توالت تصريحات قياديين في حزب "العدالة والتنمية" الذي يقود الحكومة في المغرب، تصب في اتجاه انتقاد حليفه "التقدم والاشتراكية" (اليساري) داخل الحكومة، خصوصاً بعد إعفاء العاهل المغربي محمد السادس، وزير الإسكان وزعيم الحزب محمد نبيل بنعبد الله، وهو ما بات يؤشر إلى دخول التعديل الحكومي منعطفاً جديداً.
فبعد تصريحات منسوبة إلى رئيس الحكومة، سعد الدين العثماني، ينتقد فيها وزير الصحة المعفى الحسين الوردي المنتمي إلى "التقدم والاشتراكية"، جدد وزير الدولة المكلف حقوقَ الإنسان القيادي في "العدالة والتنمية" مصطفى الرميد، انتقاداته الحادة للوزير الوردي وحزبه.
وتعدى الرميد خلال لقاء حزبي، أمس الأحد، انتقاد الوردي أن وصفه بـ"وزير فاشل"، إلى انتقاد أداء وزراء حزب "التقدم والاشتراكية"، معتبراً أنه حزب لم يعد قادراً على المواجهة بعد إعفاء أمينه العام بنعبد الله، قبل أن يفتح الباب موارباً أمام دخول حزب "الاستقلال" إلى الحكومة بقوله: "كل شيء ممكن" رداً على سؤال حول سيناريو دخول "الاستقلال" للحكومة في التعديل المرتقب.
ويأتي هذا الخوض في احتمالات دخول حزب "الاستقلال" إلى الحكومة في خضم ترقب الإعلان عن التعديل الحكومي الذي دام أكثر من ثلاثة أشهر، إذ تُروج أخبار قوية على أن "التقدم والاشتراكية" قدم قائمة بوزراء لتعويض الوزراء المعفى عنهم، لكنها لم تحظ بموافقة الديوان الملكي.
ويقول مصدر مقرب من رئيس الحكومة المغربية في تصريح لـ"العربي الجديد"، إنه لا جديد في موضوع التعديل الحكومي، وإنه إلى اللحظة ليس هناك أي توجه نحو الاستغناء عن حزب "التقدم والاشتراكية"، أو دخول حزب "الاستقلال"، مبرزاً أن "رئيس الحكومة متمسك بمنهجية التعديل الحكومي من داخل الأغلبية".
في المقابل، يرى الباحث المغربي، الدكتور إدريس الكنبوري، أن العثماني ورفاقه في الحزب يريدون التخلص من "التقدم والاشتراكية"، لأنه ورثه عن مرحلة سلفه عبد الإله بنكيران في حقبة سياسية كانت لها ظروفها، إذ كان بنكيران يزايد على الاتحاديين واليسار بإظهار تحالفه مع حزب يساري صغير.
وتابع الكنبوري في تصريح لـ"العربي الجديد" إن "التقدم والاشتراكية حصل على حقائب وزارية تفوق حجمه السياسي وعدد نوابه في البرلمان، وهو ما أثار أحزاباً أخرى آنذاك كحزب الاستقلال"، مردفاً أن "هذا الحزب فقد اليوم حتى ذلك الحجم بعد الانتخابات الماضية، والاتحاد الاشتراكي اليوم في الحكومة، لذلك فصفقة بنكيران مع التقدم والاشتراكية لم تعد واردة".
وسجل الكنبوري أن "الزلزال السياسي مس هذا الحزب أكثر من غيره، بل إن الزلزال مس أمينه العام، وهي ضربة سياسية قوية تعني أن الحزب لم يعد مرحباً به"، متابعاً أن "العثماني والرميد فهما الرسالة، كما أن الحزب هو حزب صغير وليست له كوادر كثيرة يمكنه اقتراحها للحكومة".
واسترسل الكنبوري، إن "قيادة حزب الاستقلال الجديدة تبدو طامحة إلى المشاركة، لكننا نعرف أن الحزب هو حزب كبير وتاريخي، ولا يمكن أن يكتفي بدور البديل، بل قد يعطي رأيه في مشاركة آخرين معه، وربما يكون له موقف من مشاركة حزب التقدم والاشتراكية إلى جانبه، خصوصاً أن هذا الحزب الأخير تم تضخيمه أكثر من اللازم خلال مرحلة بنكيران".
ويعد "التقدم والاشتراكية" أقرب حلفاء "العدالة والتنمية"، خصوصاً في فترة ولاية بنكيران حينما كان رئيساً للحكومة، كما أن هذا الأخير كان قريباً من إدخال حزب "الاستقلال" إلى الحكومة قبل أن تطفو على السطح تصريحات زعيمه السابق، حميد شباط، عن موريتانيا، ما عرقل مشاركة الحزب في الحكومة.
وتغيرت المعطيات السياسية بعد إعفاء بنكيران من رئاسة الحكومة، خصوصاً بقرار الملك محمد السادس إعفاء وزراء من الحكومة الحالية، منهم وزيران من حزب "التقدم والاشتراكية"، عقب تقرير حول أسباب تأخر تنفيذ مشروع الحسيمة منارة المتوسط، فيما بدأت حظوظ حزب "الاستقلال" لدخول الحكومة تزداد يوماً بعد يوم، سيما بعد انتخاب نزار بركة المقرب من صناع القرار، أميناً عاماً لحزب "الاستقلال".