وقال مبارك، في بداية شهادته أمام المحكمة، إنه "لا يستطيع الحديث عن معظم الأمور، وإنه يريد إذنا مسبقاً من الجهات المعنية ممثلةً في القيادة العامة للقوات المسلحة ورئاسة الجمهورية، للحديث عنها، كونها معلومات حساسة تتعلق بالأمن القومي، وأنه في حالة الإفصاح عنها من الممكن أن توجّه له تهمة إفشاء أسرار للدولة".
وعاود القاضي سؤال مبارك حول ما إذا كان يستطيع الرد على بعض الأسئلة من عدمه، كونه لن يستطيع التحقيق في القضية من دون الإدلاء بشهادته، فقال إنه سيرد على ما يستطيع أن يرد عليه فيه بدون تصريح من الجهات المختصة المذكورة.
وخلال الإدلاء بشهادته كذّب مبارك، مدير مباحث أمن الدولة الأسبق حسن عبد الرحمن، فيما جاء من أقواله من أنه أخطر الرئيس المخلوع بأن مخطط الفوضى في تونس ممكن أن يحدث في القاهرة، وأنه مخطط له، وذلك قبل ثورة 25 يناير.
كما نفى علمه بتهريب "حماس" ملابس بشكل وألوان الجيش المصري، ونقل أموال وأسلحة إلى مصر، وعقّب قائلاً "دي معلومات وتقارير من أمن الدولة، وممكن تكون صح أو خطأ، وليست لديّ معلومات عن التنسيق وخلافه، وتطرح عليَّ رؤوس الموضوعات فقط من دون التفاصيل".
كذلك، ادّعى مبارك أن رئيس المخابرات العامة الأسبق عمر سليمان، أبلغه بأن "حوالي 800 شخص من جنسيات مختلفة تسللوا عبر الحدود المصرية من الناحية الشرقية، وأن سليمان لم يخبره عن جنسيتهم أو هويتهم وليست لديه معلومات عن ذلك"، واستدرك قائلاً "ولكن معروف أنهم قادمون من غزة، وتحديدا حماس".
وتابع: "ليس هناك أحد مسؤول عن تسللهم أو خطط لهم لذلك، وهناك أشخاص من شمال سيناء ساعدوهم في التسلل، وكان الهدف من ذلك علشان يزوّدوا الفوضى في أحداث يناير، وتعاونوا مع جماعة الإخوان المسلمين في ثورة 25 يناير، ولا أستطيع الرد عن دور الإخوان المسلمين، لأن هناك تداعيات أخرى تستلزم الإذن من الجهات المعنية".
وزاد "تسللت هذه العناصر عبْر الأنفاق، ولم يخبرني إن كانوا مترجّلين أم بالمركبات، ولم يخبرني عن سبب تسللهم، وكان ذلك يوم 29 يناير، ولم يبلغني عن الجهة التي توجهوا إليها، وقطعا هناك مساس بسلامة البلاد، وهناك أفعال لا أستطيع قولها لأنها تتعلق بأمن البلاد".
وأضاف أن "الأشخاص الذين تسللوا عبر الأنفاق استخدموا الأسلحة الثقيلة وضربوا أقسام الشرطة من رفح للشيخ زويد للعريش، ثم انقسموا داخل البلاد في أماكن كثيرة وتوجهوا للسجون ومدينة القاهرة والميادين، وتحديداً ميدان التحرير، وكان هدفهم إخراج السجناء، وأطلقوا النار من فوق العمارات في ميدان التحرير على المتظاهرين لإحداث الفوضى في مصر".
وتابع: "موضوع الأنفاق معقّد وبيطلع في بيوت أو في مزارع، وتم تدمير آلاف الأنفاق، وتم الاتفاق مع وزارة الدفاع على التدمير، وهناك أمور تستلزم تصريح الجهات المعنية للإدلاء بالشهادة حولها أمام المحكمة".
وعن سؤال المحكمة عن تمكّن هؤلاء الأشخاص من السيطرة على الشريط الحدودي المصري بطول 60 كيلومتراً، قال مبارك، "هُمّا هجموا على الشرطة وبهدلوا في العريش وضربوا مبنى أمن الدولة والأكمنة وانصرفوا، وليست لديّ معلومات عن الأكمنة المستهدفة أو عملية خطف 3 ضباط من الشرطة وفرد شرطة في العريش".
وادّعى أيضاً أن "العناصر استهدفت اقتحام سجن وادي النطرون في الأساس، لأن فيه محبوسين من جهات مختلفة من حركة حماس وجماعة الإخوان وحزب الله، وهناك سجنان آخران ليست لديّ معلومات عنهما تم اقتحامهما".
