صفقة من 3 مراحل لتبادل مخطوفي السويداء بمعتقلات "داعش"

21 أكتوبر 2018
تمّ التبادل أمس بين النظام والتنظيم (محمد أبازيد/فرانس برس)
+ الخط -

بلغت قضية المختطفين في السويداء في الجنوب السوري مرحلة جديدة، مع إفراج تنظيم "داعش" عن مجموعة منهم، مقابل إطلاق سراح مجموعة من النساء المعتقلات لدى النظام طالب بهن التنظيم، في صفقة لم تتضح جميع تفاصيلها بعد، وسط اتهامات للنظام السوري بالتواطؤ مع "داعش". وقد وصلت إلى مدينة السويداء، صباح أمس السبت، أول دفعة من المختطفين بعد أن أفرج عنهم "داعش"، وذلك ضمن المرحلة الأولى من ثلاث مراحل، لصفقة تبادل، يفترض أن تفضي مع نهايتها إلى الإفراج عن جميع المختطفين والمختطفات، الـ27، الذين اختطفهم التنظيم في 25 يوليو/تموز الماضي.

ووصل إلى السويداء صباح أمس ستة أشخاص، امرأة مع أبنائها الأربعة، وامرأة أخرى، بعد أن أفرج عنهم "داعش"، بالتزامن مع إطلاق سلطات النظام، سراح 17 معتقلة مع ثمانية من أطفالهن، كان طالب بهم التنظيم، ويعتقد أن المفرج عنهن زوجات لعناصر في التنظيم. وكشفت مصادر محلية لـ"العربي الجديد"، أن "عملية التبادل ستتم على ثلاث مراحل، تم إنجاز الأولى منها أمس، على أن تنتهي المراحل الثلاث، بإفراج داعش عن جميع المختطفين والمختطفات لديه، وهم تسع سيدات و18 طفلاً، مقابل إفراج النظام السوري عن 60 معتقلة للتنظيم في سجونه". إضافة إلى ذلك، ذكر "المرصد السوري لحقوق الإنسان"، أن "الصفقة تتضمن دفع مبلغ 27 مليون دولار لتنظيم داعش، أي ما يعادل مليون دولار لكل امرأة مختطفة، وهو ما لم تعلن عنه أية جهة أخرى".

من جهتها، أشارت شبكة "السويداء 24"، التي يديرها ناشطون من المدينة، إلى أن "قيادة حركة رجال الكرامة كانت جزءاً من عملية التفاوض مع التنظيم، بالتنسيق مع الحكومة السورية ووجهاء من المحافظة وأطراف أخرى". وأكدت الشبكة أنه "سيتم الإفراج عن بقية المختطفين لدى التنظيم على مرحلتين في الأيام المقبلة، مقابل الإفراج عن معتقلين للتنظيم".

من جهته، اعتبر محافظ السويداء، عامر العشي، أن "العملية تمت نتيجة الجهود والحصار المحكم الذي تفرضه قوات النظام على التنظيم". وأضاف أن "قوات النظام نفذت عملية نوعية كبرى تمكنت خلالها من تحرير المختطفين"، نافياً بذلك عقدهم اتفاقا مع التنظيم.

وفي محاولة للرد على الاتهامات الموجهة للنظام بعدم بذل جهود كافية للإفراج عن المختطفين من محافظة السويداء، وبأن هناك شبهة تواطؤ مع التنظيم، قال العشي في حديث لوكالة الأنباء الرسمية "سانا" إن "أكثر من 600 عنصر من قوات النظام قُتلوا أو أُصيبوا خلال العمليات ضد داعش في محافظة السويداء"، مشيراً إلى أن "من بين القتلى 55 ضابطاً سقطوا خلال 83 يوماً من انطلاق العمليات". وأوضح أن "العمليات العسكرية تتركز حالياً في منطقة تلول الصفا بمنطقة مساحتها 17 كيلومتراً مربعاً".



