يمثّل إعلان رئيس الوزراء اليمني الجديد، معين عبدالملك، تدشين عمل حكومته في مدينة عدن، التي تصفها القيادة اليمنية بـ"العاصمة المؤقتة"، بداية فعلية للوقوف أمام أكثر التحديات المرتبطة بالشرعية تعقيداً منذ سنوات، والمتمثلة بفرض وجودها وسلطاتها في المحافظات غير الخاضعة لجماعة "أنصار الله" (الحوثيين)، انطلاقاً من عدن، في ظل الدعم الذي يتمتع به رئيس الحكومة الجديد من قِبل السعودية، وحالة من الرضى، حتى اليوم على الأقل، من قِبل الإمارات، التي تتولى واجهة نفوذ وحضور التحالف جنوباً، وخرجت أزمتها مع الشرعية إلى العلن في شهور سابقة.
وكشف مصدر حكومي لـ"العربي الجديد"، أن وصول عبدالملك إلى عدن، يوم الثلاثاء الماضي، جاء بالتنسيق المباشر مع التحالف السعودي - الإماراتي، في إطار تفاهمات من شأنها دعم رئيس الحكومة الجديد لممارسة مهامه في المحافظات التي توصف بـ"المحررة"، وتلافي أخطاء المرحلة الماضية، والتي كان فشل الشرعية السمة الأبرز التي رافقت عمل الحكومة خلالها، وخصوصاً في الجانب الاقتصادي.
وخلافاً للعلاقة المتوترة التي كانت عنواناً محورياً على مدى الشهور الماضية، بين الحكومة اليمنية والتحالف، يتمتع معين عبدالملك بدعمٍ سعودي ملموسٍ، ظهر جلياً بإعلان السعودية، يوم الإثنين الماضي، عن تقديم أول باخرة تحمل على متنها منحة المشتقات النفطية الشهرية المقدّمة لليمن بقيمة 60 مليون دولار، والتي أعلن عنها الجانب السعودي منذ شهور، إلا أن البدء الفعلي لتسليمها تأخر إلى ما بعد تغيير رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، ليسبق بيوم واحدٍ وصول رئيس الحكومة الجديد إلى عدن للمرة الأولى، آتياً من الرياض.
أما حلفاء أبوظبي من الفصائل الداعية للانفصال، ويمثّلها "المجلس الانتقالي الجنوبي"، فالتزموا الصمت وعدم الإعلان عن موقف معارض لرئيس الحكومة الجديد، بل ظهر مدير أمن عدن، اللواء شلال علي شائع، والذي يُعد من أبرز أذرع "المجلس الانتقالي" في عدن، في صفوف مستقبلي رئيس الحكومة بمطار عدن الدولي، على الرغم من أن معين عبدالملك يعد أول رئيس وزراء يتحدر من محافظة شمالية (بالتصنيف المناطقي)، يصل إلى عدن في السنوات الأخيرة. لكن عدم التصعيد ضده، من قبل الانفصاليين، بدا مدفوعاً بالموقف الإماراتي، بوصف الأخيرة الداعم الأول للكيانات الانفصالية وأذرعها العسكرية والأمنية في الجنوب اليمني.
وفي السياق، يُعد موقف أبوظبي وحلفائها جنوباً، حجر الزاوية بالنسبة لرئيس الحكومة الطامح لتصحيح الاختلالات ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي جعلت البلاد تواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ إن جدية التوجّه نحو فرض سلطة الحكومة وسيطرتها على مؤسسات الدولة جنوباً أو تأمين موطئ قدمٍ دائمٍ لها في عدن على الأقل، مرهون بتعاون أو تحديد موقع التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة للإمارات، وتتمثّل بقوات "الحزام الأمني" في عدن ومحيطها، و"النخبة الحضرمية" في حضرموت، ومثلها "النخبة الشبوانية" في شبوة. وهذه التشكيلات كلها خارجة عن سلطة الشرعية ووقفت حجر عثرة أمام حكومة أحمد بن دغر، ما دفع الأخيرة إلى الاحتجاج رسمياً أمام مجلس الأمن الدولي.
