أثار تكريم مليشيا "الحشد الشعبي" لعدد من أعضاء مجلس مفوضية الانتخابات العراقية، مخاوف من احتمال استغلال هذا التكريم من أجل التلاعب بنتائج الانتخابات المقبلة.
وفيما أكد "الحشد الشعبي" مشاركة عدد من موظفي المفوضية بمعارك المليشيا، حذر مراقبون من خطورة تلقي المفوضية، التي يفترض أن تكون مستقلة، للهدايا، وأشاروا إلى أن هذا الأمر قد يفتح الباب واسعا أمام اتهامها بـ"الانحياز والتزوير".
مصدر سياسي مقرب من مفوضية الانتخابات أكد لـ"العربي الجديد"، أن جميع أعضاء مجلس المفوضين تلقوا دعوة للتكريم من قبل مليشيا "الحشد الشعبي"، موضحاً أن بعض أعضاء المجلس رفضوا حضور الحفل، الذي وزعت فيه الهدايا والدروع على أعضاء بمجلس المفوضين، وعدد من مدراء الدوائر المهمة في المفوضية.
وأشار المتحدث إلى أن هدايا "الحشد الشعبي" شملت رئيس الإدارة الانتخابية في المفوضية، وائل الوائلي، وعضو مجلس المفوضين محسن الموسوي، وعضو مجلس المفوضين المتحدث باسم المفوضية، القيادي في "ائتلاف دولة القانون"، مقداد الشريفي، لافتاً إلى أن هذا التكريم أثار جدلاً داخل أوساط المفوضية.
وبحسب المصدر أيضاً، فإن "بعض أعضاء مجلس المفوضين اعترضوا على قبول الهدايا من مليشيا الحشد الشعبي كي لا تتهم المفوضية بالانحياز لطرف دون آخر، وربما تتهم بالتزوير في المرحلة المقبلة". وأضاف أن "عددا من أعضاء مجلس المفوضية والمدراء العامين فيها أصرّوا على استلام مستحقات تكريمهم من الحشد الشعبي".
من جهتها، ذكرت مفوضية الانتخابات العراقية أن عددا من أعضاء مجلس المفوضين، وهم كل من وائل الوائلي، ومحسن الموسوي، ومقداد الشريفي، وعدد من المدراء العامين، وهم كل من معاون رئيس الإدارة الانتخابية للشؤون الإدارية والمالية، متين الجادرجي، ومدير عام دائرة العمليات، صفاء الجابري، ومدير الدائرة الإدارية جاسم حنون، حصلوا على تكريم من مليشيا "الحشد الشعبي"، بعد قيام وفد من المليشيا، برئاسة مدير مقاومة الدروع في "الحشد الشعبي"، فاضل عبد الحسين زويني، بزيارة مقر المفوضية.
وقال عضو مجلس المفوضين، مقداد الشريفي، خلال حفل التكريم، إنه "يشيد بتضحيات" مليشيا "الحشد الشعبي" في الدفاع عن "المقدسات وتحرير الأراضي من سيطرة تنظيم داعش الإرهابي، وآخرها مشاركته في تحرير الموصل خلال معركة (قادمون يا نينوى)".
إلى ذلك، أكد عضو مجلس المفوضين، محسن الموسوي، أن "المفوضية قامت بإرسال تبرعات إلى مقاتلي الحشد الشعبي في جبهات القتال"، موضحا أن مفوضية الانتخابات كانت داعمة للمليشيا.
وفي سياق متصل، أشاد مدير مقاومة الدروع في مليشيا "الحشد الشعبي" بـ"الدعم والإسناد" الذي قدمته المفوضية لمقاتلي المليشيا في ساحات القتال، موضحا أن "المفوضية أرسلت تبرعات، كما شارك بعض موظفيها بالقتال في صفوف الحشد الشعبي".
وفي هذا السياق، رأى أستاذ العلوم السياسية في جامعة النهرين، علي البدري، أن تكريم المليشيا لمفوضية الانتخابات فيه خرق لمادتين دستوريتين، موضحا لـ"العربي الجديد"، أن الخرق الأول هو أن مفوضية الانتخابات يفترض أن تكون مستقلة بحسب الدستور، وليس من حقها تلقي الهدايا والتكريم من أي طرف، ولا سيما أن أغلب فصائل "الحشد" سجلت ككيانات سياسية تستعد للاشتراك في الانتخابات المقبلة.
وأضاف "أما الخرق الثاني، فهو تعامل المفوضية مع المليشيات مع أن المادة التاسعة من الدستور العراقي تحظر تشكيل المليشيات أو التعامل معها"، موضحا أن "هذه المسألة قد تفتح الباب واسعا لاتهام المفوضية بالانحياز أو التزوير في المستقبل".
يشار إلى أن مفوضية الانتخابات الحالية تشكلت عام 2012 في عهد الحكومة السابقة، برئاسة نوري المالكي، واتهمت بالتزوير لصالح المالكي الذي حل أولا في الانتخابات البرلمانية الماضية التي أجريت في 30 إبريل/نيسان 2014.