بعد أشهر من تراجع الدعوات إلى ترشح الرئيس الجزائري عبدالعزيز بوتفليقة لولاية رئاسية خامسة، عاد الحديث السياسي في الجزائر عن ترشحه مجدداً وإجراء الانتخابات الرئاسية المقبلة في موعدها الدستوري في إبريل/نيسان المقبل، وذلك بالتزامن مع الإعلان عن المرحلة الـ24 لأكبر عملية ترحيل تشمل الآلاف من سكان الأحياء الهشة (الفقيرة والقديمة) ومنحهم شققاً مجانية، مع تسليمهم مقررات الاستفادة من السكن مرفقة بصورة بوتفليقة.
وفي رسالة نشرها رئيس هيئة تنسيق حزب "جبهة التحرير الوطني"، معاذ بوشارب، الخميس على الموقع الرسمي للحزب (الذي تديره فعلياً الرئاسة)، وصف بوشارب الرئيس الجزائري بأنه مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية، والتي قال إنها ستجرى في موعدها. وأضاف المنسق العام للحزب الحاكم "نحن على مقربة من الاستحقاق الرئاسي، الذي نريده أن يكون عرساً ديمقراطياً يُتوج به مرشح الحزب المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، لاستكمال المسار الإصلاحي"، ليعطي إشارة إلى أن بوتفليقة بصدد الترشح في انتخابات 2019.
يعطي هذا الموقف انطباعاً بأن الحزب، والذي يُعدّ بوتفليقة رئيساً له، قد تلقّى إشارة سياسية على ما يبدو تفيد باستقرار الرئاسة الجزائرية على خيار إجراء الاستحقاق الرئاسي في موعده المقرر في إبريل المقبل وترشح بوتفليقة له. وتدعم هذا الطرح، الافتتاحية التي نشرتها قبل أيام الصحيفة الرسمية الأولى في الجزائر، "المجاهد"، والتي جاءت بشكل بيان سياسي يقترب من نفس مضمون لغة البيانات الرئاسية، إذ أكدت فيها أن الانتخابات الرئاسية ستجرى في موعدها المقرر، مضيفة أن بوتفليقة سيعلن عن الترشح في الوقت المناسب. وأكدت "المجاهد" الرسمية حينها، بشكل جازم، أن "رئيس الدولة، الذي ستنتهي عهدته (ولايته) في هذا التاريخ، قد تمت دعوته لإكمال مهمته، وبالتالي أن يكون المرشح لأهم التشكيلات السياسية والنقابات ومنظمات أرباب العمل والمنظمات الجمعوية". واستبعدت الصحيفة تأجيل الانتخابات، معتبرة أن الرئيس الجزائري حريص على احترام المواعيد الدستورية والاستحقاقات الانتخابية. وكتبت "إذا كان الرئيس لم يقدّم إجابته لدعاة ترشحه إلى الآن بسبب تقديره بأن الوقت ما زال مبكراً، فإنه في المقابل، لم يتجاهل الموعد الانتخابي الذي يعني بالنسبة له احترام سيادة الشعب الجزائري، وبالتالي فإن الصندوق هو الوحيد الذي بإمكانه أن يفصل في هذه المنافسة التعددية". وأضافت أن الحديث عن تأجيل الانتخابات وعدم التمديد لبوتفليقة مجرد افتراضات تسوّقها قوى المعارضة ليس إلا.
