قالت وكالة "بلومبيرغ" الأميركية، إنّه من غير المرجّح إتمام صفقة أسلحة بقيمة 15 مليار دولار، بين الرياض وشركة "لوكهيد مارتن"، بعد اغتيال خاشقجي.
وتتمثّل الصفقة الموقعة بين الطرفين، بتزويد "لوكهيد مارتن"، وهي أكبر شركة للصناعات العسكرية في العالم، المملكة العربية السعودية بنظام "ثاد" الدفاعي المضاد للصواريخ.
ومن أصل الاتفاق الأميركي لبيع 110 مليارات دولار من الأسلحة إلى المملكة، لم يُترجَم حتى الآن سوى 14.5 مليار دولار من العقود. لكن مجموعة "لوكهيد مارتن" الأميركية للدفاع والفضاء، قالت إنّ نصيبها من الخطة قد يساوي مبيعات قيمتها 28 مليار دولار.
ونقلت "بلومبيرغ" عن جون ألترمان، مدير برنامج الشرق الأوسط في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن، قوله إنّ "هذا الرقم (15 مليار دولار) ليس مفيداً من الناحية التحليلية، ولكنّه مفيد سياسياً".
وبعد 18 يوماً على وقوع الجريمة، أقرّت الرياض، السبت الماضي، بمقتل خاشقجي، داخل قنصليتها في إسطنبول؛ لكنها قالت إن الأمر حدث من جراء "شجار وتشابك بالأيدي". وأعلنت الرياض توقيف 18 سعودياً، للتحقيق معهم على ذمة القضية، فيما لم تكشف المملكة عن مكان جثمان خاشقجي.
وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول الجاري، أبدى الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تردداً في إمكانية اتخاذ قرار بوقف بيع الأسلحة للسعودية، على خلفية مطالبات بذلك بسبب قضية خاشقجي.
وبحسب الوكالة الأميركية، فإنّ صفقة "لوكهيد مارتن غير المكتملة، تُعدّ الأكثر عرضة لمطالب الكونغرس المتزايدة بالتوقف عن توفير السلاح للسعودية، بعد مقتل خاشقجي".
وفي أول زيارة خارجية لترامب منذ توليه منصبه الرئاسي، في يناير/كانون الثاني 2017، وقّع البيت الأبيض والسعودية صفقة أسلحة قيمتها نحو 110 مليارات دولار.
ودفع تعالي الأصوات الرافضة جريمة قتل خاشقجي، مشرعين في الكونغرس إلى تقديم مشروع قانون "ماكغوفرن"، الذي تمنع الولايات المتحدة بموجبه بيع السلاح للسعودية، أو تنفيذ أي تعاون أو تدريب وصيانة للجانب السعودي.
ولا تزال الاتفاقية النهائية بين السعودية والولايات المتحدة، بشأن شراء منظومة "ثاد"، غير موقعة حتى اليوم، رغم موافقة الكونغرس عليها منذ فبراير/شباط 2018، بحسب "بلومبيرغ".
غير أنّ صفقة أخرى لبيع "قنابل ذكية" ستُستخدم في حرب اليمن، تنتظر موافقة الكونغرس، بينما قد تسقط عدة عقود أخرى بعد ذلك، بحسب ما أشارت، اليوم الأربعاء، صحيفة "فايننشال تايمز" البريطانية.
ألمانيا
وفي برلين، قال شتيفن زايبرت، المتحدث باسم حكومة ألمانيا، إنّ مباحثات مكثفة جارية الآن داخل الحكومة، بشأن كيفية التعامل مع صادرات السلاح إلى السعودية التي تمت الموافقة عليها لكن لم تسلم بعد. وتعهدت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، يوم الإثنين، بوقف كل صادرات السلاح للسعودية حتى تتضح ملابسات قضية اغتيال خاشقجي.
وردّ زايبرت على سؤال عما إذا كان ذلك يشمل صادرات السلاح التي تمت الموافقة عليها بالفعل لكن لم تسلم بعد، قائلاً للصحافيين: "في ما يتعلّق بمسألة كيفية التعامل مع التصاريح الممنوحة بالفعل أو البضائع التي لم تسلم بعد، هناك مباحثات مكثفة داخل الحكومة في الوقت الراهن وتتعين علينا دراسة ذلك بعناية".
