وقال عضو الائتلاف الوطني السوري المعارض، ياسر الفرحان، إن المشكلة في سورية ليست دستورية، بل في النظام الديكتاتوري الذي يتسلط على البلاد والذي لا يأبه بالدستور والقوانين، في إشارة إلى نظام بشار الأسد. وأضاف الفرحان، في تصريح لـ"العربي الجديد"، تعليقا على نتائج مؤتمر سوتشي الذي اختتم أعماله أمس الثلاثاء، والتي تضمنت تشكيل لجنة لإعادة كتابة الدستور السوري، وجرى تكليف المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا بمتابعة الأمر، أنه "حتى لو مضت الأمم المتحدة في تبني مقررات سوتشي لن يكون هناك حل ما لم توافق جميع الأطراف عليه، بما فيها المعارضة التي قاطعت المؤتمر، والتي لا يمكن أن تقبل العمل تحت ولاية النظام وتوقيع رئيس هذا النظام".
وتابع: "رأينا أن بعض المعارضين الذين حضروا بصورة شخصية رفضوا حتى الدخول إلى قاعة المؤتمر، لمجرد وجود علم النظام على شعار المؤتمر".
وأقر الفرحان بأن المعارضة ستكون في موقف صعب، خلال المرحلة المقبلة، نتيجة تبنّي الأمم المتحدة، ممثلة بمبعوثها دي ميستورا، قرارات سوتشي، والتي تتقاطع، إلى حد ما، مع الورقة التي قدمتها بعض الدول الغربية قبيل المؤتمر، لكنه قال "نحن نعوّل على شعبنا وثورتنا وأصدقائنا، خاصة تركيا، بأنه لا يمكن أن يفرض علينا شيء بعد كل هذه السنوات من التضحيات".
ورأى الفرحان أن غالبية المجتمع الدولي قد تنظر بإيجابية إزاء مقررات سوتشي، خاصة لجهة قبول النظام بالمبادئ الـ12 التي كان قدمها دي ميستورا خلال جولات التفاوض في جنيف، لكن نعتقد أن "هذه المبادئ قاصرة عن تلبية متطلبات الشعب السوري، وهي لم تتطرق إلى مصير مجرمي الحرب الذين ارتكبوا الفظائع في سورية، وعلى رأسهم رئيس النظام".
من جهته، قال عضو وفد المعارضة إلى مفاوضات أستانة، العقيد فاتح حسون، إنه "لا يمكن الاعتراف بمقررات مؤتمر قاطعناه، وهنا دور الأمم المتحدة في تسخير هذه المقررات بما يخدم العملية السياسية في جنيف، التي نعتبرها الأساس في تحقيق الانتقال السياسي وتطبيق كامل القرار 2254".
وحول الدور الذي أناطه المؤتمر بالمبعوث الأممي في متابعة قراراته، قال حسون، في حديثه مع "العربي الجديد"، إن دي ميستورا "ليس ولي أمر الثورة السورية، هو مبعوث دولي وميسر، وكل النسب في تشكيل لجنة الدستور يجب أن تكون برضى قوى الثورة والمعارضة وضمن التوافق الدولي"، مشيرا إلى تصريح الخارجية التركية بصفتها ضامنا للمعارضة بأنها تنتظر من المبعوث الدولي تشكيل لجنة دستورية وفق مسار جنيف وبموجب القرار 2254، حيث ستتم فيها مراعاة التمثيل النسبي للمعارضة، و"هو ما يتوافق مع مطالبنا".
وكان مؤتمر سوتشي تبنّى، بحسب المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية، ألكسندر لافرينيتييف، ثلاث وثائق سيتم العمل بها في إطار جنيف.
وأوضح لافرينتييف، في مؤتمر صحافي عقده مساء أمس، أنه "تمت المصادقة على 3 وثائق، وهي البيان الختامي ورسالة المشاركين، وكذلك قائمة المرشحين للجنة المعنية بدراسة القضايا المتعلقة بصياغة الدستور".
وأوضح لافرينتييف أن الوثائق التي تم إقرارها في مؤتمر سوتشي ستحال إلى دي ميستورا، لمواصلة العمل بها، مؤكدا أن "مؤتمر الحوار الوطني السوري يسعى إلى دعم عملية جنيف بالتوافق مع قرار 2254 لمجلس الأمن الدولي"، ولم يستبعد عقد جولة ثانية من مؤتمر الحوار الوطني السوري، لكن بشكل وإطار مختلف، حسب تعبيره.
