وأكدت المصادر المصرية أنه "لا يمكن أن تُقْدم القاهرة على خطوة مثل هذه لأنها تدرك يقيناً أنها غير منطقية ولا يمكن تنفيذها، لأنها تتعارض مع اتفاق المبادئ الثلاثي الموقع في الخرطوم في مارس/ آذار عام 2015".
وقال مصدر فني في وزارة الري المصرية، مُطّلع على ملف سد النهضة، إنه "من الصعوبة بمكان استبعاد السودان من أي مفاوضات بشأن السد، وخصوصاً أنها طرف أصيل في الجوانب الفنية الخاصة بتداعيات وتأثيرات السد، وليست وسيطاً".
في المقابل، رجّح مصدر دبلوماسي رسمي أن يكون تسريب مثل هذه الأخبار في وسائل الإعلام الإثيوبية يأتي في إطار النهج الذي دأبت عليه أديس أبابا بالمراوغة وإطالة أمد المفاوضات وتأخير التوصل لحلول عملية، من خلال توسيع المسافة بين السودان ومصر، لتستأثر هي بالتقارب مع الخرطوم وتكوين تكتل ضد القاهرة في هذا الشأن لحين انتهائها من إكمال البناء، ووضعنا في موقف القبول بالأمر الواقع".
وأكد المصدر أن "مصر لم تتقدم بطلب مثل هذا، وكان كل ما تقدمت به هو طلب لإشراك البنك الدولي الذي أشرف على تمويل الجزء الأكبر من إنشاءات السد في عملية التفاوض".
وكانت مصادر سودانية قد كشفت لـ"العربي الجديد"، أن أديس أبابا أبلغت الخرطوم رفضها لمطلب القاهرة بإشراك البنك الدولي في مسار المفاوضات خلال الفترة المقبلة.
يأتي هذا في الوقت الذي أعلنت فيه وزارة الري السودانية أن "طلب مصر بإبعاد السودان عن مفاوضات سد النهضة، إن صحّ، فهو غير قانوني".
وقال رئيس الجهاز الفني في وزارة الموارد المائية والري والكهرباء السودانية، عضو لجنة التفاوض في مشروع سد النهضة، سيف الدين حمد، في تصريحات صحافية، إن الخرطوم "لم تتلق أي إخطار رسمي يفيد بطلب الحكومة المصرية من إثيوبيا إبعاد السودان عن مفاوضات سد النهضة".
وقال حمد: "لم يصلنا إخطار رسمي بذلك"، مشيراً إلى أن "الطلب المصري، إن صح، فإنه لا يمكن أن يتم من الناحية القانونية التي تحكمها وثيقة إعلان المبادئ التي وقّعتها السودان ومصر وإثيوبيا، والتي تشترط مشاركة الدول الثلاث في مفاوضات السد".
وكان من المقرر انعقاد اجتماع اللجنة التشاورية السياسية بين مصر والسودان، أمس الأربعاء، في القاهرة، قبل أن يلغي وزير الخارجية السوداني إبراهيم غندور زيارته لمصر، بسبب إرجاء الجانب المصري لعقد الاجتماع من دون توضيح الأسباب، بحسب مصادر سودانية تحدثت لـ"العربي الجديد".
وتشهد العلاقات بين القاهرة والخرطوم توتراً متصاعداً بسبب عدد من الملفات، أهمها التنازع على تبعية منطقة حلايب وشلاتين، وكذلك اتهام مصر للسودان بتبنّي موقف مناوئ لها في مفاوضات سد النهضة وانحيازها إلى إثيوبيا، بالإضافة إلى القرار السوداني الأخير بمنْح تركيا حق استغلال وإدارة جزيرة سواكن الواقعة بالبحر الأحمر، وهو القرار الذي تعتبره مصر موجّهاً لها بالأساس في ظل العلاقات المتوترة بين القاهرة وأنقرة منذ انقلاب الثالث من يوليو/ تموز.