لم يبق أمام رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الكثير من الوقت، بعد اتساع حدة الأزمة السياسية في البلاد، إثر فشل جلسة البرلمان مساء أمس الثلاثاء بتمرير مرشحي الحقائب الوزارية المتبقية، بعد انسحاب تحالف "سائرون" من الجلسة، اعتراضاً على ترشيح فالح الفياض، القيادي بمليشيات "الحشد الشعبي" وزيراً للداخلية، بينما قلل سياسيون ومراقبون من قدرة عبد المهدي على تجاوز هذه الأزمة.
وقال مسؤول قريب من مكتب عبد المهدي، لـ"العربي الجديد"، إنّ "عبد المهدي أجرى ليل أمس اتصالات ولقاءات مع قادة الكتل السياسية، وخاصة مع تحالف البناء"، مبينا أنّ "اللقاءات والاتصالات أجريت مع قادة كتل البناء، وسائرون، والنصر، وزعيم تحالف الحكمة عمار الحكيم".
وأكد، أنّ "عبد المهدي حاول إقناع هذا المحور بضرورة تمرير مرشحي التشكيلة الحكومية، وعرض على تحالف سائرون تمرير ستة مرشحين فقط، وتأجيل مرشحي الدفاع والداخلية"، إلا أنه وبحسب المصدر رفض تحالف "سائرون" وكتل تحالف "البناء" ذلك، مطالبين باستبدال المرشحين كافة، وأن يتولى حقيبتي الداخلية والدفاع ضباط مستقلون".
وفي حين لفت المسؤول إلى أن الحوارات ستستمر خلال هذين اليومين، وأن عبد المهدي لديه مرشحون بدلاء، سيحاول إقناع الكتل بتمريرهم"، أشار إلى أن "رئيس الحكومة أصبح اليوم في موقف ضعيف جداً، وأيقن عدم قدرته على تشكيل الحكومة بالاعتماد على تحالف واحد".
من جهته، قال النائب عن تيار الحكمة، علي البديري، في تصريح صحافي، إنّ "المرشحين الذين قدمهم عبد المهدي إلى البرلمان، كانوا مفروضين عليه، وهو لا يمتلك أي قرار باختيارهم، فهو شخصية مسيرة"، مبينا أنّ "فرض مرشحين على البرلمان، وإجباره على التصويت عليهم، حوّل البرلمان إلى حلبة صراع".
وأكد أنّ "تغليب الإرادات الشخصية على الإرادات الوطنية، لفرض شخصيات للحقائب الوزارية، سيعيد مشهد الصراع في الجلسة المقبلة".
ويؤكد تحالف سائرون، بزعامة مقتدى الصدر، أنّ "العد التنازلي بدأ لحكومة عبد المهدي، في حال استمراره بالخضوع الى الإرادات والإملاءات"، وقال النائب عن التحالف، صباح الساعدي، في بيان صحافي، إنّ "عبد المهدي تجاهل رسالة الصدر، التي تطرقت الى إدارة ملف الوزارات الشاغرة، وتصحيح الوزارات، وأنّ هذا التجاهل وضع عبد المهدي أمام المسؤولية القانونية والدستورية والوطنية والشعبية والسياسية".
واعتبر أنّ "تحالف الإصلاح، ومعه الاتحاد الوطني الكردستاني، أثبتوا أنهم قادرون على إيقاف المشاريع الخارجية التي تحاول فرض الإرادة على العراق"، مؤكدا أنّ "ما حصل خلال جلسة البرلمان يوم أمس، هو وقفة وطنية، وليس الهدف منه تعطيل إكمال التشكيلة الحكومية".
إلى ذلك، يؤكد مراقبون، أنّ فشل عبد المهدي بتمرير مرشحي الوزارات خلال جلسة الأمس، ضيق عليه فرص إكمال حكومته، وقال الخبير السياسي فلاح العلواني، لـ"العربي الجديد"، إنّ "تجربة جلسة الأمس وضعت عبد المهدي بموقف صعب للغاية، وسيرضخ لشروط تحالف سائرون والإصلاح"، مبينا أنّ "الوضع السياسي تعقد للغاية، وأنّ حوارات عبد المهدي، اليوم لا تجدي نفعا أمام تصعيد الكتل السياسية".
كما أشار الى أنّ "الخيارات أمام عبد المهدي، باتت صعبة للغاية، ولا خيار أمامه إلّا التسليم لإرادات وإملاءات الكتل السياسية، للحفاظ على منصبه".