اقــرأ أيضاً
وشملت تصريحات رئيس الوزراء اليمني لدى وصوله إلى عدن، أو على مدى الأسبوعين الماضيين، إشارات هامة على صعيد الحديث عن الأولويات في "الملف الاقتصادي"، و"إعادة الإعمار" في المناطق المحررة، مع إهمال الجانب العسكري المرتبط بالحرب بين القوات الحكومية والحوثيين، وقضايا أخرى متصلة بمصير البلاد ككل. هذه الإشارات أثارت تفسيرات متباينة، بين من نظر إليها كأولوية طبيعية لأزمة المرحلة المتمحورة في الجانب الاقتصادي بصورة لا تقبل التأجيل، وبين من فسرها على أنها تحصر مهام الحكومة ورئيسها الجديد بملفات اقتصادية وخدمية، وبالتالي يبقى للتحالف وللرئاسة اليمنية القرار في المسارين العسكري والسياسي.
وفي ظل الضبابية التي ما زالت تلف طبيعة التفاهمات بين الشرعية اليمنية والتحالف، والمساحة التي يمكن للأخير إتاحتها لرئيس الحكومة الجديد، يأتي الوجود في عدن ليضع مختلف التسريبات والمواقف على المحك. فالعقبة الأساسية التي يتعيّن على معين عبدالملك تجاوزها، هي العلاقة مع أبوظبي وحلفائها من الكيانات والتشكيلات العسكرية والأمنية، سواء بالتطبيع معها وتقديم تنازلات من شأنها أن تنزع فتيل الصدام المباشر بين الطرفين، أو بما من شأنه توحيد تبعية الأجهزة الأمنية والعسكرية للمؤسسات اليمنية الرسمية، وهو الأمر الذي لطالما نادت به الشرعية واصطدم برفض التحالف على مدى ما يقرب من عامين.
الجدير بالذكر أن أزمة الإمارات وحلفائها مع الشرعية اليمنية، كانت السمة الأساسية التي رافقت فترة عمل بن دغر، إذ تتحكم أبوظبي وحلفائها من الكيانات والتشكيلات المنادية بالانفصال، بالقرار الأول في عدن ومحيطها، ووقفت بوجه عودة الشرعية ومسؤوليها إلى عدن بصورة دائمة، ووضعت العراقيل أمام تمكين الشرعية من إدارة المنافذ والمرافق الاقتصادية الهامة، كالموانئ والمطارات وإعادة تصدير النفط. بل وصل الأمر إلى حد التحرك العسكري ضد القوات الموالية للحكومة وإسقاط معسكرات الحرس الرئاسي الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، في يناير/ كانون الثاني، وهو ما يجعل أي حديث عن مرحلة جديدة مرتبطاً بمآل العلاقة بين الجانبين، ودخلت للتو ميدان الاختبار في عدن.
وخلافاً للعلاقة المتوترة التي كانت عنواناً محورياً على مدى الشهور الماضية، بين الحكومة اليمنية والتحالف، يتمتع معين عبدالملك بدعمٍ سعودي ملموسٍ، ظهر جلياً بإعلان السعودية، يوم الإثنين الماضي، عن تقديم أول باخرة تحمل على متنها منحة المشتقات النفطية الشهرية المقدّمة لليمن بقيمة 60 مليون دولار، والتي أعلن عنها الجانب السعودي منذ شهور، إلا أن البدء الفعلي لتسليمها تأخر إلى ما بعد تغيير رئيس الحكومة أحمد عبيد بن دغر، ليسبق بيوم واحدٍ وصول رئيس الحكومة الجديد إلى عدن للمرة الأولى، آتياً من الرياض.