وقالت ميركل، الإثنين الماضي: "انظروا إلى ما حدث في القنصلية السعودية بإسطنبول كم هو أمر فظيع، أريد التأكيد أنه ينبغي الكشف عن هذه الواقعة، ولن يتم تصدير الأسلحة إلى السعودية ما لم يتم الكشف عن ملابساتها". ووافقت الحكومة الألمانية، منذ بداية العام، على صادرات أسلحة إلى السعودية تتجاوز قيمتها أربعمائة مليون يورو (462 مليون دولار)، مما يجعل المملكة ثاني أكبر مشتر للأسلحة الألمانية بعد الجزائر.
فرنسا
أما الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون فقد رفض، الثلاثاء، الإجابة على أسئلة بشأن وقف مبيعات الأسلحة للسعودية، رغم دعوة ألمانيا دول الاتحاد الأوروبي لتعليق بيع الأسلحة إلى المملكة.
ومن المتوقّع أن تتجاوز قيمة مبيعات وتسليم الأسلحة من فرنسا 500 مليون يورو هذا العام، للسعودية، والتي تُعد ما بين عامي 2012 و2016، الزبون الثاني لفرنسا (7155 مليون يورو طلبات أسلحة) بعد دولة الهند.
إسبانيا
وكما لم يدفع الموقف الألماني إلى حمل فرنسا على تغيير موقفها بشأن الأسلحة السعودية، فإنّ مدريد وقفت كذلك في صف باريس، ودافع رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز، اليوم الأربعاء، عن بيع الأسلحة للرياض، مستنكراً في الوقت ذاته "الاغتيال المروع" لخاشقجي.
وقال سانشيز، أمام مجلس النواب، بحسب ما أوردت "فرانس برس": "إن سألتم ما هو موقفي الآن وهنا، فهو في الدفاع عن مصالح إسبانيا وعمل قطاعات استراتيجية أغلبها موجود في مناطق متضررة للغاية من جراء مأساة البطالة".
وأكد شانشيز أنّه يشارك الرأي العام العالمي "الجزع والتنديد" أمام "القتل المروع للصحافي جمال خاشقجي"، مشيراً إلى أنّ "خطورة هذه الوقائع الرهيبة، التي أدينها بشكل لا لبس فيه، لا يمكن ولا يجب أن تمنعنا من التصرف بمسؤولية".
وطالبت الأحزاب الانفصالية الكتالونية وحزب "بوديموس" اليساري الراديكالي، وجميعها متحالفة مع "الحزب الاشتراكي" الذي أمّنت له غالبية برلمانية، سانشيز بوقف بيع الأسلحة للسعودية، إثر اغتيال خاشقجي.
وأبرمت السعودية صفقة مع شركة أحواض بناء السفن الإسبانية العامة "نافانتيا" بقيمة 1,8 مليار يورو لشراء خمس بوارج. وفي سبتمبر/أيلول الماضي، تعرّضت الحكومة الإسبانية لانتقادات شديدة، على خلفية قرارها الإبقاء على صفقة لبيع السعودية 400 قنبلة موجهة بالليزر وقيمتها 10.6 ملايين دولار، بعدما كانت قررت، في وقت سابق، إلغاء الاتفاق المثير للجدل الموقع بهذا الصدد بين البلدين في 2015، بعد عمليات قصف شنها التحالف بقيادة الرياض على اليمن، وأدت إلى مقتل عشرات الأطفال في صعدة.
وقامت إسبانيا، بين عامي 2015 و2017، بتصدير أسلحة إلى السعودية، بلغت قيمتها 932 مليون يورو، فضلاً عن تراخيص مصرّح بها بقيمة 1.235 مليون يورو.
كندا
وأعلن رئيس الوزراء الكندي جاستن ترودو، أنّه لا يستبعد أن تلغي بلاده صفقة أسلحة ضخمة للرياض بعد اغتيال خاشقجي. وقال ترودو خلال مقابلة تلفزيونية، مساء الأحد، إنّ بلاده تعتزم "الدفاع دوماً عن حقوق الإنسان، بما في ذلك مع السعودية".
وردّاً على سؤال عمّا إذا كانت كندا ستبقي على صفقة التسليح الضخمة المبرمة بينها وبين والسعودية والتي تقضي بشراء الرياض مدرّعات خفيفة من أوتاوا بقيمة 9.9 مليارات يورو، قال ترودو إنّه "في هذا العقد هناك بنود يجب اتّباعها في ما يخصّ طريقة استخدام ما نبيعه لهم". وأضاف: "إذا لم يتّبعوا هذه البنود فمن المؤكّد أنّنا سنلغي العقد".