وتابع "لم تأتِني أسماء الذين تم تهريبهم من السجون، ومعنديش معلومات عن التخريب لأنها كانت هيصة، ولم أسمع عن تفجيرهم خطوط الغاز، والحديث عن دور الإخوان يستلزم إذنا من الجهات المذكورة".
وشدد مبارك على أنه "لم يسمع عن مخطط احتلال جزء من سيناء بالتنسيق مع الولايات المتحدة الأميركية وتركيا ونقْل فلسطينيين إليها وتوطينهم فيها".
وفي شهادته، ذكر أنه "في يوم الجمعة 4 فبراير/شباط، قام الرئيس الإيراني حسن روحاني بإلقاء خطبة الجمعة باللغة العربية، تشجيعاً على الثورة الإسلامية، في واقعة غير مسبوقة في التاريخ"، وفقاً لكلامه.
وقال "إن إسرائيل ضبطت مركب مساعدات قادما من تركيا لأهل غزة، قبل أحداث يناير، وكان من بين الموجودين على المركب، الإخواني محمد البلتاجي".
وأضاف، "كلمتُ رئيس وزراء إسرائيل وطلبت منه المصريين اللي عندك يرجعوا واستجاب وبعتهم، وكان من بينهم البلتاجي".
وجاء قرار التأجيل في الجلسة الماضية، لإعادة استدعاء الرئيس المخلوع حسني مبارك، لسماع أقواله كشاهد في القضية، وذلك للمرة الأولى منذ أن تم خلعه في ثورة 25 يناير، بعد أن تغيّب في الجلسة الماضية.
وشهدت الجلسة السابعة من جلسات المحاكمة، إعلان هيئة الدفاع عن المعتقلين، أنها أُبلغت من كل من المعتقلين أرقام 84 و94 و99 وهم "عصام العريان وصبحي صالح وحمدي حسن" أنهم مضربون عن الطعام منذ ثلاثة أيام، نظراً لتردي الأوضاع داخل محبسهم، وأنهم معرّضون للقتل البطيء، لما يتعرضون له من تعسّف ومنع الطعام والأدوية عنهم، والتمست هيئة الدفاع من المحكمة اعتبار ذلك بلاغاً لها لإحالته إلى النيابة العامة للتحقيق واتخاذ اللازم قانوناً.
وردّت المحكمة من جهتها على الدفاع موضحة أنها "ليست جهة تلقّي بلاغات، وأن عليه التوجه للنيابة العامة بصفتها الجهة المختصة بتلقي البلاغات وفحصها والتحقيق فيها والإشراف على السجون"، فحمّلت هيئة الدفاع المحكمة مسؤولية حياة المعتقلين، لأنهم في "حيازتها منذ إحالتهم إلى المحاكمة من قبل النيابة".
وتأتي إعادة المحاكمة بعد أن قضت محكمة النقض، في 15 نوفمبر/تشرين الثاني 2016، بإلغاء الأحكام الصادرة بالإعدام والسجن من محكمة أول درجة، ضد المعتقلين المحكوم عليهم حضورياً في القضية، وعددهم 26 معتقلاً من أصل 131 متهماً في القضية، وقررت إعادة المحاكمة من جديد للمعتقلين فقط، بعد قبول طعنهم جميعاً، وذلك أمام دائرة أخرى مغايرة للدائرة التي أصدرت حكم أول درجة.
واستمرت جلسات القضية بمحكمة أول درجة لمدة 498 يوماً، حيث بدأت أولى الجلسات يوم 28 يناير/كانون الثاني 2014، وعقدت خلالها قرابة 35 جلسة، حتى حجزت للحكم في جلسة 16 مايو/أيار 2015، والتي أصدر فيها القاضي قراراً بإحالة أوراق عدد من المتهمين إلى المفتي لأخذ رأيه الشرعي في إعدامهم، وحدد لها جلسة 2 يونيو/حزيران 2015 للنطق بالحكم، إلى أن جاء قراره بمد أجل الحكم لجلسة 16 يونيو/حزيران 2015، الذي صدر فيه حكم أول درجة الذي تم الطعن عليه.
وكانت محكمة جنايات القاهرة، أول درجة، برئاسة المستشار شعبان الشامي، قضت بالإعدام شنقاً على 107 أشخاص، من بينهم "حضورياً"، الرئيس المعزول محمد مرسي ومرشد جماعة "الاخوان المسلمين" محمد بديع، وعضوا مكتب الإرشاد، رشاد بيومي وعصام العريان، ورئيس مجلس الشعب السابق محمد سعد الكتاتني.