وأوضح أن اللجنة الدستورية تضم مبدئيا 150 شخصا، لكن "التشكيلة النهائية للجنة وكذلك إطار عملها سيحددهما دي ميستورا، الذي بإمكانه إدراج أفراد آخرين فيها".
وأشار إلى أن ثلي أعضاء اللجنة الدستورية سيضمّان ممثلين عن النظام السوري، فيما سيشمل الثلث الآخر مندوبين من المعارضة، لكنه لفت مع ذلك إلى أن هذه الهيئة قد ينضم إلى عملها ممثلون عن مجموعات المعارضة السورية، التي لم تشارك في مؤتمر سوتشي.
من جهته، اعتبر وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، أن مؤتمر سوتشي نجح كخطوة نحو التسوية، مشيرا إلى أن اللجنة الدستورية المشكلة ستعمل في إطار عملية جنيف.
وفي تناقض مع كل الوقائع على الأرض، حيث أعدت روسيا والدول الضامنة مسودة أعضاء اللجنة الدستورية، وكلف دي ميستورا بغربلتها ومتابعة عملها، بدون أي وجود لطرف سوري، قال لافروف، خلال مؤتمر صحافي: "النقطة الأهم تكمن في تمسّكنا الصارم بالمبدأ الأساسي لبيان 2254 لمجلس الأمن الدولي، والذي ينص على أن السوريين أنفسهم فقط هم من سيقررون مصير بلادهم".
وأضاف لافروف أن "تشكيل اللجنة الدستورية سيحال إلى الأمم المتحدة، بالتوافق مع قرار 2254"، لافتا إلى أن "تنظيم عمل هذه الهيئة الجديدة، التي ستقوم بإعداد الدستور السوري، سيجري في جنيف".
وأشار لافروف إلى أن كلا من روسيا وتركيا وإيران اتفقت على مساعدة دي ميستورا في تطوير نتائج مؤتمر الحوار الوطني السوري في الأمم المتحدة، فيما أكد استعداد موسكو للمشاركة في مفاوضات سلام حول سورية على جميع الأصعدة، معتبرا أن "غياب بعض المجموعات من المعارضة السورية عن مؤتمر سوتشي ليس كارثة".
من جانبه، قال دي ميستور إن تشكيلة اللجنة الدستورية ستكون واسعة إلى أقصى حد ممكن، "فيجب أن تضم على الأقل، ممثلي الحكومة والمعارضة الذين يشاركون في مفاوضات جنيف، وخبراء سوريين وممثلين عن المجتمع المدني السوري، إضافة إلى ممثلي العشائر والنساء، والتمثيل الملائم للمكونات العرقية والدينية".
ولفت إلى أنه سيتم تشكيل اللجنة "في أسرع وقت ممكن، فسورية لا يمكن أن تنتظر".
وفي تصريحات صحافية، قال دي ميستورا إنه ينوي إجراء مشاورات مع عدد واسع من الجهات الفاعلة، بما فيها ممثلو المعارضة الذين تغيّبوا عن مؤتمر سوتشي، على أن يعدّ - بناء على نتائج هذه المشاورات - قائمة "من 45 إلى 50 شخصا" سيدخلون في اللجنة الدستورية المزمع تشكيلها.
وحسب مصادر عدة، فإن دي ميستورا تلقّى، خلال مؤتمر سوتشي، قائمة تضم نحو 150 شخصا مرشحين من جانب روسيا والنظام السوري للمشاركة في اللجنة الدستورية، على أن يقوم هو بالاختيار النهائي لأعضاء اللجنة.
وقالت مصادر لـ"العربي الجديد" إن المبعوث الدولي قد يختار مجموعة إضافية تعمل بالتنسيق مع مكتبه، لرفد المجموعة الرئيسية الرسمية، بما يصل إلى 25 اسما إضافيا.
وحسب هذه المصادر، فإن معظم المرشحين ليكونوا في عضوية اللجنة وتم تسليم أسمائهم للمبعوث الدولي، جرى اختيارهم في دمشق، ومنهم صفوان قدسي ومحمد ماهر قباقيبي وأحمد كزبري وسحر سرميني وجمال قادري والممثل زهير رمضان وأيمن الأسود وهيثم مناع.