكل المشروع الجديد الذي من شأنه توحيد المؤسسة العسكرية التي طالما أصر حفتر على أنه القائد العام لها وغير راغب في مشاركة ضباط آخرين في إمرتها، أشار إلى قبول حفتر أخيراً بإمكانية تأسيس مجلس عسكري يضم ضباطاً من مصراتة والجنوب الليبي شريطة أن يتولى هو رئاسة أركان الجيش.
وأكد المصدر أن معسكر حفتر يشهد انقسامات متتالية، لا سيما بعد هدوء جبهات القتال وانصراف قادة المحاور والضباط عن الحرب إلى التفكير في تولي مناصب عسكرية مدعومين بزعامات قبلية تطالب بحق تولي أبنائها من الضباط مناصب متقدمة في الجيش، لقاء ما قدمت هذه القبائل من تضحيات في حروب حفتر.
ويبدو أن معسكر مصراتة الأبرز عسكريا وسياسيا في غرب البلاد يسير بالتوازي مع المساعي الحالية، فقد أعلن أول من أمس عن إطلاق عدد من ضباط المدينة مبادرة لتوحيد مؤسسة الجيش تحت السلطة المدنية المتمثلة في المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق.
وقال عضو المبادرة، محمد قنيدي، إن اللقاءات التي شارك فيها ضباط من الجنوب والشرق الليبي أيضاً مستمرة خلال الأسبوعين المقبلين للخروج بمبادرة مكتملة لضم كل قطاعات مؤسسة الجيش.
وأضاف في حديث لـ"العربي الجديد" أن "المبادرة ستطرح مسألة تفعيل الجيش تحت لواء رئاسة أركان تابعة للمجلس الرئاسي، بالإضافة إلى تفعيل القانون العسكري في ما يخص الرتب العسكرية والتراتبية في تسلسل قيادات الجيش"، مشيراً إلى أن المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي ارتكب تجاوزات بمنح بعض الرتب العسكرية أخيراً من دون النظر للقانون العسكري.
وقال "منح هذه الرتب العسكرية من دون النظر للأقدمية هو ما فعله البرلمان في شرق البلاد وتسبب في حساسيات داخل المؤسسة، لا سيما من الضباط الأقدم".
ونفى قنيدي وجود أي علاقة للمبادرة بالمساعي التي تقوم بها شخصيات تنتمي للمدينة في بعض دول الجوار، في إشارة منه للقاءات ضباط من المدينة مع ضباط من الشرق الليبي في القاهرة.
واستدرك قائلاً "لا توجد مشكلة في اللقاء والحوارات مع زملائنا في أي منطقة ليبية، ففي مصراتة حضر ضباط من الشرق الليبي وسيشاركون في المبادرة المرتقبة"، لافتاً إلى أن قطاعاً من الضباط لا يزالون على موقفهم الرافض من وجود حفتر في المؤسسة العسكرية.
وفي الشرق الليبي اعتبر المحلل السياسي الليبي، سامي بوتبينة، أن الوضع مزعج بالنسبة لحفتر، وقال "الامتعاض كبير والتأييد الشعبي يتراجع والأصوات بدأت في التعالي برفض سلطة العسكر المطلقة في الشرق".
وأضاف بوتبينة "حفتر يبحث عن خيارات أخرى بعد تعسر الحل والسيطرة العسكرية لديه، لا سيما باتجاه الغرب الليبي، فهناك البحث عن مخرج سياسي من خلال تواصله مع داعميه الإقليمين والدوليين وكان آخرها قبوله بالاتفاق السياسي خلال لقائه بالسراج في باريس".
ورجح أن يكون قبول حفتر المفاجئ بالذهاب إلى انتخابات عاجلة سبيلاً لإنقاذ وضعه المتهاوي، فقد يسعى من خلال شعبيته المتبقية إلى الحصول على منصب سياسي، كما أن قبوله بتوحيد مؤسسة الجيش بمشاركة مناوئيه العسكريين في غرب البلاد سبيل آخر يسير فيه، بحسب بوتبينة.