قالت 14 منظمة حقوقية دولية وإقليمية إنّ الانتخابات الرئاسية في مصر، المقررة في مارس/آذار المقبل، لا تفي "بالحد الأدنى من المتطلبات" اللازمة لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، ودعت حلفاء القاهرة إلى التنديد بالانتخابات "الهزلية".
ويسعى المشير السابق، والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي، إلى ضمان ولاية ثانية في انتخابات مارس/آذار المقبل، أمام منافسه الوحيد، وهو سياسي مغمور وأحد أشد مؤيديه.
وقدّم رئيس حزب "الغد" موسى مصطفى موسى، أوراق ترشّحه قبل ساعات من إغلاق باب الترشح، ليرفع حرجاً بالغاً عن السيسي وحكومته باقتصار الاختيار على مرشح واحد.
في الوقت نفسه، يخضع قادة في المعارضة، والذين دعوا إلى مقاطعة التصويت، للتحقيق بسبب مزاعم حول سعيهم لزعزعة استقرار البلاد.
وقالت المنظمات، إنّ حكومة السيسي "قمعت الحريات، وألقت القبض على مرشحين محتملين، وانحازت إلى أنصارها".
— icj (@ICJ_org) February 13, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— icj (@ICJ_org) February 13, 2018
|
وأشرف السيسي، منذ عام 2013، على حملة قمع واسعة النطاق ضد معارضيه، حيث أودع الآلاف من "جماعة الإخوان المسلمين"، وعشرات النشطاء، السجون. وجاءت هذه الحملة في أعقاب انقلاب الجيش، بقيادة السيسي، على الرئيس محمد مرسي المنتمي لـ"جماعة الإخوان المسلمين"، والذي بقي في منصبه عاماً واحداً.
وبعد انتخابه، أسكت السيسي جميع معارضيه في وسائل الإعلام، ما يشكل تراجعاً عن الحريات التي أسفرت عنها ثورة 25 يناير عام 2011. كما فرض السيسي قيوداً صارمة على تنظيم المظاهرات وأنشطة المنظمات الحقوقية.
وجاء في بيان المنظمات الدولية الأربع عشرة أنّ "الحكومة المصرية لم تطبّق الحد الأدنى من الشروط لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، بين 26 و28 مارس/آذار".
وأضاف البيان "بعد سبع سنوات من ثورة عام 2011، استخفت الحكومة بالحقوق الأساسية التي قاتل المتظاهرون من أجلها".
وكانت عدة أحزاب معارضة قد طالبت بمقاطعة الانتخابات. وبعد ذلك بيوم، هدد السيسي باستخدام القوة، بما يشمل الجيش، ضد من يقوّضون "استقرار مصر أو أمنها". وفي 6 فبراير/شباط الجاري، أمر مكتب النائب العام بفتح تحقيق ضد 13 من قيادات المعارضة دعوا للمقاطعة، واتهمهم بالدعوة إلى "قلب نظام الحكم".
كما اعتبرت المنظمات أنّه يتعيّن "على حلفاء مصر إعلان موقفهم الآن والتنديد بهذه الانتخابات الهزلية، بدل الاستمرار في الدعم غير المشروط لحكومة تقود أسوأ أزمة حقوقية في البلاد منذ عقود".
ودعا البيان "الأطراف التي تقدّم دعماً مالياً كبيراً للحكومة المصرية"، ولا سيما الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والدول الأوروبية، إلى جعل "حقوق الإنسان جزءاً أساسياً في علاقاتها بمصر".
وشدد البيان على أنّه يتعيّن على هذه الدول "وقف كافة المساعدات الأمنية التي يمكن استخدامها في القمع الداخلي، وأن تركّز المساعدات على ضمان التحسّن الملموس في تدابير حماية حقوق الإنسان الأساسية".
وندّدت المنظمات بالمناخ السياسي "الذي يحرم الناس من حقوقهم في المشاركة السياسية وفي حرية التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع السلمي"، وبالإطاحة بمنافسين رئيسيين للسيسي أعلنوا نيتهم الترشح للانتخابات الرئاسية.
ودعت المنظمات، السلطات المصرية، إلى "الإفراج فوراً عن جميع المعتقلين من جراء الانضمام إلى حملات سياسية أو لذكرهم نية الترشح في الانتخابات".