قبل ذلك بقليل كان في حكم المؤكد بالنسبة للكثير من القوى السياسية والرأي العام في الجزائر، أن السلطة تتجه إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، والبحث عن مخارج سياسية ودستورية لتمديد ولاية بوتفليقة لسنة أو سنتين. وكان لافتاً حينها إخراج الأمين العام السابق لـ"جبهة التحرير الوطني" جمال ولد عباس، من الحزب، وتعيين (بشكل غامض) رئيس البرلمان معاذ بوشارب لقيادة الحزب، وهو ما رُبط بضرورات سحب مشروع الولاية الخامسة لبوتفليقة، وطرح مشروع "الاستمرارية" للبوتفليقية. كما تم تكليف عضو التحالف الرئاسي، رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، عمار غول، المقرب من محيط الرئيس، بإطلاق مبادرة سياسية لعقد ندوة وفاق وطني وإرجاء الانتخابات، مع تراجع مجمل أحزاب التحالف الرئاسي عن الدعوة إلى ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. هذه التحركات كانت كلها تدخل في سياق البحث عن مخارج لتأجيل الانتخابات، بسبب عدم قدرة بوتفليقة على الترشح للرئاسة، والبحث عن تمديد ظرفي يتم خلاله البحث عن توافقات داخل السلطة. وخلال تلك الفترة، بدأت فعلياً مساعٍ واتصالات سياسية بين قوى التحالف الرئاسي وقوى معارضة لعقد مؤتمر وفاق وطني، لم تعترض عليه أحزاب معارضة باعتباره خطوة حوار جدي للخروج من المأزق السياسي، وطرح نقاش حول تعديل الدستور لتمديد الولاية الرئاسية الحالية.
وفي ظل هذه المعطيات، السابقة والمستجدة، يصبح من الصعب الحسم بالتوجّهات والخيارات التي انتهت إليها السلطة بشأن استحقاق الرئاسة في 2019، والجزم أيضاً ما إذا كانت عودة الحديث عن ترشيح بوتفليقة وتنظيم الانتخابات في موعدها مسألة فعلية وجدية، أم أنها بالونات اختبار تطرحها الرئاسة لمعرفة توجّهات الداخل واستقراء مواقف وتعليقات خارجية، لتصبح هذه المعطيات المتداخلة والمتناقضة جزءاً من تلاعب الفريق الرئاسي بأعصاب المعارضة والموالاة أيضاً.
ويرى الناشط السياسي عبد الرحمن سعيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن السلطة تتعمّد إغراق الساحة بكمّ هائل من المؤشرات المتصادمة في هدفها السياسي، وانعكس ذلك فعلياً على مواقف المعارضة، فصمت جزء منها، وانخرط جزء آخر في نقاشات التأجيل وندوة الوفاق الوطني، فيما أصدر جزء ثالث مواقف متشددة. ويشير سعيدي إلى أن السلطة لا تريد كشف خيارها مبكراً أيضاً كون الظروف الراهنة على الصعيد الاجتماعي تتوفّر فيها شروط التوتر.
اقــرأ أيضاً
أما الناشط والمعارض السياسي محمد أرزقي فراد، فيعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه في غياب المؤسسة السياسية والديمقراطية، يصبح من الممكن السقوط في أتون "الدروشة السياسية" (التخمينات). ويضيف أنه مقتنع بأنه "في ظل عجز القوى الشعبية والسياسية المعارضة عن صناعة موازين قوى جديدة، فإن العامل الوحيد الذي يحكم الموقف النهائي للسلطة إزاء الانتخابات المقبلة هو صحة الرئيس، ولا أشك أنه في حال بقي قادراً، فلن يتخلى عن الحكم، وهذا الوضع الكارثي لا يخدم الداخل الجزائري بقدر ما يخدم مصالح الدول الكبرى".
ثمة مؤشر آخر يفسر حالة الارتباك الراهن في الخطاب الرسمي وشبه الرسمي بشأن الاستحقاق الرئاسي وعودة الحديث عن ترشح بوتفليقة، يتعلق بتصادم الطموحات بين أطراف السلطة، في ظل وجود فرز واضح بين الفريق الرئاسي المقرب من بوتفليقة بقيادة شقيقه السعيد بوتفليقة، وفريق ما يُعرف بـ"مدرسة الإدارة" الذي يقوده رئيس الحكومة أحمد أويحيى. ويخوض الفريق الأول حرباً سياسية وإعلامية لإبعاد أويحيى من السلطة ومنعه من تسلم الرئاسة في أي وقت وتحت أي ظرف، ويفسر ذلك التصريحات الحادة بين أويحيى ووزير العدل الطيب لوح، المقرب من شقيق الرئيس، ومساعي الأخير لطلب دعم "إخوان" الجزائر لإبعاد أويحيى، من دون إغفال المؤسسة العسكرية والجيش الذي يراقب الوضع ويمكن أن يتخذ موقفاً في الوقت المناسب.