وجاءت عملية الإفراج، بعد اتفاق لوقف إطلاق النار بين قوات النظام وتنظيم "داعش" في منطقة الصفا شرقي محافظة السويداء. وقالت مصادر محلية إن "الاتفاق كان بطلب روسي، وبدأ منتصف الثلاثاء الماضي، لكن لم تتضح تفاصيله باستثناء تثبيت نقاط السيطرة لكل طرف". وثمة تضارب في الأنباء حول ما إذا كان توقف المعارك مرده اتاحة الفرصة للتنظيم للانسحاب من المنطقة أو لعقد صفقة معه لإطلاق سراح مختطفي السويداء مقابل عناصر للتنظيم.

واستقدمت قوات النظام خلال الأيام الماضية تعزيزات عسكرية كبيرة إلى مواقعها ونقاطها في منطقة تلول الصفا الواقعة في بادية ريف دمشق عند الحدود الإدارية مع ريف السويداء، بغية الضغط على "داعش" كما يبدو دون وجود نية لشن معارك جديدة في الوقت الحاضر.

وكانت "الشبكة السورية لحقوق الإنسان" قالت إنها "رصدت مؤشرات توحي بوجود تنسيق وتناغم بين النظام السوري وتنظيم داعش قبيل وقوع هجمات السويداء، منها نقل عناصر التنظيم الذين كانوا في مخيم اليرموك إلى البادية الشرقية لمحافظة السويداء، ثم إخلاء قوات النظام لمواقعها في ريف السويداء الشرقي، والانسحاب من أهم نقاط المراقبة في البادية، وهي نقطة الدياثة، وسحب الأسلحة التي وزعتها على اللجان الشعبية. وحينها رفضت بعض القرى تسليم أسلحتها". وبحسب التقرير، فإنَّ "القرى التي سلَّمت أسلحتها هي التي تعرَّضت للهجمات فقط".

وأوردت الشبكة، في تقرير صادر عنها الثلاثاء الماضي أن "روايتين تحدثتا عن قطع التيار الكهربائي والاتصالات الأرضية في المحافظة بالتزامن مع عمليات الاقتحام، ما سهّل تسلل العناصر التي ارتكبت الهجمات وصعّب على الأهالي طلب الاستغاثة والتعرف الفوري على هوية المجرمين".

وأكد التقرير أنَّ "هذه الهجمات التي تحمل طابع استخدام النظام السوري داعش للهجوم على الأهالي في محافظة السويداء إنما تهدف بشكل أساسي إلى دفع الأهالي لطلب حماية النظام السوري وبالتالي عودة سيطرته تدريجياً على المنطقة، والضغط على الطائفة الدرزية من أجل تسليم عشرات آلاف الشبان للمشاركة في القتال إلى جانب قوات النظام".

وفي سياق متصل، وثق التقرير إقدام مليشيات موالية للنظام على إعدام مجموعة عناصر تابعين لها بتهمة مشاركتهم في هجمات التنظيم بالمحافظة، كما سجل احتجاز قادة "رجال الكرامة" 60 شخصاً، بينهم 25 امرأة، يشتبه بأنهم أقارب لعناصر "داعش" الذين نفذوا الهجمات، تم إطلاق سراح 30 منهم في وقت لاحق بعد وساطة روسية.

وكان ممثلون عن الفرقة الرابعة التابعة للنظام زاروا أخيراً محافظة السويداء واجتمعوا مع شيوخ عقل طائفة الموحدين الدروز، بهدف الطلب من الشبان من أبناء المحافظة الالتحاق بالخدمة العسكرية الإلزامية. ووعد الوفد أن تكون خدمة هؤلاء الشبان في المنطقة الجنوبية وسط تشكيك من جانب أهالي السويداء بصدقية هذه الوعود. وقدّرت مصادر محلية أن عدد المتخلفين عن الخدمة الإلزامية في محافظة السويداء يبلغ نحو 30 ألف شاب.
كما زار وفد من الجيش الروسي السويداء، والتقى مع فصيل "قوات شيخ الكرامة" في مدينة السويداء، وطلب من الفصيل إعادة ترتيب صفوفه وتنظيم الأسلحة بيد العناصر بهدف حماية المدينة. وحسب مصادر محلية، فإن روسيا تسعى إلى الإشراف على تدريب فصائل السويداء وتوزيع السلاح الخفيف والثقيل عليها، وسط توقعات أن يكون هدف روسيا النهائي هو نشر الشرطة العسكرية الروسية في المدينة.