أما حلفاء أبوظبي من الفصائل الداعية للانفصال، ويمثّلها "المجلس الانتقالي الجنوبي"، فالتزموا الصمت وعدم الإعلان عن موقف معارض لرئيس الحكومة الجديد، بل ظهر مدير أمن عدن، اللواء شلال علي شائع، والذي يُعد من أبرز أذرع "المجلس الانتقالي" في عدن، في صفوف مستقبلي رئيس الحكومة بمطار عدن الدولي، على الرغم من أن معين عبدالملك يعد أول رئيس وزراء يتحدر من محافظة شمالية (بالتصنيف المناطقي)، يصل إلى عدن في السنوات الأخيرة. لكن عدم التصعيد ضده، من قبل الانفصاليين، بدا مدفوعاً بالموقف الإماراتي، بوصف الأخيرة الداعم الأول للكيانات الانفصالية وأذرعها العسكرية والأمنية في الجنوب اليمني.
وفي السياق، يُعد موقف أبوظبي وحلفائها جنوباً، حجر الزاوية بالنسبة لرئيس الحكومة الطامح لتصحيح الاختلالات ومعالجة الأزمة الاقتصادية التي جعلت البلاد تواجه أسوأ أزمة إنسانية في العالم، إذ إن جدية التوجّه نحو فرض سلطة الحكومة وسيطرتها على مؤسسات الدولة جنوباً أو تأمين موطئ قدمٍ دائمٍ لها في عدن على الأقل، مرهون بتعاون أو تحديد موقع التشكيلات الأمنية والعسكرية التابعة للإمارات، وتتمثّل بقوات "الحزام الأمني" في عدن ومحيطها، و"النخبة الحضرمية" في حضرموت، ومثلها "النخبة الشبوانية" في شبوة. وهذه التشكيلات كلها خارجة عن سلطة الشرعية ووقفت حجر عثرة أمام حكومة أحمد بن دغر، ما دفع الأخيرة إلى الاحتجاج رسمياً أمام مجلس الأمن الدولي.
وشملت تصريحات رئيس الوزراء اليمني لدى وصوله إلى عدن، أو على مدى الأسبوعين الماضيين، إشارات هامة على صعيد الحديث عن الأولويات في "الملف الاقتصادي"، و"إعادة الإعمار" في المناطق المحررة، مع إهمال الجانب العسكري المرتبط بالحرب بين القوات الحكومية والحوثيين، وقضايا أخرى متصلة بمصير البلاد ككل. هذه الإشارات أثارت تفسيرات متباينة، بين من نظر إليها كأولوية طبيعية لأزمة المرحلة المتمحورة في الجانب الاقتصادي بصورة لا تقبل التأجيل، وبين من فسرها على أنها تحصر مهام الحكومة ورئيسها الجديد بملفات اقتصادية وخدمية، وبالتالي يبقى للتحالف وللرئاسة اليمنية القرار في المسارين العسكري والسياسي.
الجدير بالذكر أن أزمة الإمارات وحلفائها مع الشرعية اليمنية، كانت السمة الأساسية التي رافقت فترة عمل بن دغر، إذ تتحكم أبوظبي وحلفائها من الكيانات والتشكيلات المنادية بالانفصال، بالقرار الأول في عدن ومحيطها، ووقفت بوجه عودة الشرعية ومسؤوليها إلى عدن بصورة دائمة، ووضعت العراقيل أمام تمكين الشرعية من إدارة المنافذ والمرافق الاقتصادية الهامة، كالموانئ والمطارات وإعادة تصدير النفط. بل وصل الأمر إلى حد التحرك العسكري ضد القوات الموالية للحكومة وإسقاط معسكرات الحرس الرئاسي الموالية للرئيس عبدربه منصور هادي، في يناير/ كانون الثاني، وهو ما يجعل أي حديث عن مرحلة جديدة مرتبطاً بمآل العلاقة بين الجانبين، ودخلت للتو ميدان الاختبار في عدن.