ويعتقد حيدر بن دريهم، القيادي السابق في حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يقوده أحمد أويحيى، أن عودة أذرع السلطة السياسية والإعلامية للحديث عن ترشح بوتفليقة وإجراء الانتخابات في وقتها المحدد، مؤشر واضح على أن الأطراف الفاعلة في السلطة لم تتوصل إلى تفاهمات وتوافقات بشأن البديل الممكن لبوتفليقة في الحكم، خصوصاً في ظل وجود أكثر من شخصية طامحة للحكم أو تريد فرض خيارها. ويضيف بن دريهم في تصريح لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن أطراف السلطة أصبحوا يدورون في حلقة مفرغة، ولا يوجد مشروع سياسي واضح يجمع بين الأطراف المتناقضة في السلطة عدا المصالح الآنية في عهد بوتفليقة، ومع بدء تقلص المصالح بسبب تقلص عائدات المحروقات والوضع الصحي للرئيس، فإن كل طرف يعتقد أن مستقبله السياسي مهدد، ويجب أن يستمر ببقاء بوتفليقة لفترة أخرى، لربح الوقت على الأقل قبل الحسم السياسي، وهذا تفكير عصابي أكثر منه تفكيرا مسؤولا". ويعتبر أن ذلك يعني أن "الجزائر وصلت إلى انسداد شامل، والأشهر القليلة المقبلة ستكون مهمة جداً في تاريخ البلاد".
وليس صدفة أن تتزامن عودة الحديث عن ترشح بوتفليقة في انتخابات إبريل، مع إعلان حاكم العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ، عن إطلاق المرحلة الـ24 من أكبر عملية ترحيل لسكان الأحياء الهشة (القديمة والفقيرة) في العاصمة وضواحيها، تشمل آلاف العائلات، ومنحهم آلاف الشقق السكنية في مختلف المحافظات. وجعلت السلطة في الجزائر من شراء السِلم الاجتماعي مدخلاً مهماً لتهدئة الشارع في الاستحقاقات الهامة ولتمرير المشاريع السياسية، وفي مثل هذا الوضع، فإن العارفين بعمل السلطة في الجزائر يعتقدون أنها لن تُقدم على تأجيل الانتخابات لتلافي نسف منجز الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي تزعم أن بوتفليقة حققه خلال أربع ولايات رئاسية سابقة، أو تمديد ولاية الرئيس خارج الإطار الدستوري.
كما أن العارفين بشخصية بوتفليقة يعتقدون أيضاً أنه لن يقبل بالتخلي عن الحكم في الوقت الحالي، ما دام قادراً على إدارة مجلس الوزراء، ومناقشة قانون الأنشطة النووية والفضائية كما حصل في اجتماع الخميس، لكنه لن يوافق على إدارة الحكم عبر مخارج غير دستورية (التمديد أو تأجيل الانتخابات)، فقد رفض عرضاً من الجيش لتولي الحكم عام 1994 في ظل انقلاب 1992. وبالعودة إلى أول انتخابات تسلّم فيها الحكم عام 1999، اضطر بوتفليقة حينها إلى إجراء استفتاء شعبي حول مشروع الوئام المدني بعد خمسة أشهر فقط في سبتمبر/أيلول من ذلك العام، لترقيع شرعيته بعد شعوره بالنقص بسبب انسحاب المرشحين الستة من السباق الرئاسي يوم الاقتراع وتركه وحيداً في إبريل 1999.
