وتعتبر هذه الزيارة الأولى من نوعها منذ مارس/ آذار 2011، وهي الأولى منذ تعليق عضوية سورية في جامعة الدول العربية وقطع العلاقات بين معظم الدول العربية والنظام في سورية.
ولقيت تلك الزيارة استهجاناً واستنكاراً من المعارضة السورية، التي اعتبرت أنها لا تمثل الشعب السوداني، الذي استقبل السوريين، ولا تخدم العملية السياسية. فيما نبه مراقبون إلى أن الزيارة تأتي ضمن المساعي الروسية الهادفة إلى تعويم النظام بعد فشلها في ملف إعادة اللاجئين.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، رأى المتحدث الرسمي باسم "هيئة المفاوضات" السورية، يحيى العريضي، أن تلك الزيارة تأتي في ظل فشل روسي في إقناع العالم، وخاصة الاتحاد الأوروبي، بملف إعادة الإعمار وإعادة اللاجئين إلى سورية.
وأوضح أن روسيا تستغل من جانب آخر، الوضع المهتز في الجامعة العربية لإعادة تعويم النظام، إذ إن بعض الدول، ومن بينها السودان والعراق والجزائر ولبنان، لم تقطع علاقاتها مع النظام.
وأضاف العريضي: "من جانب آخر، الزيارة تثير أسئلة أكثر مما تعطي إجابات: ما هو وزن البشير؟ إنه رجل يحمل على أكتافه تاريخا أسود، وهو ملاحق من محكمة الجنايات الدولية، ومساهم بتقسيم السودان، ولا يحمل السجل المشرف لتؤخذ الزيارة بعين الاعتبار".
واستدرك العريضي: "أما إذا كان البشير شخصا مرسلا ليتبع بخطوات أخرى فهو أمر مؤسف ومعيب ومخل بالأخلاق والسياسة، واستبعد أن يحصل ذلك، لأن الدول الكبيرة موقفها واضح، وأن يصل الأمر إلى ارتكاب كل تلك المجازر من قبل النظام وكأن شيئا لم يكن، يضع كل المعايير والقيم الإنسانية والوطنية في سلة المهملات".
وأكد أنه "هناك احتمالية أن تكون روسيا قد أرسلت البشير، لأن الرئيس السوداني وصل بطائرة روسية إلى دمشق، والزيارة تأتي بهدف تعويم النظام، واختبار ردة الفعل".
وأشار العريضي إلى أن الزيارة تثير قلقا حول اللاجئين السوريين في السودان، مضيفا: "النظام السوداني لا يختلف عن حزب الله في لبنان، والنظام في سورية، وقد يمارس ضغوطا على اللاجئين للعودة كجزء من الحملة الروسية لإظهار الأمان في سورية، وهي عملية لا أخلاقية تأتي ضمن التكتيك الروسي".
من جانبه، رأى رئيس هيئة التفاوض السورية نصر الحريري، أن هذه الزيارة لا تدل على الدعم الذي قدمه الشعب السوداني للسوري في ظل المحنة، وأضاف في تغريدة على موقع "تويتر": "لا ننسى أن السودان مشكورة تكاد تكون الدولة الوحيدة التي أبقت، ولا تزال، حدودها مفتوحة أمام الشعب السوري المكلوم، وأن الشعب السوداني كان مثالا للكرم والدعم وحسن الاستقبال، ومثل هذه الزيارة لا تستقيم مع حالة التعاطف والمناصرة التي لحظها الشعب السوري خلال سنين الثورة".
— د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) ١٧ ديسمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
وأضاف أن "زيارة الرئيس السوداني لسفاح دمشق شكلت خيبة أمل كبيرة للشعب السوري الحر، وإشارة سلبية من الشعب السوداني الشقيق، وهي لا شك تشكل مخالفة صريحة لقرارات جامعة الدول العربية، وتشجيعا للنظام المجرم على ارتكاب المزيد والإيغال أكثر في الدم السوري، وتبعده أكثر عن احتمالية الدخول في مفاوضات الحل السياسي".
— د.نصر الحريري (@Nasr_Hariri) ١٧ ديسمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
ومن جانبه، قال رئيس الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية عبد الرحمن مصطفى، في تغريدة له، إن "زيارة الرئيس البشير لنظام الأسد تصرّف لا يمكن تبريره. دعم الحل السياسي ودعم وحدة سورية لا يتم عبر خطوات غير محسوبة، ولا بالتواصل مع من قتل السوريين وهجرهم ودمّر بلدهم ليبقى في السلطة. كلنا ثقة بأن أبناء السودان الكرام لا يقرِّون هذه الخطوة، وأن القيادة هناك ستقوم بالمراجعة والتصويب".
— عبد الرحمن مصطفى (@pofsoc) ١٧ ديسمبر ٢٠١٨ " style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
|
واستغرقت تلك الزيارة، بحسب وكالة أنباء النظام (سانا) عدة ساعات، عقد خلالها جلسة محادثات بين الجانبين في قصر الشعب بدمشق، حيث أكد رئيس النظام بشار الأسد على أن "سورية، وعلى الرغم من كل ما حصل خلال سنوات الحرب، بقيت مؤمنة بالعروبة ومتمسكة بها".
فيما قال البشير إن "سورية هي دولة مواجهة، وإضعافها هو إضعاف للقضايا العربية، وما حدث فيها خلال السنوات الماضية لا يمكن فصله عن هذا الواقع، وبالرغم من الحرب بقيت متمسكة بثوابت الأمة العربية"، وفق الوكالة.
وحضر جلسة المحادثات في قصر الشعب نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية والمغتربين في حكومة النظام وليد المعلم، ورئيس مكتب "الأمن الوطني" اللواء علي مملوك، ووزير شؤون رئاسة الجمهورية منصور عزام، إضافة إلى الوفد المرافق للرئيس السوداني.