أضحى النقاش حول خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي "بريكست" معركة مؤلمة بين المشرعين وحكومة رئيسة الوزراء، تيريزا ماي، بعدما شهد أمس الثلاثاء هزيمة الحكومة لثلاث مرات في مجلس العموم، ليكون السجل الأسوأ لأية حكومة بريطانية في يوم واحد منذ أربعين عاماً.
وتحاول ماي الحفاظ على اتفاق "بريكست" بعد أن تعرضت حكومتها لضربة مزدوجة من البرلمان، فنشرت الحكومة اليوم مشورتها القانونية الكاملة بشأن "بريكست"، بعد الاعتراض أمس على عدم نشرها وفق ما ينص القانون.
ووجد المشرعون أمس أن الحكومة تزدري البرلمان لرفضها نشر المشورة القانونية حول الاتفاقية. كما أجبر البرلمان على تعديل خطط خروج بريطانيا، ما يمنح المشرعين رأياً أكبر حول ما سيحدث بعد ذلك، إذا ما تم إلغاء الاتفاق بين الحكومة والاتحاد الأوروبي.
وكان دومينيك غريف، النائب عن المحافظين، ومن مؤيدي البقاء في الاتحاد الأوروبي، قد قاد تعديلاً قانونياً حصل على دعم من مختلف الأحزاب البريطانية يعزّز من سلطة البرلمان في حال التصويت ضد صفقة "بريكست"، ما يقلل من احتمالات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي من دون اتفاق.
وقال غريف "لقد باشر النواب هذه الليلة استعادة السيادة. لن يتم تقويض سلطة البرلمان، والتي تعكس سلطة الشعب، بعد اليوم. يجب أن يستعيد البرلمان السيطرة ومن ثم منح القرار الأخير للشعب، لأنه في النهاية، لا يستطيع تسوية الأمر سوى الشعب".
ونال التعديل الذي تقدم به غريف دعم نواب "الحزب الاتحادي الديمقراطي الأيرلندي" الذي صوت دائماً إلى جانب ماي، إضافة إلى 26 من نواب المحافظين الذين تمردوا على خط الحزب الرسمي. وشمل التمرد المحافظ نواباً يعتبرون من أشد الموالين لماي مثل داميان غرين ومايكل فالون.
وافتتحت ماي يوم أمس نقاشاً برلمانياً سيدوم حتى موعد التصويت على اتفاق بريكست يوم الثلاثاء المقبل، بقولها "لقد قضيت قرابة السنتين في التفاوض على هذه الصفقة. فقدت خلالها العديد من الزملاء. وواجهت نقداً حاداً من كافة الأطراف".
ووجهت رسالة إلى مؤيدي بريكست مشدد في مجلس العموم بالقول "لا تعتقدوا أن بإمكان أي كان الحصول على صفقة أفضل بمجرد الصراخ بصوت أعلى". كما حثت المجلس على التصويت لصالح صفقتها لإعادة توحيد البلاد من جديد.
إلا أن وزير الخارجية المستقيل، بوريس جونسون، قاد هجمات متشددي "بريكست"، واصفاً خطة ماي الخجولة بأنها ستجعل من بريطانيا مستعمرة للاتحاد الأوروبي. كذلك وصف الضمانات المطروحة لتجنب الحدود الصلبة في الجزيرة الأيرلندية بأنها "وصفة للابتزاز" من قبل دول الاتحاد الأخرى. وأضاف "سيلعب الإسبان على جبل طارق. والفرنسيون سيسعون وراء سمكنا ومصرفيينا. الألمان سيرغبون في تنازلات حول حرية التنقل لمواطني الاتحاد الأوروبي".
وستقوم ماي بتنظيم اجتماع بين وزير جبل طارق فابيان بيكاردو ونواب المحافظين، بهدف إقناعهم بجدوى خطتها. ويمكن للتغيرات الجذرية في العلاقة بين بريطانيا والاتحاد الأوروبي أن تؤثر على حياة البريطانيين المقيمين في جنوب إسبانيا والذين يعملون داخل حدود جبل طارق.
وفي حال تصويت البرلمان ضدّ صفقة ماي، فإنه يتوجب عليها طرح البديل أمام البرلمان خلال 21 يوماً. ويستطيع البرلمان بعد تعديلات أمس التدخل في صياغة ما سيجري بعد ذلك، وهو ما يأمل البعض أن يؤدي إلى التوجه إلى استفتاء ثانٍ، وخاصة بعد أن كشف استطلاع أجري لصالح "ذا تايمز" البريطانية أن 49 في المائة من البريطانيين يرون أنه كان من الخطأ التصويت لصالح الخروج من الاتحاد الأوروبي، بينما يرى 38 في المائة عكس ذلك.