لكن الضابط الوحيد الذي سيحسم أفق انتخابات 2019، لا يتعلق بالدستور أو بشخصية بوتفليقة المعروف عنه التمسك بالحكم، بقدر ما يتعلق "بقانون البيولوجيا" الذي يحدد إلى أي مستوى يمكن أن يستمر بوتفليقة في الحكم، وهو عليه خلال 16 يوماً دستورياً استدعاء الهيئة الناخبة قبل تاريخ 14 يناير/كانون الثاني المقبل، وسيتبين عندها الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
وفي رسالة نشرها رئيس هيئة تنسيق حزب "جبهة التحرير الوطني"، معاذ بوشارب، الخميس على الموقع الرسمي للحزب (الذي تديره فعلياً الرئاسة)، وصف بوشارب الرئيس الجزائري بأنه مرشح الحزب في الانتخابات الرئاسية، والتي قال إنها ستجرى في موعدها. وأضاف المنسق العام للحزب الحاكم "نحن على مقربة من الاستحقاق الرئاسي، الذي نريده أن يكون عرساً ديمقراطياً يُتوج به مرشح الحزب المجاهد عبد العزيز بوتفليقة، لاستكمال المسار الإصلاحي"، ليعطي إشارة إلى أن بوتفليقة بصدد الترشح في انتخابات 2019.
قبل ذلك بقليل كان في حكم المؤكد بالنسبة للكثير من القوى السياسية والرأي العام في الجزائر، أن السلطة تتجه إلى تأجيل الانتخابات الرئاسية، والبحث عن مخارج سياسية ودستورية لتمديد ولاية بوتفليقة لسنة أو سنتين. وكان لافتاً حينها إخراج الأمين العام السابق لـ"جبهة التحرير الوطني" جمال ولد عباس، من الحزب، وتعيين (بشكل غامض) رئيس البرلمان معاذ بوشارب لقيادة الحزب، وهو ما رُبط بضرورات سحب مشروع الولاية الخامسة لبوتفليقة، وطرح مشروع "الاستمرارية" للبوتفليقية. كما تم تكليف عضو التحالف الرئاسي، رئيس حزب "تجمع أمل الجزائر"، عمار غول، المقرب من محيط الرئيس، بإطلاق مبادرة سياسية لعقد ندوة وفاق وطني وإرجاء الانتخابات، مع تراجع مجمل أحزاب التحالف الرئاسي عن الدعوة إلى ترشح بوتفليقة لولاية خامسة. هذه التحركات كانت كلها تدخل في سياق البحث عن مخارج لتأجيل الانتخابات، بسبب عدم قدرة بوتفليقة على الترشح للرئاسة، والبحث عن تمديد ظرفي يتم خلاله البحث عن توافقات داخل السلطة. وخلال تلك الفترة، بدأت فعلياً مساعٍ واتصالات سياسية بين قوى التحالف الرئاسي وقوى معارضة لعقد مؤتمر وفاق وطني، لم تعترض عليه أحزاب معارضة باعتباره خطوة حوار جدي للخروج من المأزق السياسي، وطرح نقاش حول تعديل الدستور لتمديد الولاية الرئاسية الحالية.
ويرى الناشط السياسي عبد الرحمن سعيدي، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أن السلطة تتعمّد إغراق الساحة بكمّ هائل من المؤشرات المتصادمة في هدفها السياسي، وانعكس ذلك فعلياً على مواقف المعارضة، فصمت جزء منها، وانخرط جزء آخر في نقاشات التأجيل وندوة الوفاق الوطني، فيما أصدر جزء ثالث مواقف متشددة. ويشير سعيدي إلى أن السلطة لا تريد كشف خيارها مبكراً أيضاً كون الظروف الراهنة على الصعيد الاجتماعي تتوفّر فيها شروط التوتر.
أما الناشط والمعارض السياسي محمد أرزقي فراد، فيعتبر في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنه في غياب المؤسسة السياسية والديمقراطية، يصبح من الممكن السقوط في أتون "الدروشة السياسية" (التخمينات). ويضيف أنه مقتنع بأنه "في ظل عجز القوى الشعبية والسياسية المعارضة عن صناعة موازين قوى جديدة، فإن العامل الوحيد الذي يحكم الموقف النهائي للسلطة إزاء الانتخابات المقبلة هو صحة الرئيس، ولا أشك أنه في حال بقي قادراً، فلن يتخلى عن الحكم، وهذا الوضع الكارثي لا يخدم الداخل الجزائري بقدر ما يخدم مصالح الدول الكبرى".