— Wenzel Michalski (@WenzelMichalski) February 13, 2018
" style="color:#fff;" class="twitter-post-link" target="_blank">Twitter Post
— Wenzel Michalski (@WenzelMichalski) February 13, 2018
|
والمنظمات الصادر عنها البيان هي (هيومن رايتس ووتش، ومركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان، والخدمة الدولية لحقوق الإنسان، وروبرت ف. كينيدي لحقوق الإنسان، وسوليدار، والفدرالية الدولية لحقوق الإنسان، ولجنة الحقوقيين الدولية، ومراسلون بلا حدود، ومشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط، والمنظمة العالمية لمناهضة التعذيب، ومنظمة CNCD-11.11.11، ومنظمة CIVICUS “World Alliance for Citizen Participation”، وهيومن رايتس فيرست، ويوروميد رايتس)
انتخابات بلا مرشحين
وتم إقصاء العديد من المنافسين للسيسي على الرئاسة، أو تعرّضوا لضغوط دفعتهم إلى التخلّي عن الترشّح.
وكان رئيس الأركان المصري السابق، سامي عنان، استُبعد من السباق الرئاسي، في يناير/كانون الثاني الماضي، بعيد إعلانه نيّته الترشّح، وقد اتهمته قيادة الجيش المصري بالترشّح من "دون الحصول على موافقة القوات المسلحة".
بدوره، أعلن رئيس الوزراء المصري السابق، أحمد شفيق، مطلع يناير/كانون الثاني، أنّه عدل عن الترشّح، بعد أن كان أعلن من الإمارات حيث كان يقيم، أنّه ينوي الترشح للانتخابات. ولدى وصوله إلى مصر، اختفى عن الأنظار لنحو 24 ساعة، ليعلن بعدها أنّه يعيد درس نيته الاستمرار في الترشّح.
كذلك أعلن رئيس حزب "الإصلاح والتنمية" المصري، محمد أنور السادات، النائب البرلماني السابق، عدم المشاركة في الانتخابات الرئاسية، بعد أن رأى أنّ المناخ الحالي لا يسمح بذلك، كما أعلن المحامي اليساري المدافع عن حقوق الإنسان، خالد علي، عدوله عن الترشح، عازياً قراره إلى اعتقال بعض مساعديه في الحملة، إضافة إلى ضيق الفترة الزمنية التي تفصل عن موعد الانتخابات.
وفي تطور متصل، قال الجيش المصري، في وقت متأخر، أمس الإثنين، إنّ القوات المسلحة ستتخذ إجراءات لحماية "شرفها وعزتها"، عقب تعليقات مثيرة للرئيس السابق للجهاز المركزي للمحاسبات الخاص بمكافحة الكسب غير المشروع في البلاد.
وصرّح المستشار، هشام جنينة، لمحطة تلفزيونية عربية خاصة، في وقت سابق من هذا الأسبوع، أنّ رئيس الأركان السابق للجيش، سامي عنان، يمتلك وثائق تجرّم "من يقودون البلاد". وقال إنّ الوثائق يتم الاحتفاظ بها في الخارج، وسيتم نشرها في حال وقوع أي ضرر لعنان.
واعتقل الجيش عنان، الشهر الماضي، بعد أيام فقط من إعلان اعتزامه الترشح للرئاسة. وقال الجيش، إنّ عنان يواجه اتهامات بالتحريض ضد الجيش والتزوير.
وقال الجيش، في بيان، إنّ تصريحات جنينة تثير "الشكوك" حول الدولة ومؤسساتها، وإنّه سيحيل الأمر إلى السلطات "ذات الصلة" لبدء إجراءات قانونية، وهو ما يوحي أنّ جنينة سيُستدعى للاستجواب.
وبالفعل، أعلن المحامي علي طه، الوكيل القانوني لجنينة، وعضو حملة ترشح عنان للرئاسة، القبض على جنينة، اليوم الثلاثاء، من منزله، بواسطة قوة من مباحث قسم التجمع الأول بضاحية القاهرة الجديدة.
ورجّح مصدر قانوني أن يُحال جنينة، خلال ساعات، إلى النيابة العامة أو النيابة العسكرية للتحقيق في بلاغ مقدم من وزارة الدفاع.
وقاد جنينة الجهاز المركزي للمحاسبات في مصر حتى أقاله السيسي في 2016.
(العربي الجديد)