مع انقضاء أسبوع على إعلان المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل نيتها عدم الترشح مجدداً لزعامة حزبها، "المسيحي الديمقراطي"، بدأت ليل أمس، في برلين، مشاورات حزبية داخلية مغلقة ستستمر ليومين، ويشارك فيها مسؤولون بارزون، الى جانب رؤساء الروابط الاتحادية، التي تضم اتحاد العمال واتحاد الشركات واتحاد المرأة والاتحادات السياسية والبلدية داخل "المسيحي"، على أن يخلصوا بنتيجتها، الى وضع خارطة طريق للتوجهات المستقبلية للحزب مع زعيمه أو زعيمته الجديدة، والتحضير لانتخابات ديمقراطية نزيهة وشفافة، خلال مؤتمر الحزب المقرر انعقاده بعد أسابيع في هامبورغ، عدا عن تحديد التصور العام لمواصفات الشخصية التي ستخلف ميركل، التي قادت الحزب لـ18 عاماً.
ومن المقرر، وفق ما ذكرت تقارير صحافية، أن تُستتبع اجتماعات برلين بمؤتمرات على مستوى الولايات، يتكفل فيها المرشحون بإعلان طروحاتهم المستقبلية لتطوير الحزب، الذي بدا أنه يعاني من القصور والوهن، وبعدما بات عرضة للصراعات الداخلية، مع ظهور فصيل سياسي معارض لتوجهات زعيمته في بعض السياسات الداخلية والأوروبية، أهمها ملف اللجوء، الأكثر حساسية لدى القاعدة الحزبية لـ"المسيحي الديمقراطي".
والمطلوب، بالنسبة لـ"المسيحي"، اختيار شخصية تنسجم مع ميركل، ليبقى الحزب بعيداً عن المناكفات الداخلية، وليركز على حلّ المشاكل وكيفية تطوير الحزب، ومعالجة القضايا التي تهم المواطنين، كذلك العمل على استعادة الناخبين الذين خسرهم لصالح الأحزاب الصغرى، بينها "الخضر" و"البديل من أجل ألمانيا"، ناهيك عن التنبه لواقع "الحزب الاشتراكي الديمقراطي" الذي يبدو وكأنه يتحضر، مع استمرار تراجع حضوره الشعبي وفق ما تظهره استطلاعات الرأي، للخروج من الائتلاف الحاكم خلال المرحلة المقبلة، ما يعني اضطرار "المسيحي" لكي يتهيأ لخوض مفاوضات حكومة أقلية مع حزبي "الليبرالي الحر" و"الخضر".
ولدى كل من المرشحين الثلاثة فرص حقيقية لقيادة الحزب، ومن المرجح أن يكون ينس شبان الأكثر تشويشاً من بينهم على توجهات المستشارة، خاصة أنه من السياسيين الذين يشعرون بخيبة أمل من السياسة التي تتبعها ميركل في ملف الهجرة، فيما لا يرى ميرتس، المحامي والاقتصادي، أيّ مشكلة إذا ما بقيت أعداد اللاجئين تحت السيطرة، إنما يتخوف من زيادة معدلات البطالة وانتشار الجريمة، من دون أن يعني ذلك تبنيه لسياسة اليمين الشعبوي بخصوص اللاجئين. وربما المأخذ على الأخير نيته الثأر من المستشارة، التي كانت السبب في تهميشه السياسي، بعد إزاحته من رئاسة كتلة "الاتحاد المسيحي" في البوندستاغ عام 2002، وهو يلقى الآن دعم القوى المحافظة داخل الحزب.
أما الأمينة العامة كارينباور، الشخصية الخلوقة والرصينة، فإن ما يقلل من حظوظها تبنيها لأفكار وسياسة وأنشطة ميركل التي لاقت في الفترة الأخيرة الكثير من الانتقادات في صفوف الحزب، وهذا ما رفضه وزير الصحة السابق هيرمان غروهه في حديث مع "بيلد" اليوم الإثنين، بالقول إن من سيخوض معركته ضد ميركل سيخسر، وليس من الصواب النظر إلى كارنباور وكأنها استمرار لميركل، وليضيف أن المستشارة الألمانية "جعلت المسيحي الديمقراطي أنجح الأحزاب السياسية في أوروبا، ومن يقف ضدها ليس له أي فرصة للنجاح".