ثمة مؤشر آخر يفسر حالة الارتباك الراهن في الخطاب الرسمي وشبه الرسمي بشأن الاستحقاق الرئاسي وعودة الحديث عن ترشح بوتفليقة، يتعلق بتصادم الطموحات بين أطراف السلطة، في ظل وجود فرز واضح بين الفريق الرئاسي المقرب من بوتفليقة بقيادة شقيقه السعيد بوتفليقة، وفريق ما يُعرف بـ"مدرسة الإدارة" الذي يقوده رئيس الحكومة أحمد أويحيى. ويخوض الفريق الأول حرباً سياسية وإعلامية لإبعاد أويحيى من السلطة ومنعه من تسلم الرئاسة في أي وقت وتحت أي ظرف، ويفسر ذلك التصريحات الحادة بين أويحيى ووزير العدل الطيب لوح، المقرب من شقيق الرئيس، ومساعي الأخير لطلب دعم "إخوان" الجزائر لإبعاد أويحيى، من دون إغفال المؤسسة العسكرية والجيش الذي يراقب الوضع ويمكن أن يتخذ موقفاً في الوقت المناسب.
ويعتقد حيدر بن دريهم، القيادي السابق في حزب "التجمع الوطني الديمقراطي" الذي يقوده أحمد أويحيى، أن عودة أذرع السلطة السياسية والإعلامية للحديث عن ترشح بوتفليقة وإجراء الانتخابات في وقتها المحدد، مؤشر واضح على أن الأطراف الفاعلة في السلطة لم تتوصل إلى تفاهمات وتوافقات بشأن البديل الممكن لبوتفليقة في الحكم، خصوصاً في ظل وجود أكثر من شخصية طامحة للحكم أو تريد فرض خيارها. ويضيف بن دريهم في تصريح لـ"العربي الجديد": "أعتقد أن أطراف السلطة أصبحوا يدورون في حلقة مفرغة، ولا يوجد مشروع سياسي واضح يجمع بين الأطراف المتناقضة في السلطة عدا المصالح الآنية في عهد بوتفليقة، ومع بدء تقلص المصالح بسبب تقلص عائدات المحروقات والوضع الصحي للرئيس، فإن كل طرف يعتقد أن مستقبله السياسي مهدد، ويجب أن يستمر ببقاء بوتفليقة لفترة أخرى، لربح الوقت على الأقل قبل الحسم السياسي، وهذا تفكير عصابي أكثر منه تفكيرا مسؤولا". ويعتبر أن ذلك يعني أن "الجزائر وصلت إلى انسداد شامل، والأشهر القليلة المقبلة ستكون مهمة جداً في تاريخ البلاد".
وليس صدفة أن تتزامن عودة الحديث عن ترشح بوتفليقة في انتخابات إبريل، مع إعلان حاكم العاصمة الجزائرية عبد القادر زوخ، عن إطلاق المرحلة الـ24 من أكبر عملية ترحيل لسكان الأحياء الهشة (القديمة والفقيرة) في العاصمة وضواحيها، تشمل آلاف العائلات، ومنحهم آلاف الشقق السكنية في مختلف المحافظات. وجعلت السلطة في الجزائر من شراء السِلم الاجتماعي مدخلاً مهماً لتهدئة الشارع في الاستحقاقات الهامة ولتمرير المشاريع السياسية، وفي مثل هذا الوضع، فإن العارفين بعمل السلطة في الجزائر يعتقدون أنها لن تُقدم على تأجيل الانتخابات لتلافي نسف منجز الاستقرار السياسي والمؤسساتي الذي تزعم أن بوتفليقة حققه خلال أربع ولايات رئاسية سابقة، أو تمديد ولاية الرئيس خارج الإطار الدستوري.
لكن الضابط الوحيد الذي سيحسم أفق انتخابات 2019، لا يتعلق بالدستور أو بشخصية بوتفليقة المعروف عنه التمسك بالحكم، بقدر ما يتعلق "بقانون البيولوجيا" الذي يحدد إلى أي مستوى يمكن أن يستمر بوتفليقة في الحكم، وهو عليه خلال 16 يوماً دستورياً استدعاء الهيئة الناخبة قبل تاريخ 14 يناير/كانون الثاني المقبل، وسيتبين عندها الخيط الأبيض من الخيط الأسود.